“أزمة عاملي بيرزيت”.. حراك جديد بمطالب نقابية وسط الخشية من تصاعد الأمور

مدار نيوز \
منذ أربعة أسابيع عادت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت للتحرك بفعاليات تطالب بجملة من الحقوق النقابية من إدارة الجامعة، مع تأكيدها على عدم الإضرار بالعملية التدريسية الأكاديمية، لكن تلك العودة للحراك النقابي يخشى من تصاعده والعودة مجددًا لتصعيد الأزمة.
مطالب نقابية مستمرة
ورغم إنهاء الإضراب أواخر شهر سبتمبر\ أيلول الماضي، الذي استمر بشكل متواصل 40 يومًا للمطالبة بجملة من الحقوق النقابية، وعودة الحياة الأكاديمية للجامعة، إلا أن نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت أكدت عودتها لخطواتها وإجراءاتها للمطالبة بحقوقها النقابية، دون اللجوء لخطوات تضرّ بالعملية الأكاديمية، وفق ما أكدته لـ”القدس” دوت كوم، رئيسة النقابة د. لينا ميعاري.
وكانت إدارة جامعة بيرزيت ونقابة العاملين فيها؛ أعلنوا عن انتظام الدوام واستئناف التدريس للدورة الصيفية في شهر أكتوبر\ تشرين أول 2022، بعد 40 يومًا من تعليق الدوام والإضراب، لمطالبة العاملين بالجامعة بمطالب نقابية.
تقول ميعاري:”لقد عدنا بعد إيقاف الإضراب لحوار مباشر مع إدارة الجامعة، على أمل حلّ الأمور، لكن في ظل عدم تجاوب الإدارة اضطررنا للعودة لإجراءاتنا النقابية، وهي مستمرة ومبنية على أننا لن نتنازل عن حقوقنا، ونحاول أن لا تمس بقدر الإمكان بالطلبة والتدريس، لا بد أن يقف الجميع عند مسؤولياته وأن تحل الأمور وفق حوار جدي ومسؤول”.
وتضيف ميعاري، “للأسبوع الرابع على التوالي تتواصل إجراءاتنا داخل الجامعة بخطوات عديدة، بحيث نعلن عن تلك الإجراءات كل أسبوع، بحيث نكون ملتزمين بالتدريس وأن نكون حريصين على مطالبنا دون الإضرار الطلبة والعملية الأكاديمية”.
ومن تلك الإجراءات وفق ميعاري، “مقاطعة العمل بلجان الجامعة، والتوقف عن أداء مهمات أخرى غير التدريس كتعليق العمل الإداري داخل الجامعة لساعات مختلفة، وعدم تسليم الإداراة علامات مع مقدرة الطلبة على معرفتها”.
وتؤكد نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت على لسان ميعاري، على أنه “لن يكون هنالك هدوء واستقرار بالجامعة حتى تحقيق المطالب، دون الإضرار بمصالح الطلبة”، مشيرة إلى أن إدارة الجامعة بتقوم بإجراءات في إطار محاولة معاقبة الملتزمين بالإجراءات النقابية كالخصم من إجازات الموظفين الإداريين، داعية إدارة الجامعة للالتزام وتنفيذ مطالب الموظفين بدل الخوض بإجراءات عقابية على أساس نقابي لأن العقوبات لن تثني النقابة عن المطالبة بحقوق الموظفين والعاملين.
وتشدد ميعاري على أنه لا توجد أية وساطات حالية بين النقابة وإدارة الجامعة استنادًا إلى أن ما يجري هو خلاف داخلي، على أمل أن تحل الأمور.
ورغم إشارة ميعاري إلى محاولة فرض إجراءات عقابية، إلا أن نائب رئيس جامعة بيرزيت للتنمية والاتصال، د.غسان الخطيب يؤكد لـ”القدس” دوت كوم، أن تلك الإجراءات ليست عقابية، إنما تأتي في سياق محاولة إدارة الجامعة ترتيب أمورها وتعويض ما فات بسبب الإضراب، وأن ما يجري ليس خصم إجازات وإنما تعويض عما فات الجامعة.
مطالبات نقابية.. بخطوات أقل ضررًا
نقابة أساتذة وموظفي جامعة بير زيت تأمل أن تلتزم الإدارة باتفاقية الكادر المبرمة عام 2016، وتلبية جملة من المطالب التي نفذت الجامعة جزءًا منها، وفق ميعاري، التي تؤكد محاولات من إدارة الجامعة لخصخصة نظام التأمين ومنحه لشركات خاصة، إضافة إلى وجود قضايا أكاديمية عالقة تأمل النقابة أن تحل كتزايد أعداد الطلبة بالشعب ما يؤثر على الجودة الأكاديمية.
في المقابل، يؤكد نائب رئيس الجامعة للتنمية والاتصال د.غسان الخطب أن هنالك انسجام ما بين إدارة الجامعة والنقابة بعدم تعطيل الحياة الأكاديمية في الجامعة، وأن جميع الأطراف أدركت خطورة وتأثير اللجوء إلى خطوات مبالغ فيها عطلت ألحقت الأذى بالجامعة أكاديميًا وماليًا وإداريًا، إذ إن المبالغة بتلك الخطوات أدت لنتائج عسكية سلبية.
ووفق الخطيب، هنالك سببان جعلا الخطوات النقابية أقل ضررًا على الحياة الأكاديمية؛ الأول انه تمت معالجة الأغلبية الساحقة من القضايا مع النقابة، والأمر الآخر الاعتقاد بأنه من الممكن احتواء الأمور بشكل أفضل من خلال الحوار، فيما عبر الخطيب عن تفاؤله من حل كل الإشكاليات دون اللجوء إلى التصعيد.
لماذا لم تلبَ المطالب؟
يؤكد الخطيب أن جامعة بيرزيت لديها ظروفها المالية الصعبة، وليس من الحكمة أن تضيف على عاتقها أعباء مالية جديدة، كون الجامعة غير قادرة على الخروج من تلك الأزمة المالية في الآونة الأخيرة لأسباب عديدة، وأن اللجوء إلى الإضراب وتعطيل العملية الأكاديمية وخاصة بفترة تسجيل الطلبة يضر بالجامعة ماليًا، حيث أن إيراداتها من تلك الأقساط هي 87%، ومن الصعوبة زيادة الأقساط.
ويشدد الخطيب على أن “أية مطالب نقابية ضمن الاستحاقات القانونية تتم معالجتها أولاً بأول، ولكن أن يتم وضع مطالب بأعباء مالية جديدة أمر صعب”.
ويتفهم الخطيب قضية ثبات الدخل للموظفين ولا يرتفع منذ سنوات خاصة مع أن الغنفاق في حالة ازدياد، لكن ظروف الجامعة المالية صعبة، وبخاصة أن مصاريف الجامعة تصل إلى 85% منها لدفع فاتورة رواتب موظفيها.
وينوه الخطيب إلى أن الحكومة الفلسطينية كانت تساهم بمساعدة الجامعات الفلسطينية، لكن تلك المساعدات تتناقص تدريجيًا إلى أن وصلت إلى الصفر في السنوات الأربع الأخيرة، “لقد بات مطلوبًا من المجتمع الفلسطيني أن لا تترك الجامعات الفلسطينية تحدد مصيرها، والتعليم العالي جزء من المسؤولية المجتمعية، ويجب أن يكون له حصة بموازنة الحكومة بشكل متناسب”.
احتواء الأزمة قبل تفاقمها
رغم أن الإجراءات النقابية أقل حدة، إلا أن نقابيون يؤكدون على ضرورة احتواء الأزمة في جامعة بيرزيت، قبل تفاقمها والوصول إلى التصعيد مستقبلًا، وعدم الانتظار حتى تصعيد الأزمة، كما أنهم يؤكدون على ضرورة تفهم إدارة الجامعة لمطالب العاملين فيها.
ويقول الناشط النقابي ورئيس الهيئة العامة لمركز إبداع المعلم عمر عساف لـ”القدس” دوت كوم، “لقد بات مطلوبًا من الجميع عدم انتظار الأمور في جامعة بيرزيت حتى تتصاعد، نحن تواصلنا مع نقابة أساتذة وموظفي الجامعة وهناك شكاوى من أن إدارة الجامعة غير جادة بالتعاطي مع مطالبهم”.
ويضيف عساف، “لذا بات مطلوبًا من الجميع التدخل لحل الأزمة في جامعة بير زيت قبل تفاقمها، ومن المفترض أن أجسام الجامعة المختلفة أن تقف عند مسؤولياتها وتحديدًا إدارة الجامعة”.
ويحذر الناطق باسم مجلس اتحاد النقابات في الجامعات الفلسطينية، د. صالح عفانة في حديثه لـ”القدس” دوت كوم، من إمكانية أن تتفاقم الخطوات الاحتجاجية في جامعة بيرزيت، حيث لا يمكن فقط الاستمرار بالاحتجاج الإداري حفاظً على الحياة الأكاديمية، وبالتالي الدخول بمرحلة تصعيد قادمة، مطالبًا الجميع بالتدخل لتقريب وجهات النظر بين إدارة جامعة بير زيت ونقابة العاملين فيها، قبل العودة إلى تصاعد الأزمة مجددًا.
ووفق عفانة، فإن خطوات نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت الحالية جاءت أقل حدة دون التأثير على الحياة الأكاديمية، بمثابة فرصة لإدارة الجامعة لحل الأزمة، كما يجب التأكيد أن النقابات بشكل عام لا تلجأ للإضرابات إلا بآخر المراحل حين انسداد أي أفق للحل بشكل اضطراري، مشيرًا إلى أن التذرع بوجود أزمة مالية لدى الجامعة أمر غير صحيح، “بل ما يجري هو خلل إداري ومالي يجب تصحيحه من خلال الجامعة”.
ودعا عفانة مؤسسات المجتمع المدني التي تدخلت ولم تحقق أية نتائج بالتدخل خلال الفترة المقبلة، بشكل فاعل وأن تكون جهة ضاغطة لحل الأزمة، خاصة في ظل تعنت لم يسبق له مثيل من إدارة الجامعة.
كما دعا عفانة إدارة جامعة بيرزيت كذلك، للعمل بروح المسؤولية من أجل حل الأزمة، وتلبية حقوق الموظفين، خاصة أن مطالبهم لا تشكل سوى 80 ألف دينار بشكل تقريبي، سنويًا، وهو أمر يضع الجامعة أمام تساؤلات حول التعنت وعدم الاستجابة لمطالب نقابة أساتذة وموظفي الجامعة، خاصة أن المبلغ غير كبير، “نحن نأمل أن تحل الأزمة في جامعة بير زيت بأقل الخسائر لجميع الأطراف وعدم المساس بالعملية التعليمية”.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=269435