“النكشة البثينية”..سخرية لتعرية “المستخبي”!

“نكشة كول هوا”، أجرت مسحا سريعا لواقع الحال الذاتي، اخترقت حواجز الحركة المفروضة برشاقة لغوية خاصة، وحيوية نص جسد قدرة فائقة في التعامل مع الهموم التي يعيشها الانسان داخل حصار مركب بين محتل وسلطة وثقافة موروثة وعادات مكتسبة باتت جزءا من الثقافة السائدة..
بثينة حمدان، سخرت كما لم يسبقها غيرها، من “سيادة الاسرائيلي” في الحياة اليومية االفلسطينية، عبر عملته الاقتصادية التي تحولت الى صنمية حاكمة للسلوك، لخصتها جملة كثفت بها دون تفصيل تلك المظاهر اليومية بقولها ” نحن يا جماعة عبدة الشيكل”، نص قمة السخرية من نمط سلوك وثقافة باتت وكأنها مقدس لا فكاك منه، تكثيف عفوي لواقع مرارته توازي مرارة المحتل، ومن مرارة غائرة في النفس، تحمل سخريتها لتدك جدران السلوك الاجتماعي اليومي ، لتزيل عورته متجولة بين ” مطاعم البلد ومقاهيها”، شوارعها العامرة بالسيارات الى حد الشبع المروري، أسواق تكتظ بشرا يتسوقون بشراهة مثيرة للسؤال، حفلات راس السنة بما لها وعليها..
وبكل سخرية تتساءل طيب من وين هاي الفلوس، سألت وتركت للقارئ ان يتخيل الجواب، اهو ترجمة لسياسة “القروض البنكية” التي أصبحت جزءا من حياة المواطن، سياسة هدفت لفرض السيطرة والتحكم به كي يبقى “عبدا للشيكل من أجل سداد الشيكل”، ما يفرض عليه “الطاعة والسكينة” نحو صاحب راتب أخر الشهر،”الكبير المستخبي”، فبدونه سيغرق في “بحر ظلمات القرض” كي لا يرسله الى ظلمات السجن وكله بالقانون..سياسة ابتدعها الأغنياء ليسطروا على الفقراء، فباتت أحد أهم ظواهر حالنا المصاب بـ”زهايمر اجتماعي”، نقول ما لانفعل ونفعل ما لا نقول..
ولأن واقع الحال أقسى كثيرا من حركة المسح السريعة، اشار “النص البيثيني”، ودون تفصيل، ولكنها اشارة لا بد منها، الى أن ربع أهل البلد فقراء.. جملة بدت وكأنها سكنت تحت درج سلم المظاهر السائدة..الكل لا يريد أن يراها كي يعيش مظاهر حياة “مقولبة”..
وبسهولة تثير الدهشة حقا، تقودك بسخريتها لربط الموروث الثقافي بالنمط الاجتماعي السائد، هروبا من الواقع الى البحث عن الطالع والمستقبل، فيما تقوله الأبراج زيفا يدخل شعورا للنفس الحائرة، وتلتقط بثينة حركة دوران الأرض والسيطرة الصينية على غالب مشتقات حاجات الانسان فتمنح الأبراج الصينية تفوقا ما كان متداولا من ذي قبل ، فأضفت عليها وحدها مصداقية قد تصبح بعد نكشتها اولوية للباحثين عن الطمأنينة..
نكشة بثينة حمدان “كول هوا”، الى جانب كل ما نكشته، قيمة ابداعية خاصة تستحق تقدير مبدعها، بما وجب التقدير..فهي أديبة فلسطين الأولى في الأدب الساخر!