الشفير … بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز \
على المجتمع الاسرائيلي بنخبه الفكرية والسياسية الآنية منها والاستراتيجية ، الاعتراف ان اسرائيلهم لم تستطع القضاء على الشعب الفلسطيني او حتى الاتفاف عليه عبر مئة عام رغم التباين الهائل بين قوتها و ضعفه ، فيأتي مأفون آخر اسمه بن غفير معتقدا ان بإمكانه القضاء على الشعب الفلسطيني ، بعد المأفونة غولدا مائير التي نفت ان يكون هناك شعب فلسطيني ، والمأفون مناحيم بيغن الذي تساءل امام صحفي امريكي : اين هو هذا الشعب الفلسطيني الذي تتحدثون عنه ، فأجابه الصحفي يوم ذاك : انظر من شباك مكتبك فتراه .
صحيح ان العلاقة بين طرفي صراع قوي وضعيف تنتهي بأن يفتك الاول بالثاني ، و لكن هذا يحدث في الغابة او باستخدام القنبلة الذرية او النووية ، كتلك التي استخدمتها امريكا على مدن اليابان في الحرب العالمية الثانية ، و مع ذلك لم ينته الشعب الياباني و تطلعاته القومية والانسانية في العيش حرا كريما .
و لا حتى في الغابة استطاعت الاسود انهاء الظباء و بقية الحيوانات الضعيفة من آكلة العشب . الالتفاف على الشعب الفلسطيني من خلال قيادته ، هي الوسيلة الوحيدة التي تبقت امامكم ، و لقد استخدمتموها عبر ما سمي باعلان المباديء في اوسلو ، واستنفذتموها بالكامل بعد انتخاب احزاب كهنوتية بالكاد تستطيع ايجاد موطيء قدم لها تحت شمس الكوكب ، و عندما قتل مؤسسها و أبوها الروحي مائير كهانا قبل ما يزيد على ثلاثين سنة في أمريكا ، قال شمعون بيرس متشفيا : مات بالنيران التي أشعلها .
و بغض النظر عن قرار القيادة الاخير وقف التنسيق الامني من عدمه ، فهي صحوة الشعب من سلام الوهم بين الذئب والخروف ، الانفلات من عقال الالتفاف والتحايل التي طالت واستطالت حتى بلغت ثلاثين سنة ، و لا تستطيع القيادة ، اي قيادة ان تخادع نفسها أكثر من ذلك ، حينها ستكون قيادة نفسها فقط ، و ستنظر حولها فلا تجد شعبها يلتف حولها ، و هذا ما جعلها اليوم تقدم على قرارها الاخير وقف هذا التنسيق ، والذي بلا شك سيتبعه قرارات استحقاقية أخرى ، بغض النظر عن إن دخل حيز التنفيذ ام بقي مع وقف التنفيذ .
إن الشعب الفلسطيني بكل فئاته و طبقاته وأطيافه ، يذهب اليوم قصرا و دفعا نحو شفير الانتفاضة العارمة والشاملة ، حيث لم يستطع هذا من الفصائل تفجيرها ، و لا ذاك من لجمها او منعها ، بل بقيت ارهاصات و موجات و بعض من مخاضات لم تنجح في اشعال الفتيل بعد لأسباب تتعلق بالهشيم في شتاء سرعان ما تبدده المجزرة الجنينية او اي مجزرة قادمة .
عندما يحفر الصناديد نفق حريتهم بالملعقة ، فاعلم ان كل فلسطيني و فلسطينية ، بغض النظر عن موقعه و مكانته ، مستعد لحفر نفقه بملعقته . و عندما يحمل فتية مراهقون في عمر الورد وصايا استشهادهم في جيوبهم بدلا من رسائل الحب و قصائد العشق ، فاعلم اننا على الشفير .