حكاية الارتباط على شباك السجن ..الأسير صنوبر.. مصيرٌ محكومٌ بين قفصين

صفا :بين قفص الأسر الحديدي وقفص الزوجية الذهبي، رَهَنَ الأسير منذر نايف صنوبر مصيره عندما قرر عقد قرانه مؤخرًا على فتاة مقدسية، رغم مدة حكمه الطويلة.
وصنوبر (40عامًا) من بلدة يتما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، عقد قبل أيام قرانه من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي على الفتاة هبة عيّاد من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة.
ويمضي الأسير صنوبر حكما بالسجن المؤبد أربع مرات، إضافةً إلى 30 عاماً، لكنه يأمل أن ينعم بالحرية في أقرب وقت ليمضي حكما بالزواج المؤبد مع من خفق لها قلبه لتكون شريكة حياته.
وكان اعتقل الأسير بتاريخ 29/12/2003، بعد مطاردة طويلة، وينسب له الاحتلال المسؤولية عن عدة عمليات أدت إلى مقتل وجرح عدد من جنوده.
وهبة (30 عاما) التي تعمل في مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية برام الله منذ تخرجها من الجامعة قبل خمس سنوات، بدت في غاية السعادة والقناعة بعقد قرانها.
وأكدت أن اقترانها بالأسير صنوبر جاء عن قناعة تامة، وليس لمجرد التعاطف معه كونه أسيرا.
وشرحت هبة ” كيف تعرفت إلى الأسير صنوبر، مبينة أنها التقت به عدة مرات على شباك الزيارة في السجون، بينما كانت تزور شقيقها الأسير.
وقالت: “في البداية جرى بيننا حديث عادي ضمن اهتمامي بالأسرى، وبعدها علمتُ أنه يبدي اهتماما بي ويسأل عن أخباري، ومن هنا بدأت أنشدّ نحوه”.
وأضافت أنهما قررا الارتباط قبل سنتين، وتمت قراءة الفاتحة، لكنهما قررا مؤخرا عقد القران حتى يسهل عليها الحصول على تصريح لزيارته.
قرار صعب
ورغم انتماء كليهما للجبهة الديمقراطية، إلا أن هبة تؤكد أن هذا الانتماء لم يكن له أي دور في قرار الارتباط بمنذر، كما لم يكن لتعاطفها مع قضية الأسرى أي دور كذلك.
وتشدد على أن كل ما جرى كان بمحض الصدفة، وكان يمكن أن يحدث في أي مكان آخر، مضيفة “صحيح أنني مهتمة بقضية الأسرى، لكن لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن ارتبط بأسير لا زال بالأسر”.
وتؤكد أن القرار جاء بعد تفكير معمق في تبعاته وما سيترتب عليه مستقبلا، وتقول: “لم يكن القرار سهلا”.
وتعبر عن قناعتهما بأنهما خلقا لبعضهما البعض، مشيرة إلى وجود العديد من نقاط الالتقاء والجوانب المشتركة بينهما، مبينة أنه طوال سنتين لم يحدث ما يعكر صفو العلاقة التي تربطهما.
وتبدي إعجابها بسجل خطيبها وشخصيته، خاصة ما قدمه من تضحيات لوطنه، وهو كما تراه إنسانًا واعيًا ويمتلك إرادة حديدية، ومحب للحياة، ومثقف وقارئ للكتب.
وتقول: “رغم أني خريجة جامعية إلا أنني أشعر أمامه بأني لم أتعلم شيئا من الحياة”.
موعد قريب
وسيكون على هبة ومنذر انتظار يوم الحرية الذي لا يعرفان متى يأتي، لكنهما على يقين بأنه قريب، لكنها تقول: “سننتظر إلى حين الحرية القريبة التي ننتظرها من سواعد أبناء شعبنا الذين يعملون لحرية الأسرى”.
وتؤمن بأن خطبتهما ستنتهي حتما بالزواج، فلو لم يرد الله تعالى لهما الزواج لما يسر لهما الخطبة، وتضيف: “طالما أن الإنسان على قيد الحياة ولديه القدرة على الخروج وتكوين أسرة، فليس هناك أي جدران قادرة على حرمانه من الحرية”.
وإذا كانت هبة تؤمن بصواب قرارها، إلا أنها لا تعتقد بأن النجاح سيكون حليف أي خطوة مماثلة، فليس كل الشباب والفتيات لديهم نفس القدرة على التحمل.
وتقول: “حتى الشاب غير الأسير يجد صعوبة في تقبّل شريكة حياته إذا اختارها له أهله، فما بالك حينما يكون هذا الشاب أسيرا؟”.
الأمل بالله
نايف صنوبر، والد الأسير منذر، يبدي أملا كبيرا بالله أن ينال ابنه حريته قريبا، هو وكل الأسرى في سجون الاحتلال.
ويقول للوكالة: “أملنا وإيماننا كبير برب العالمين، ونحن على ثقة بأن السجن لا يغلق على أحد”.
ويبين أن العائلة توجهت لخطبة هبة بطلب من ابنه وبناء على رغبتهما، ويضيف: “حاولنا أن نشرح له عواقب قراره، لكننا وجدناه مدركا لها ومصمما على رأيه، ولم يكن أمامنا إلا تنفيذ رغبته، وهذا أمر طبيعي”.
ويضيف أن ما شجعهم على تنفيذ رغبة منذر هو أنهم وجدوا تفهما وموافقة من جانب عائلة هبة.
قصص ناجحة
ليست هذه الحالة الأولى التي يعقد فيها أسير قرانه من داخل السجن، لكنها من الحالات القليلة التي يكون فيها الأسير أمام مدة اعتقال طويلة، وهي حالات بدأت بالازدياد كما تؤكد الناطقة الإعلامية باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات أمينة الطويل.
وقالت الطويل ” أن ازدياد هذه الحالات مؤخرا حتى بين المحكومين بالمؤبدات، جاء بعد تجارب ناجحة لغيرهم من الأسرى.
وتضيف أن الأسرى شعروا بأهمية الارتباط بالنسبة للأسير، لما له من آثار نفسية ومعنوية مهمة، حيث يفتح له نافذة على العالم ويساعده في متابعة ملفه مع المحامين.
الطويل مرت هي الأخرى بتجربة الخطوبة من أسير محكوم بالسجن 14 سنة، حيث اقترنت به في السنتين الأخيرتين، وعاشت معه فترة خطوبة امتدت لأربعة أشهر بعد الإفراج عنه، وتوجت بالزواج منذ شهر ونصف.
وتشير إلى أن هناك قصص ارتباط ناجحة وأخرى انتهت بالفشل والانفصال، شأنهم شأن غير الأسرى، لكن أغلب الحالات استمرت، ومنهم أسرى ارتبطوا قبل اعتقالهم منذ 14 سنة وحكموا 35 مؤبدا.
وقالت إن هناك حالات ناجحة تعكس نماذج رائعة للحياة الزوجية حتى أفضل من غيرهم، فيما فشلت حالات أخرى بسبب أحد الطرفين وأحيانا بفعل تدخل بعض الأشخاص من الأقارب، ويرجع ذلك لخصوصية كل حالة.
الحكاية خاصة بوكالة صفا
رابط قصير:
https://madar.news/?p=10443