الأمم المتحدة ، نفذ غذاءها و كلامها .. و نحن من بدلنا الاسوارة بالسلاح .. بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز \
تشعر أحيانا ان نقاشات القرون الوسطى التي كانت تمتد أياما و ليال عن عدد الملائكة الذين يتراقصون على رأس الابرة ، أكثر عقلانية من نقاشات هذه الأيام عن حصار غزة و قصفها و تدميرها و تجويعها و قتل سكانها بمن في ذلك أطفالها و نساءها و شيوخها ، من أجل القضاء على مقاومتها لنحو عشرين شهرا ، حتى وصل الامر بالأمم المتحدة ان تعلن عن نفاذ الغذاء ، و نفاذ الكلام ، و تقصد بنفاذ الكلام ، انها لم يبق لديها ما تقوله لكسر هذه الدائرة ، تحذيرات و توصيفات و مناشدات و ادانات ، فلا نتنياهو قادر على تحقيق هدفه ، و لا مقاومة غزة قابلة للاستسلام و رفع العلم الأبيض . المقاومة التي ضربت إسرائيل في مقتل السابع من أكتوبر ، يفترض نظريا انها لا تعرف طريق الاستسلام ، و لا تمتلك في مخازنها رايات بيضاء ، و لا في تلابيب عقلها هذه النهاية المذلة ، و في حجرات قلبها ، تخاف من الاستسلام أكثر مما تخاف من الموت ، وإذا وجد شيئ من بعض هذا القبيل ، فهو فقط لدى أفراد ، حتى لو كانوا متربعين في الصف القيادي الأول . لم يتأتى هذا الموقف المبدئي “نموت و لا نستسلم” ، “جهاد نصر او استشهاد” من محاكاة الدين و تقمص رموزه و ابطاله فحسب ، فهناك ما افادته بعض الفصائل الدينية ، قديمها و حديثها ، عكس ذلك ، و الحديث هنا لا يقتصر على دين الإسلام ، دول بعظمتها كان الصليب يتوسط راياتها خضعت و استسلمت ، عشرات دول الإسلام التي تعد بالملايين ، تعجز اليوم عن تدخيل قارورات ماء الى شعب غزة لكي يشرب . لم يترتب الموقف المبدئي العقدي للمقاومة ، بين ليلة و ضحاها ، بل عبر قرن و أكثر من الزمان ، فعز الدين القسام الذي يتسمى به الجناح العسكري لحركة حماس ، استشهد قبل قيام الكيان بأكثر من عشر سنين ، و حركة فتح قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967 ، و كذلك حركة القوميين العرب قبل ان تصبح الجبهات الشعبية و الديمقراطية و القيادة العامة و جبهة النضال … الخ . لقد تدرجت المقاومة و تعلمت كيف تراكم تجارب هذه الفصائل ، قبل ان يجنح بعضها للسلم ، سلم أوسلو ، الذي تبين للجميع تقريبا ، انه مجرد فخ ، بل تعلمت كيف تتجنب أخطاء الآخرين ، و لكن الأهم من كل ذلك انها تنفست من رئة الشعب ، فأحسنت علاقتها به ، و تطبعت بطباعه ، و حفظت ارثه و تراثه : دوس ما انت دايس ع الزناد / نحمي القدس ونابلس و البلاد / نادتنا البيارة للكفاح / و بدلنا الاسوارة بالسلاح … أما ابرز شعراء المقاومة ، سميح القاسم فقال : ربما أعمل حجاراً.. وعتالاً.. وكناس شوارع / ربما أبحث في روث المواشي عن حبوب / ربما أخمد عريانا وجائع / ربما تطعم للسجن شبابي / ربما تطعم لحمي للكلاب / يا عدو الشمس.. لكن.. لن أساوم / وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم وأقاوم و أقاوم
رابط قصير:
https://madar.news/?p=336999