الوجود في صفحتكِ ممتع…خالد سليم

الآن، لا أفعل شيئًا أمام الكمبيوتر إلا أنني أفتح صفحتكِ وأنظر إلى صورتكِ الصغيرة إلى اليسار من الأعلى.
أراقب الحركة يمين الصفحة، ويأكلني الوقت الذي تكونين فيه نشطة؛ وتضعين اللايكات والكومنتات ببذخ يشعرني بالغيرة.
أتأكد أنك مررتِ على كل تحديثات أصدقائك، وأنك بدأت تشعرين بالملل.
أتأكد أيضًا أنك لم تنشري شيئًا، فأي حركة على صفحتك ستشغلك وقتًا طويلاً؛ فبذرةٌ صغيرة من روحكِ على الشاشة، تشدّ الكل وتشغلهم، فتشغلك معهم، و”تليّكين” على تعليقاتهم اللطيفة والسمجة.
أما إن نشرتِ صورة لك، ولو كنتِ التقطتِها ذاتيًّا بالكاميرا الأمامية البائسة لهاتفك، فإن نهاري يكون قد ضاع؛ فلن تكفيك شاشة من 29 إنشًا لاستيعاب الإشعارات الشهيّة يسار الشاشة من الأسفل من كل أصدقائك، باللايكات والكومنتات.
بعد أن أتأكد من كل ذلك، وأشعر أن حركة الماوس في يدك بدأت بالتباطؤ، وأن عجلها متوتر قليلاً؛ يعلو ويهبط بالصفحة بملل، ولا شيء يثير انتباهك؛ ساعتها، وساعتها فقط؛ أستلّ نصًّا خبأتُه طويلاً، خبأته حتى إن لغته باتت صفراء كالحة، تقاتلت فيه حركات الإعراب، وباتت فتحة المفعول به تطلب كسرة المجرور بالإضافة، لترتاح من طول الوقوف، وطلبت علامة التعجب أن تتحول إلى نقطة وكفى، فقد أعياها وقوف عمود جاف فوقها.
بعد كل ذلك؛ أستلّ هذا النص الذي كتبته عنكِ، وأنشره.
أنشره بفرح امرأة تنفض شرشف سرير ابنها قبل تعليقه على الحبل أمام الجارة العزباء، لتقتلها غيرة وحنقًا.
أنشره بفرح رجل فقير ينشر صورته مع ابنه بلباس التخرج من الجامعة ليقهر بها رب عمله الذي فشل أبناؤه في الدراسة.
أنشره بكل سعادة ذاتية وتشفٍّ بأصدقائي.
أنشره يا صديقتي، لأراقب ترددك قبل كل شيء، فأنا في معركة مفتوحة مع فضولك، أأنت المقصودةُ أم غيرُك؟
وأنتظر لأرى.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=7894