تعديل أذونات الإشغال بنابلس يثير جدلًا بين البلدية والمطورين

مع دخول العام الجديد 2017، بدأ سريان التعليمات والإجراءات التي أعلنت عنها بلدية نابلس على صعيد أذونات الإشغال للبنايات السكنية والتجارية، لكن الجدل حولها لم يتوقف منذ الإعلان عنها، بل ارتفعت وتيرته في الأيام الأخيرة.
وكانت بلدية نابلس أعلنت في أكتوبر الماضي عن تطوير آليات التراخيص وأذونات الإشغال للعمارات السكنية والتجارية في المدينة، الأمر الذي لقي ترحيبا في بعض الأوساط، وتحفظا واعتراضا في أوساط أخرى.
وتلزم التعليمات الجديدة مالكي المباني بتشطيب مركز المبنى الأساسي، بما يشمل المداخل والمخارج والأدراج والمصاعد والمواقف والمناور ومتطلبات السلامة العامة.
كما تلزمهم بتشطيب المبنى بالكامل من الخارج، بما يشمل كحلة الواجهات الخارجية، وتركيب نوافذ ألمنيوم للشبابيك ودرابزينات للشرفات الخطرة لكامل طوابق العمارة، وأبواب محكمة الإغلاق للشقق غير المنتهي تشطيبها.
بعض هذه التعليمات أثارت اعتراض المستثمرين بالقطاع العقاري خاصة فيما يتعلق بتركيب نوافذ الألمنيوم.
ويقول رئيس جمعية المطورين العقاريين المهندس محمد الشنار، إن تركيب نوافذ الألمنيوم للشقة قبل انتهاء عمليات التشطيب ينطوي على خسائر وإضاعة للوقت والجهد، ويؤدي لتلفها.
ويبين أن إضافة تكلفة الألمنيوم على الشقة العظم سيرفع من سعرها ويثقل كاهل المشتري، كما أن هناك العديد من الأصناف والتفاصيل المتعلقة بالألمنيوم، والصنف الذي يختاره المستثمر لشقة غير مباعة قد لا يوافق رغبة الزبون.
ويقول إن هذه التعليمات حتى لو كانت سليمة فيجب أن يعطى المطورون مهلة كافية، وأن يتم تطبيقها على العقود الجديدة.
5 آلاف شقة مباعة
وبين أن هناك قرابة خمس آلاف شقة مباعة قبل بداية العام الجديد، وستطبق عليها التعليمات الجديدة، مما سيدخل المطورين والمشترين في مشاكل بسبب دخول عناصر جديدة غير متفق عليها في عقود البيع.
ويرى الشنار ضرورة أن تتوفر لدى المشتري حرية اختيار طريقة الشراء سواء مشطب أم عظم، وعدم إلزامه بشكل واحد فقط.
كما يعترض المطورون على إلزامهم بتحمل مسؤولية البنايات لمدة خمس سنوات بعد بيعها، وهو ما يقول عنه الشنار إنه مخالف للقانون، فسكان البناية هم أولى من غيرهم برعاية مصالحهم.
ويشير إلى أن الإجراءات من شأنها أن تزيد من تكاليف البناء على المطوّر، وبالتالي سيتحملها المشتري، مما يعني زيادة أسعار الشقق المرتفعة أصلا بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والتكاليف.
ويشدد على أن المطورين ليسوا ضد البيع المشطب، بل على العكس، لكن إمكانات المواطنين لا تسمح لهم بشراء شقق مشطبة، لافتا إلى أن سعر المتر العظم بلغ قبل خمس سنوات 200 دينار، أما الآن فيَصل إلى 300-320 دينارا.
ويعتقد الشنار أن حل المشاكل التي تواجه المشترين للشقق يكمن في تحمّل كل جهة لمسؤولياتها، فالبلدية مسؤولة عن منح الترخيص والتنظيم والاستعمالات، فيما يتكفل الدفاع المدني بشروط السلامة العامة، وتتحمل نقابة المهندسين المسؤولية عن الإشراف الفني.
ويضيف أن دور جمعية المطورين هو التعاون مع البلدية والدفاع المدني ونقابة المهندسين والمقاولين وإيجاد قناة مشتركة يتم من خلالها محاسبة كل مستثمر يسيء لهذا القطاع واتخاذ الإجراء المناسب بحقه.
ويؤكد أن وجود الجمعية يساعد في تنظيم العمل من خلال إلزام كل من يعمل بهذا القطاع على الانتساب للجمعية.
“مصلحة المواطن أولًا”
من جانبه، يقول رئيس لجنة بلدية نابلس المهندس سميح طبيلة، إن هذه الإجراءات تصب بالدرجة الأولى في مصلحة المواطن وحماية حقوقه بالحصول على بيت آمن ومريح.
وأضاف أنها تصب بالدرجة الثانية بتطوير العمل الهندسي والإنشاءات، وضبط وتصويب مسار بعض المستثمرين المستهترين بحقوق المواطن، وتدعم المستثمرين المهنيين الذين يهدفون للربح العادل وخدمة المواطن والوطن.
وأوضح أنه حتى نهاية العام 2016 لم يصله أي اعتراض رسمي من المطورين، وأن كل ما يطرحونه عبر وسائل الإعلام يدخل في العموميات ولا يستند إلى أسس علمية وقانونية.
ودعا المطورين إلى تقديم اعتراضات مكتوبة وموقعة لمناقشتها بحوار مفتوح من أجل التوصل إلى نتيجة، مؤكدا أن أبواب البلدية مفتوحة لكل انتقاد بناء لمصلحة المدينة.
ورفض طبيلة الاتهام الموجه للبلدية بمحاولة أخذ دورها وأدوار غيرها، مبينا أن البلدية تمثل الحق العام، وتسعى للحفاظ على مصلحة الجميع، خاصة المواطن العادي الذي قد لا يعرف حقوقه.
وأكد أن تركيب النوافذ لكل البناية قبل اكتمال التشطيب ممكن هندسيا، وتكلفته أقل، ويخضع للإشراف الهندسي، ويمكن للمشتري تسديد ثمنه بإضافة مبلغ صغير على الأقساط الشهرية التي يدفعها للمستثمر.
وبخصوص الشقق المباعة قبل بداية العام الجديد، قال إنه يمكن التفاوض بشأنها بين المستثمر والمشتري وعمل ملحق يضم الإضافات، مبينا أن البلدية جاهزة لتقديم المساعدة لتذليل أية عقبات قد تعترض التوصل إلى اتفاق بين المستثمرين والمشترين.
المواطن “خارج اللعبة”
وفي ظل الخلاف بين البلدية والمطورين حول تلك التعليمات، يبدو المواطن هو الحاضر الغائب وسط هذا الجدل.
ويقول رئيس جمعية حماية المستهلك بنابلس إياد عنبتاوي، إن الجمعية تقف مع أي إجراء يصب في مصلحة مشتري الشقق ويضمن سلامتهم وراحتهم.
ويشير إلى أن الجمعية تواصلت مع الطرفين (البلدية والمطورين) واستمعت لوجهتي نظرهما، وعرضت إجراء حوار مفتوح بين الطرفين لعرض وجهات نظرهما وإيضاح الحقيقة أمام المواطنين.
وفي الأيام الأخيرة قبل بدء سريان التعليمات الجديدة، شرع المطورون بتحركات واتصالات حثيثة، في محاولة لتأجيل هذه التعليمات إلى حين التوصل إلى حلول مرضية.
بدوره، يقول منسق لجنة المؤسسات والفعاليات غسان حمدان لوكالة “صفا” إن اللجنة دخلت على خط الوساطة بين الجانبين وجلست مع المطورين واستمعت إلى وجهة نظرهم.
وأضاف أن المطورين أكدوا أنهم ليسوا ضد القوانين واللوائح، وإنما يعترضون على الآليات التي يتم فيها تطبيق هذه القوانين.
وأضاف أن البلدية من جانبها أبدت لهم استعدادها للحوار والتفاهم وحل أية إشكالية، ولكن في نفس الوقت شددت على ضرورة تطبيق القانون.
وأوضح أن لجنة المؤسسات بانتظار ورقة مكتوبة من جمعية المطورين تبين المبادئ التي سيتم عليها تحديد العلاقة ما بين الجمعية والبلدية.
وكالة صفا
رابط قصير:
https://madar.news/?p=23564