جامعة بير زيت بالنسبة لي..بقلم: د. كرميلا ارمانيوس عمري

مدار نيوز \
على حائط صالون البيت المتواضع الذي ترعرعت به في حيفا، علق أبي شهادة تخرجه من كلية بيرزيت عام 1944 .
كان أبي ابناً وحيداً لأبوين لا يعرفان القراءة والكتابة، ولكن والدته أصرت على تعليمه. كان يحدثنا دائما عن ذكرياته في بير زيت وعلمنا أن نغني نشيد الكلية :
معهد العلم المفدى دُم بعز وسلام
أنت بالأرواح تفدى أيها السامي المقام.
بعد حصولي على شهادة الدكتوراة في الرياضيات من جامعة غرب أستراليا، عام 1981 تحقق حلمي الكبير: التدريس في جامعة بير زيت.
وصلت الى الجامعة غريبة لا أعرف أحدا، فوجدت المحبة وألإحترام من مجتمع الجامعة إدارة وعاملين وطلبة. إستقبلوني بتقدير ومودة، وكان الجميع على إستعداد للمساعدة. بعد بضعة أشهر من بداية الفصل الدراسي، أصدر جيش الإحتلال أوامره بمنعي من دخول المناطق المحتلة . قامت إدارة الجامعة والعديد من الأساتذة والزملاء بترتيب إقامتي في القدس وتوكيل محامي لمتابعة قضيتي. كما رتبت الدائرة أن أستمر في تدريس أحد المساقات في القدس. عدت بعد إنتهاء أمر المنع الى التدريس في الجامعة.
إستمتعت في التدريس، وجدت إستحسانا من الطلبة والزملاء بالرغم من أني لا أنتمي الى حزب سياسي، أو الى حمولة معروفة. شعرت أني في بير زيت، أحصل على التقدير والإحترام نتيجة لما أحمله من علم وأفكار، وما أقوم به من نشاط وتدريس.
واجهت الجامعة العديد من قرارات الإغلاق وعمليات عرقلة الوصول اليها من قبل الاحتلال، وتمكنا من مواجهة ذلك باصرارنا على فتح الجامعة والإستمرار في التدريس.
أتيحت لي الفرصة فيما بعد لخدمة الجامعة كمديرة لدائرة التسجيل والقبول، ثم كنائب الرئيس للشؤون الإدارية والمالية. تمكنت من إجراء العديد من التغييرات الإدارية والمالية. وافقني البعض وعارضني العديد من العاملين ,لكن ذلك كله تم بإحترام، وحسب الأنظمة والقوانين. بعد إستقالتي من الجامعة، أسعدني الإنضمام الى مجلس أمناء جامعة بير زيت، علني أعيد للجامعة بعض الجميل الذي تكرمت به علي.
ماذا يحصل اليوم؟ لماذا يقوم مجلس الطلبة تارة ونقابة العاملين تارة أخرى باغلاق الجامعة ؟ ، كأن إغلاق الجامعة هو نوع من مظاهر “القوة والسيطرة”. لا يجوز إغلاق الجامعة مهما كان السبب ! . يجب أن يكون المطلب الوطني , هو إستمرار الجامعة في أداء رسالتها مهما كانت الظروف.
يذهلني لجوء نقابة العاملين الى الإضراب عن الطعام ضد إدارة الجامعة ! هذا سلاح أخوتنا الاسرى البواسل ضد العدو الصهيوني, أرجوكم لا تجعلوا هذا السلاح مدمرا لهذا الصرح الأكاديمي الشامخ . وذلك من خلال إستخدامه ضد إدارة الجامعة ! .
لاتحرموا طلابنا من بناء مستقبلهم مهما كانت مطالبكم مشروعة أو غير ذلك.
عليكم إيجاد طرق قانونية لل”نضال” دون تعطيل المسيرة الأكاديمية لهذه الجامعة العريقة. لن تحصلوا على لقب “الأبطال” لأنكم أضربتم عن الطعام, بل ستوجه اليكم أصابع الإتهام بهدم جامعة بير زيت وتهديد إستدامتها ومنعها من أداء رسالتها.