بالفيديو.. بائع الصحف الوحيد في الناصرة: فتى في ربيع حياته
في مدينةِ النّاصرة مشهدٌ واقعيّ متكرر لفتى يحملُ الجرائد وينادي ‘الوطن بشيكل وكل العرب ببلاش’، باحثًا عن زبائنٍ لأوراقٍ ما عادت تستهلك في عصر التكنولوجيا، يجوبُ كل يوم أروقة ساحة العين مستثمرًا في هذا العمل، باحثًا عن رزقٍ ما في أخبار الحوادث والسياسة والمجتمع والثقافة.
عُديّ سليمان، هو بائع الجرائد الوحيد في مدينةِ الناصرة، يبلغُ من العمر 15 عامًا ونصف العام، في الصفّ العاشر بمدرسة ‘أورط’، بالرغمِ من صغرِ سنّهِ إلا أنّه ما زال يحارب للحفاظِ على الجرائدِ من الاندثار، كمهنةٍ وثقافة.
الصحف والهواتف الذكية
عُديّ سليمان، القاطن في الحيّ الشرقيّ بالناصرة، تحدث عن عملهِ ببيع الجرائد، وقال إنّه يقوم يوميًا تقريبًا ببيع الجرائد بعد انتهاء دوام مدرستهِ وتحضير وظائفهِ البيتيّة ليهمّ بعدها بالتوجه إلى منطقة ساحة العين لبيع الصحف وكسب المال المقتدر من هذا العمل، مستطردًا أنّ لديه موهبة أخرى يقوم بها في أوقات فراغه، ألّا وهي تصوير مقاطع كوميديّة مصوّرة مع أصدقائه ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
عائلة سليمان هُجّرت من صفوريّة إبان النكبة، ونزحت بعدها إلى الناصرة، هذا ما أفاد به سليمان وتابعَ مفسرًا سبب بيعه للصحف بأنّ ‘الصحف لم تعد منتشرة بين الناس، وأصبحت شبه منقرضة ولا يقرأها أحد، وقد استبدلها المجتمع النصراويّ، كما معظم المجتمعات الأخرى، بالهواتف الذكيّة المحمولة، وبهذا فضّلتُ أنا أن لا تبقى الصحف مرميّة في كل مكان والاستفادة منها بشكل أفضل لي ولمجتمعي’.
وحول الهواتف الذكيّة التي أخذت مكان الصحف في هذا العالم المتطور تكنولوجيّا، عبّر سليمان أنّ ‘الهواتف الذكيّة لها أوقاتها ومناسباتها، وللصحف قدسيتها في الثقافة والأخبار’، وعن الجملةِ الشهيرة التي يرددها سليمان وهو يبيع الصحف ‘الوطن بشيكل وكل العرب ببلاش… جرايد جرايد’ بأنّها تساعده على بيع الصحف، فحين يسمع الناس هذه الجملة ينادونه لأخذ الصحف، وهو يبيع بشكلٍ خاص في منطقة المطاعم بساحة العين.
ثقافة
وعن سؤال حول الفئة أو الشريحة التي تُقبل بشكل أكبر على شراء الصحف، أجاب سليمان أنّ ‘فئة الشباب النصراويّ هي الأكثر إقبالاً على الجرائد، وحتى أكثر من كبار السنّ، ففي ساحة العين تتواجد مطاعم كثيرة يجلس بها الشبان والفتيات بمجموعات، وأحيانًا يكون هناك طلب على شراء الصحف من مجموعات شبابيّة’، ويستحضر سليمان من ذاكرته موقفًا حصل معه، قائلاً: ‘ذهبت مرةً إلى شابٍ أعرض عليه شراء الصحيفة، لكنّه اعتذر مني قائلاً ‘لا خيا بقرأش صحف’، ولكنّه بعد قليل عاد لمناداتي وطلب مني صحيفة كي يقرأها بعد أن أعاد النظر والتفكير، ومنذ تلك اللحظة يشتري مني هذا الشاب الصحف كلّما رآني’.
ونوّه سليمان، الذي يعمل ببيع الصحف منذ عام ونصف، أنّه في أوّل يوم له ببيع الصحف لم يشتر منه أحد أبدًا، وقال إن ‘الإقبال قد تحسن في اليومين الثاني والثالث، ومع حلول عدّة أشهر كان هناك إقبال ملحوظ من قِبل الناس بسبب اعتيادهم عليّ بأنني الوحيد في المدينة الذي أبيع الصحف، فلا أحد سواي في المدينةِ كلها يسير عارضًا الصحف على الناس، وقد سبقني في هذا العمل أخي قبل 8 سنوات مع 3 من أصدقائه، لكنّهم قد انتهوا من هذا العمل منذ 6 سنوات، ومنذ تلك الحقبة الماضية تراجعت شعبية الصحف، وأحاول من خلال عملي الاستفادة منها بدلاً من رميها والتخلص منها، فمن الأفضل أن يقرأ الناس بدلاً من أن تبقى رؤوسهم مغروزة في الهواتف الذكيّة’.
وأضاف أن ‘أيام الجمعة والسبت هي أكثر أيام أبيع بها الصحف، ولهذا انتظر باقي أيام الأسبوع كي يحلّ يوم الجمعة، فأبيع الصحف بعد انتهائي من دوامي المدرسيّ، أما أكثر الصحف التي تلاقي انتشاراً واقبالاً هي تلك التي بها كلمات متقاطعة و’سودوكو’ وزاوية أبراج، فدومًا ما يسألونني عن الصحيفة التي بها هذه الزوايا’.
واختتم بأنّ حلمه في المستقبل أن يكون ممثلاً كوميديًا، وقد أثّر بيعه للصحف على تعزيز لغته العربية وثقافته في السياسة والمجتمع والاقتصاد، ونمّت شخصيته الاجتماعيّة.
نقلا عن “عرب 48”
رابط قصير:
https://madar.news/?p=11807