خاص لـ”مدار نيو” بإنتظار قرار المحكمة .. بتر الساق الطبيعي ام تكييف الطرف الصناعي؟

التقاضي حين يكون وسيلة لضياع الحق بدلاً من تحقيقه
مدار نيوز- نابلس : آيات عبد الله: ثلاثة أعوام أمضاها الشاب ركان داود “27 عاما” يسير برجل واحد وعكاز، بعد أن تعرض لحادث أثناء عمله في مصنع للبلاستيك، أدى إلى بتر رجله إلى ما فوق الركبة.
تجاوز ركان مرحلة العلاج الأولي بما تحمله من مشقة وألم، ألم جسدي من أثر البتر، وألم عصبي حتى يعتاد الدماغ على التوقف عن إرسال السيالات العصبية إلى ذلك الجزء المبتور، وألم نفسي فكيف سيكمل شابٌ في مقتبل العمر حياته بعد هذا الحادث.
بعد أن شفي دخل المصاب في مرحلة جديدة لتركيب طرف صناعي، ووافق على تركيب طرف في الضفة الغربية بعد إصرار شركة التأمين، إلا أن الطرف كان وزنه 22 كغم، وطوله لا يناسب مستوى البتر في قدم المصاب، فإقترح المركز الذي صنع الطرف، بتر القدم مرة أخرى لتوائم الطرف المصنوع.
يقول المحامي فضل نجاجره الموكل بالقضية :”وكأن المصاب بناء، وأخصائي الأطراف مقاول، فبدل من أن يوائم الطرف القدم، مطلوب بتر القدم لتوائم الطرف وليدخل الشاب في مرحلة عذاب جديدة، وبالتالي نحن رفضنا هذا الخيار بشكل قطعي”.
إلا أن شركة التأمين أصرت على تركيب الطرف رغم أن هناك تقرير من الأخصائي صانع الطرف نفسه يؤكد على أنه لا يناسب حجم البتر في قدم المصاب.
لكن الأمر المثير للدهشة والسخرية معا هو أنه بعد التوجه إلى مركز آخر جاءت النتيجة أن الطرف بحالة جيدة ومناسب لوضع المصاب، بشكل يتناقض تماماً مع تقرير صانع الطرف نفسه.
فتوجه المصاب إلى سامر العويوي أخصائي أطراف صناعية يعمل في مراكز الداخل المحتل، ليؤكد أن الطرف لا يصلح للإستعمال بسبب وزنه الكبير وطوله الذي لا يساوي مستوى بتر رجل المصاب.
قد تُروى قصة الشاب ركان في عشر دقائق إلا أنها في الزمن الحقيقي ثلاث سنين من العذاب والألم، يزداد خلالها وزنه، ويرتكز ثقل جسمه على قدم واحدة مما أدى إلى إصابتها بإلتهابات وضعف، إضافة إلى صعوبة في تنقله فنسبة العجز لديه كما حددتها وزارة الصحة بلغت 65%.
يروي ركان لمدار نيوز:” المحكمة حبالها طويلة، وهذا يؤثر على صحتي، كان وزني قبل الحادث 72 كغم، أما الآن فقد وصل إلى 94 كغم، ولا أستطيع التنقل بحرية، وأنا شاب في أجمل مراحل الحياة، وقت الحادث كان عمري 23 عاما، والآن عمري 27 عاما، وأملي في تركيب طرف صناعي في وقت قريب ضعيف جدا”.
حاولت شركة التأمين دفع مبلغ معين كثمن للطرف الصناعي لكن الطرف ليس كل شيء، فهو بحاجة أيضاً لتأهيل فيزيائي ونفسي حتى يتلاءم مع جسم المصاب، إضافة إلى أنه بحاجة للتغير كل عشر سنين تقريباً.
سُجلت القضية في المحكمة في النصف الثاني من عام 2015 أي قبل عام فقط، بعد أن وصلت التفاهمات بين الشاب وشركة التأمين إلى طريق مسدود، وفضلت الأخيرة متابعة الموضوع من خلال القضاء، لحل الخلاف حول الطرف غير المناسب.
يقول المحامي نجاجرة:” سمعنا حتى الآن وخلال أكثر من عام بينة المدعي ركان، وبقي لدينا بينة شركة التأمين ورب العمل، لذلك من المتوقع ان تأخذ القضية من 4 إلى 5 سنوات”.
وهذا يعني أن المصاب سيبقى في نفس الوضع الصحي الذي يتفاقم مع الوقت حتى تنتهي القضية.
في الجلسة الأخيرة ألزمت المحكمة شركة التأمين أخذ المواصفات المطلوبة للطرف، وتأمينها في أحد مراكز الضفة.
إن الحل الأمثل لمثل كهذا قضية هي أن يذهب المصاب للعلاج ويعود بالفواتير إلى شركة التأمين لتسديدها، لكن الوضع المادي للمصاب هنا لا يسمح بذلك.
بشكل عام تلجأ شركات التأمين إلى دفع المصابين للتوجه للقضاء لتكسب هي مزيد من الوقت وتستغل مشاكل القضاء الفلسطيني والذي تأخذ القضايا فيه سنوات طويلة، فتبقى الشركة تعمل في المبلغ المستحق، وتضع خياراً في حسبانها أن المدعي قد يَمِلُ من كل هذه الإجراءات ويرضى بالقليل.
تغير القضاة بإستمرار أحد الأسباب التي زادت من طول فترة القضية، يقول ركان:” كل فترة يتم تغيير القاضي، وكل قاضي جديد بحاجة إلى 40 يوماً تقريباً لينظر في القضية وبهذا يتم تأجيل الجلسات بإستمرار” وبهذا الحديث يستند ركان الى اقوال المحامي .
يؤكد الشاب ركان:” في إحدى الجلسات كان مقرر حضور شاهد في قضيتي لكن القاضي أجل الجلسة 55 يوماً، لأن أصوات عالية كانت خارج غرفة المحكمة”.
طول المدة التي تمضيها القضية في المحاكم تعود لأسباب كثيرة، وثغرات في القضاء الفلسطيني، واحيانا تكون بسبب المحامين إلا أن إستغلال شركات التأمين وغيرها ممن يرفضون إعادة المستحقات إلى أصحابها يعد أسلوباً لا إنساني في بعض القضايا، في حين يرى مراقبون ان بعض الناس يقومون بتغيير الوقائع للكسب من شركات التأمين الامر الذي يجعل العلاقة بين المواطنين وشركات التأمين في حالة من الاتهام الدائم، الا ان حالة المواطن ركان واضحة ولا تحتاج الى كل هذا الوقت، فقد بترت قدمه وعجزه اوضح من نور الشمس.