الشريط الأخباري

المحكمة الدستورية بين مطرقة النقد وسندان القانون.

مدار نيوز، نشر بـ 2016/11/06 الساعة 10:29 صباحًا

كثرُ الحديث في الفترة الأخيرة عن المحكمة الدستورية، وظهر الخلاف حولها بين مؤيدٍ ومعارض وسيان هما لأن سندهما ومردهما سياسيٌ لا أكثر، فلم يُتناول الموضوع بصبغةٍ قانونية، ونحن هنا لا نقلل من قيمة الآراء التي نُشرت حول الموضوع، و إن كانت السياسية رفيقة القانون فإن هذا الأخير لا بدّ أن يتحرر يومًا من سطوة السياسة والساسة، وفي هذا المقال الذي حاولنا أن يكون مقتضبًا قدر المستطاع سنفند كل الآراء التي أثيرت حول المحكمة الدستورية، ولسنا هنا في مقام انحياز للمحكمة أو لمعارضي تأسيس المحكمة، سنضع النقاط على الحروف لتتضح الرؤيا، وما للمحكمة فلها وما عليها فعليها.

بداية أثيرت مسألة فحواها كيف تؤسس محكمة دستورية في ظل انقسام فلسطيني قسّم شطري الوطن، وحالة سياسية غير مستقرة، وفي الحقيقة إن تأسيس المحكمة في ظل الانقسام هو أحد أطواق النجاة للرقي بالجهاز القضائي عن كواليس السياسة، فالخلفية التاريخية للمحكمة الدستورية كانت في فرنسا وذلك استجابة لما دعى إليه الفقيه “سيس” والذي كان يرى ضرورة إنشاء هيئة قضائية مخولٌ لها سلطة إلغاء القوانين التي تعارض الدستور، أما في فلسطين ففي ظل الحديث عن انتهاء ولاية الرئيس والمجلس التشريعي، فإنشاء المحكمة في هذه المرحلة يكون مساعدًا لسد هذا الفراغ السياسي والقضائي.

أما فيما يتعلق باختصاصات المحكمة الدستورية، فهناك آراء تقول أن قانون تشكيل المحكمة الدستورية رقم (3) لسنة 2006 قد عارض نص القانون الأساسي الفلسطيني وكما هو معروف فإنه لا يجوز لقانون خاص أن يعارض نص دستوري، و يستند أصحاب هذا الرأي في قولهم أن القانون الأساسي حدد ثلاثة اختصاصات للمحكمة الدستورية في حين أن قانون تشكيل المحكمة قد جاء بخمسة اختصاصات، وعند البحث في الاختصاصات التي جاء بها القانون الأساسي في المادة 103 منه نجدها كما يلي: ” 1- تشكل محكمة دستورية عليا بقانون وتتولى النظر في: أ-دستورية القوانين و اللوائح أو النظم وغيرها ب- تفسير نصوص القانون الأساسي والتشريعات ج- الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية وبين الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي..” أما المادة 24 من قانون المحكمة الدستورية فقد جاءت بخمسة اختصاصات هي “1- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة، 2- تفسير نصوص القانون الأساسي والقوانين في حال التنازع حول حقوق السلطات الثلاث وواجباتها واختصاصاتها، 3- الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية وبين الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، 4- الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من جهة قضائية أو جهة ذات اختصاص قضائي  والآخر من جهة أخرى منها، 5- البت في الطعن بفقدان رئيس السلطة الوطنية الأهلية القانونية وفقًا لأحكام البند(1/ج) من المادة 37 من الأساسي المعدل لسنة 2003.”

للوهلة الأولى يُلمس بأن قانون المحكمة الدستورية قد خالف القانون الأساسي، وفي حقيقة الأمر أن قانون المحكمة قد جمع شمل الاختصاصات الواردة في القانون الأساسي والمخولة للمحكمة الدستورية، ودمجها في نص مادة واحدة وليس في ذلك مخالفة لنصوص القانون الأساسي، إلا أنه في الأصل كان القانون الأساسي في غنىً عن تحديد اختصاصات المحكمة وكان الأجدر ترك هذا الأمر للقانون الخاص بها، ولكن رغم ذلك فنحن لا نبرأ نص المادة 24 من قانون المحكمة من الأخطاء التي تصف مصاف أخطاء الصياغة ولا ترقى لتكون خطأ يعارض نص الدستور حيث أغفلت المادة لفظ (وغيرها) الوارد في نص المادة 103 من القانون الأساسي، كما أن المادة 103 من القانون الأساسي في الفقرة ب جاء اختصاص المحكمة في تفسير التشريعات وهذا يشمل القوانين والأنظمة أو اللوائح، وهذا النص جاء عامًا مطلقًا، أما نص المادة 24 من قانون المحكمة في الفقرة الثانية قد قصرت التفسير على القوانين فقط وبذلك أخرجت تفسير الأنظمة واللوائح وفي هذا تقييد لغير مقيد لذا نرى ضرورة تعديل هذا النص لرفع اللبس.

أما بخصوص تعيين هيئة المحكمة وكما هو معروف أن قانون المحكمة الدستورية في المادة الرابعة منه قد حدد الفئات التي يختار منها أعضاء المحكمة كما يلي بالترتيب:” 1- أعضاء المحكمة العليا الحاليون والسابقون 2- رؤساء محاكم الاستئناف الحاليون 3- أساتذة القانون الحاليون أو السابقون في الجامعات الفلسطينية 4- المحامون الذين مارسوا مهنة المحاماة خمسة عشر سنة متصلة على الأقل” و ما حصل أن التعيين لم يراعِ الترتيب في الفئات التي حددها القانون فتم تجاوز أعضاء المحكمة العليا ورؤساء محاكم الاستئناف، واختيرت الهيئة من فئة أساتذة الجامعات، والمشهود لهم أمام الجميع بكفائتهم ونزاهتهم ولكن كان الأجدر أن يراعى الترتيب لما في الشخص الذي جلس للقضاء خبرة أكبر في هذا المجال.

هذا كل ما جاء من آراء حول تأسيس المحكمة الدستورية قد وقفنا على كل واحد منها، وناقشناه من وجهة نظر قانونية، آملين أن نكون قد وفقنا في الاجابة عن التساؤلات التي أثيرت بخصوص المحكمة الدستورية.

شاكر اطميزه و سهام طه/ باحثان قانونيان في خلية البحث العلمي التابعة لجامعة القدس.

رابط قصير:
https://madar.news/?p=14947

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار