السلطة بين نار الكابينت والمقدسات .. علي دراغمة

مدار نيوز \ من الواضح ان اسرائيل من خلال اجراءاتها تريد سلطة اضعف من ضعيفة وهذا يتحقق فقط من خلال اقتطاع الاموال والتحكم الدائم بالمعابر والسيطرة الاقتصادية والميدانية على الضفة الغربية وقطاع غزة .
صحفية يديعوت أحرنوت العبرية قالت : الكابينت الإسرائيلي اقتطع نصف ما تدفعه السلطة الفلسطينية “للمخربين” حسب تعبيرها، ففي العام 2018 دفعت السلطة ما مجموعة 1.2 مليار شيقل”.
تبدو السلطة الفلسطينية اليوم بعد قرار اقتطاع الاموال كمن يتقلب بين نارين، نار الالتزام بمخصصات اسر الشهداء والاسرى التي تعتبر من المقدسات والتي لا يجرؤ احد على المساس بها ، ونار الضغط الاسرائيلي الامريكي اللذان يخصمان الاموال التي تعتبر شريان الحياة وبدونها يعني موت بالنسبة للسلطة.
يقول البعض ان المطلوب من السلطة الفلسطينية ان تمارس اعلى درجات الدبلوماسية في مواجهة قرارات الاحتلال بـ اقتطاع الاموال ..والا سيكون هناك قرارات اسرائيلية ابعد سوف تفضي حتما الى مواجهة تريدها اسرائيل المتحكمة بمفاصل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني من خلال ممارسة القوة وفرض الامر الواقع.
وعن تصريح منسوب لوزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة ، يبدو انها وجدت الحل من خلال نيتها توسيع القائمة الضريبة على العديد من القطاعات غير المنظمة، والتي لا تدفع الضرائب كما قالت .
مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه سيتم التركيز على هذه القطاعات، كونها العمود الفقري للاقتصاد الوطني، فيما سيجري تقديم الخدمات لها، هذا التصريح فاجأ الجميع في التوقيت ان صدق .
لكن هناك مسالك دبلوماسية يمكن للسلطة اتباعها عن طريق العرب الذين يقيمون علاقات سرية وعلنية مع اسرائيلي، ولكن حتى هذا الطريق ربما لا يكون متاح بالكامل لان العديد من الدول العربية اصبحت تصطف الى جانب اسرائيل وتطبع معها، حتى دون ان تواجه اي حرج من شعوبها .
حركة فتح التي تمارس كل انواع الديمقراطية في مؤسساتها الحركية من خلال الانتخابات ، تجد نفسها اليوم بـ امس الحاجة الى تجديد شرعية مؤسسات السلطة علها تنجح بحماية مشروعها الوطني التاريخي او البحث عن بديل.
كيف اصبحت القضية الفلسطينية في ذيل اهتمامات العرب والعالم ؟ ربما هذا السؤال يجب ان يوجه الى القيادة الفلسطينية التي لم تعد قادرة على الدفاع عن ما تحقق وما تم انجازه والبناء عليه منذ قيامها بسبب الممارسات الاسرائيلية.
تقدمت السلطة في بعض القطاعات اهمها بعض الانجازات على صعيد الامن الداخلي والصحة وتوفير المدارس والادوات،والرواتب، لكنها اليوم تقف امام جدار مرتفع من الاجراءات الاسرائيلية التي تستعد للقضاء حتى على هذا الفتات من الانجازات .
لا احد يستطيع انكار قدرة السلطة على البقاء حتى الان بفعل ممارسة الدبلوماسية الدولية التي يؤمن بها وحدها الرئيس محمود عباس، لكن كل هذا اصبح كـ لعبة شطرنج شارفت على الانتهاء بحصار الوزير والملك ولم يبقى الا الخطوة الاخيرة التي تحتفض بها اسرائيل لنفسها من اجل استخدامها في الوقت المناسب لها .
يبقى ان نسأل عن الادوات التي تملكها السلطة في مواجهة القرارات الاسرائيلية اذا كان هناك ادوات ، ولكن يبدو ان الجلوس على مقعد لكتابة مقال عن الواقع ليس كالجلوس على مقعد الحاكم الذي يتطلب منه اجراءات عملية يفبلها المواطن وتجبر الاعداء على العدول عن قراراتهم الجائرة .
الاعتراف بفشل المواجهة العسكرية سلفا نتيجة قوة الاحتلال على الارض، لا يعني الاستسلام بل هي معارك لن ينجو منها احد الاطراف دون دفع ثمن ما، والتجربة تؤكد ذلك كما يقول البعض، لكن دائما كان الطرف الفلسطيني الخاسر الاكبر.
لكن هل هناك قدرة للسلطة على التعبئة لاقناع الناس بالمواجهة كما حصل بالماضي؟ ام ان الحروب الدبلوماسية هي الاقرب في الوقت الحالي؟ .
يعتقد المراقبون ان على السلطة القيام برد يكون بمستوى الاجراء الاسرائيلي، ولكن لا احد يعرف حتى الان كيف يمكن للناس الذين اعتادوا على وظيفة وراتب صغير لتدبير حياتهم اليومية الاستغناء عن هذا الفتات لصالح دعم صمود سلطة لم تتمكن حتى الان من تمثيل الجميع بسبب الانقسام الداخلي .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=125009