جامع التراث..
زهران معالي – وفا
أزياء فلسطين من شمالها لجنوبها، وأدوات تراثية ووسائل تعليمية وآلات زراعية، وغيرها الكثير، تلخص حياة الإنسان الفلسطيني بكامل تفاصيله منذ 100 عام خلت حتى اليوم، جميعها شكلت لوحة تراثية داخل ممر ضيق في بيت “جامع التراث”.
عوني الظاهر (56 عاما) من بلدة ياصيد شمال نابلس، يهوى منذ الطفولة جمع التراث والأدوات القديمة بكافة أنواعها وأشكالها بشتى مجالات حياة الإنسان، في حقب الدولة العثمانية، والانتداب البريطاني، والعهد الأردني، والاحتلال الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية؛ خوفا على التراث الفلسطيني من الاندثار.
يقول الظاهر الذي عمل رئيسا لقسم التقنيات التربوية والعلاقات في مديريتي التربية والتعليم في طوباس ونابلس سابقا، لـ”وفا”، إنه يجمع الأدوات التراثية التي استخدمها الفلسطينيون منذ مئة عام، في مجالات التعليم والزراعة والتجارة والأزياء، إلا أنه يحتفظ بها في “مخزن سيئ”، ويعرض عينات منها في ممر بيته الضيق.
ويشكو الظاهر ضيق المكان الذي يعرض فيه “عروبة فلسطين وأدواتها” بين ثنايا الكتب والوثائق التي يحتفظ بها داخل صناديق صغيرة في الممر، الذي يزداد ضيقا في حال زاد عدد زواره عن أربعة أشخاص، مطالبا الوزارات ذات العلاقة والمؤسسات المعنية بالتراث الفلسطيني بتبني جهده وتوفير مساحات لعرض التراث.
ويوضح أنه يهدف من جمع التراث لإعادة الأجيال الشابة للحياة البسيطة التي عاشها الإنسان الفلسطيني التي استطاع فيها التغلب على معوقات الحياة ومشقتها؛ رغم قلة الإمكانيات، حيث كان يعتمد فيها على نفسه في إنتاج الطعام واللباس وكافة تفاصيل حياته، بدلا من ثقافة الاستهلاك اليوم.
أدوات من الأواني الفخارية القديمة، والزراعية والمنزلية التي كانت تستخدم في إنتاج الأطعمة، وأطباق من القش وأثواب الفلاحين، وحلي وأدوات زينة وأدوات نحاسية ومعدنية مختلفة، إضافة لبعض العملات النقدية القديمة، حتى أبسط الأشياء كأزرار القميص وعلاقات الملابس، كلها حاضرة هنا.
شرب رشفة من الماء من ابريق الفخار، وأكمل “هناك أربع وزارات يجب أن تهتم بما لدي، لدي نماذج تقنع الأطفال حاليا بأن الإنسان الفلسطيني كان مثقفا وما زال”.
ويضيف “لدي الكتب والوثائق التي استطعت جمعها من ملفات المعلمين المتقاعدين، طوابع حكومة فلسطين “الانتداب”، العهد الأردني، مقارنة بين العهود المختلفة الأتراك والبريطانيين والأردنيين والسلطة الوطنية، كانت فلسطين كلها للفلسطينيين. كل المشاكل التي عايشها الشعب داخل هذه الوثائق”.
من بين الوثائق التي يحتفظ بها الظاهر، تقارير كتبها مشرفون تربويون عن زيارات المدارس وصفوا خلالها طبيعة القرى والبلدات وتاريخها وآثارها، من بينها وثيقة كتبها أحد المعملين عام 1946، يطالب فيها بنقله من سلفيت القرية الصغيرة التي تضم غرفتين صفيتين لقرية حوارة حيث الحركة النشطة للفلاحين والدكاكين هناك.
ولم تغب قرية ياصيد التي يعيش فيها الظاهر عن جهده في حفظ التراث بأفراحها وأتراحها، حيث يحتفظ بصور المتوفين بالقرية منذ مئة عام حتى اليوم، كما يملك ما يقارب ألف شريط فيديو يوثق فيها أفراح الزفاف بالقرية والبيوت التي شيدت فيها.
الظاهر ختم حديثه لـ”وفا” بتعبيره عن الشعور بالإحباط، لعدم احتضان جهده من قبل المؤسسات ذات العلاقة؛ رغم وجود مخزون كبير حول الثقافة والتعليم والمكتبات وكافة مظاهر حياة الإنسان، باستثناء جهود فردية من بعض الصحافيين في تسليط الضوء على إبداعه.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=6733