بلدية نابلس: محطات تاريخية برسم التعيين والانتخاب
وفا – زهران معالي:منذ عام 1869، أصدر العثمانيون مرسوما سلطانيا بتأسيس بلدية نابلس برئاسة نقيب الأشراف الشيخ محمد تفاحة الحسيني، كأول رئيس للبلدية.
مرسوم التعيين الذي مضى على اصداره 147 عاما، حددت فيه صلاحيات المجلس البلدي؛ لاستكمال “طهارة المدينة ونظافتها وتعديل أسعارها وأرزاقها وتحسين عمرانها”.
وجاء في المرسوم الذي اطلع عليه مراسل “وفا”، وهو شامل للصلاحيات والوظائف: “فخر العلماء الكرام ذوي السادات الفخام الشيخ محمد افندي تفاحة الحسيني المنسوب الآن رئيسا للمجلس البلدي في نابلس مركز متصرفية لواء البلقاء زيد فخره”.
وأضاف “لما كان تشكيل المجالس البلدية في مراكز الألوية هو متكفل في محسنات عديدة إلى البلدان، قد نوسب لدى الولاية الجليلة تشكيل مجلس بلدي في نابلس مركز متصرفية لواء البلقاء، ونظرا لأهلية ولياقة جنابك صدر أمر الولاية لتعيينك رئيسا إلى المجلس المذكور، على وجه أن يخصص معاش مناسب تتناوله شهر بشهر اعتبار من تشرين الأول سنة 1284 هجري من واردات ومن مقدرات الرسومات التي تخصص له”.
وتابع، “وحيث المجلس المذكور جرى تشكيله وتقدمت مضبطة جوابية لأعتاب الولاية الجليلة، بطلب تعليمات مصحوبة بعلم مقدار الرسومات المخصص إلى المجلس البلدي مع بوصلاية معاش فيجب أنك تداوم على الحضور إلى المجلس صارفا الهمة بالاتفاق مع عموم أعضائه؛ لاستكمال وسائل طهارة البلدة ونظافتها وتعديل أسعار أرزاقها وتحسين عمرانها حسب التعليمات التي ترد من مركز الولاية إيجابا لحميتك ولما تقتضيه الغيرة الوطنية والإنسانية”.
هذا العام تمر الذكرى السابعة والأربعين بعد المئة لتأسيس البلدية، في الوقت الذي تتحضر فيه لعقد انتخابات للمجلس البلدي في الثامن من تشرين الأول المقبل، لتختار من يرأس المجلس عن طريق الانتخاب للمرة السابعة منذ تأسيسها، بعد أن تعاقب على رئاستها 44 رئيسا منذ التأسيس غالبيهم ترأسوها عن طريق التعيين، وبعضهم تكررت رئاسته لها أكثر من مرة، وفق ما أوضحت مديرة العلاقات العامة في البلدية رجاء الطاهر.
داخل قاعة المؤتمرات في البلدية، علقت 22 من أصل 44 صورة لرؤساء البلدية السابقين، حصلت دائرة العلاقات العامة عليها بصعوبة من الأهالي، تعكس تطور الحياة والتغيرات التي شهدتها المدينة في اللباس، فمن العمامة التي كان يرتديها تفاحة والطربوش الذي امتازت فيه نابلس إبان الحكم العثماني والانتداب البريطاني إلى ربطة العنق.
تقول الطاهر لـ”وفا” إن السلطات العثمانية كانت تتقرب من العائلات العريقة المعروفة في مدينة نابلس، وتعتبرها كمراكز قوى لها، وهو ما دفعها لاختيار الشيخ محمد تفاحة باعتباره من إحدى العائلات التي لها ثقل في المدينة، واستمر في حكمه لها للعام 1872.
وتميزت فترة الحكم العثماني بعدد الرؤساء الذين أداروا بلدية نابلس، حيث بلغ عددهم 17 رئيسا كان آخرهم الشيخ عمر زعيتر، وجميعهم جاءوا بالتعيين، وتميزت فترة رئاستهم للبلدية بقصرها.
وتوضح الطاهر أن العلاقات العامة في البلدية اعتمدت بتوثيق الأحداث قبل 1900 على الكتب و”الفرامانات” الصادرة عن الدولة العثمانية وما توفر من مصادر في مكتبة البلدية.
وتشير الطاهر إلى أن جميع الرؤساء بتلك الفترة كانوا يسعون لتحقيق الرؤية المشتركة في النهوض بالمدينة، وبناء مؤسسة عصرية، وإنشاء البنية التحتية، وتعزيز مكانتها ضمن المدينة، وكان لنابلس ثقل كونها أسست على أساس أنها مدينة من حيث الحدود والمساحة وعدد السكان فلم تبدأ كقرية.
وفي 18-9-1918 احتلت القوات البريطانية مدينة نابلس، وحلت مكان القوات العثمانية التي كانت متواجدة في المدينة واللواء، واستمر الشيخ عمر زعيتر برئاسة البلدية حتى العام 1924، ثم تولى عمر الجوهري رئاستها لعام واحد.
ورغم مرور 147 عاما على تأسيس بلدية نابلس، إلا أنها لم تشهد سوى 6 محطات انتخابية، أولها كان أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين، حيث تسلم في العام 1925 سليمان عبد الرزاق طوقان، رئاسة البلدية واستمر فيها حتى عام 1951، وهي أطول فترة رئاسة في تاريخ البلدية كما تشير الوثائق.
وأضافت الطاهر، إن “ثاني وثالث تلك المحطات فقد جرت في فترة الحكم الأردني لمدينة نابلس، حيث انتخب نعيم عبد الهادي عام 1951 رئيسا للبلدية، وحمدي كنعان عام 1963، واستمر حتى الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. وأجريت الانتخابات البلدية للمرة الرابعة في العام 1976 وفاز فيها بسام الشكعة، الذي حاولت منظمة صهيونية متطرفة اغتياله في شهر حزيران عام 1980.
وأشارت إلى أن السلطة المعينة من قبل الاحتلال أدارت البلدية في الفترة بين 1982-1985، ثم تولى ظافر المصري رئاسة البلدية في ذات العام إلى أن تم اغتياله أمام مبنى البلدية بعد ثلاثة أشهر من توليه المنصب، وتولى رئاسة المجلس البلدي من بعده حافظ طوقان الذي شهدت المدينة في زمانه توسعا في المساحة، حيث أصبحت 27.800 دونم بعد أن كانت منذ عام 1967 حوالي 18 ألف دونم.
وبعد توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، ومع نشوء مؤسسات السلطة الفلسطينية عام 1994، كلف الرئيس الراحل ياسر عرفات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير غسان الشكعة بإدارة دفة بلدية نابلس.
وأوضحت الطاهر، أن الشكعة استمر برئاسة البلدية لمدة 11 عاما، وتسلم إدارتها بعد ذلك عام 2004 لجنة من الحكم المحلي برئاسة حسين الأعرج، وفي عام 2005 أجريت انتخابات مجلس بلدي للمرة الخامسة في تاريخ البلدية والأولى في عهد السلطة الفلسطينية، حيث فاز فيها عدلي يعيش ودامت فترة إدارته 7 سنوات، حتى إجراء الانتخابات للمرة السادسة في تاريخ البلدية عام 2012 حيث تولى غسان الشكعة وقدم استقالته بعد سنتين وثمانية أشهر.
ومنذ شهر آب عام 2015 يدير البلدية لجنة تسيير أعمال برئاسة وزير المواصلات سميح طبيلة.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=3535