حفرة “أبو علان” التاريخية!! .. رامي مهداوي
اشتهرت نابلس إبان الانتداب البريطاني بصخرة الموت (الانتحار)، وهي حافة حادة مرتفعة جدا، وقد سميت كذلك لكثرة عدد من أعدمهم الجيش البريطاني عليها، واليوم أمست نابلس تشتهر بمعلم جديد وهي (حفرة أبو علان)… بالعودة إلى حقبة تشكل هذه الحفرة، فهي تعتبر حديثة نسبيا وبالتحديد في التاسع من آذار عام 2012، حيث تم التقاط الصور الأولى لانهيار طريق الباذان و إعلان التشكل التاريخي لهذه الحفرة.
وبين تشكل الحفر بشكل طبيعي نتيجة للكوارث الطبيعية، وتشكلها بفعل التدخل البشري، فإننا نجد أن جذور تكّون هذه الحفرة يعود إلى التدخلات التي باشرت بها وزارة الأشغال العامة وبتمويل من جهات دولية لإعادة تأهيل الشارع قبل مرور عام من حدوث الانهيار الذي أدى إلى تشكل الحفرة، حيث لم يشهد الشارع فيما سبق أي عمليات انهيار تُذكر حتى في أشد الظروف الجوية العاصفة، وكانت حالته أمتن وأقوى. وهذا طرح عدة أسئلة في ذهن المواطن تتعلق بمدى إجراء فحوصات التربة اللازمة من قبل الوزارة قبل إعادة تأهيل الشارع.
منذ ذلك التاريخ، انطلقت المناشدات والتقارير الصحفية لإيجاد الحلول لدرء الخطر عن حياة آلاف البشر من الطلاب والعمال والموظفين ومن عامة الناس الذين يستخدمون الطريق يومياً، وأكثر شخص ناشد جميع المسؤولين بصوت مرتفع هو المدون الصديق محمد أبو علان، ومن هنا جاء أصل التسمية مما جعل هذا الانهيار يعرف بـ “حفرة أبو علان”.
وبعد مرور حوالي خمس سنوات على انهيار الشارع، اتخذت الحكومة الفلسطينية قرارا يوم 18/10/2016 بتشكيل لجنة وتخصيص موازنة لإعادة تأهيل الجزء المنهار من طريق الباذان، “وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا” فأبدت الجهات المختصة رأيها في سبب الانهيار الناتج عن تشبع التربة أسفل الشارع بالمياه.
ولكني صُدمت بمروري قبل قرابة الأسبوعين في شارع الباذان، وبعد مضي حوالي الشهرين على قرار الحكومة، حيث لم أرَ بوادرَ بدء عملية إعادة التأهيل !!!! وحسب المصادر، فإن الجهات المختصة غير قادرة على معرفة مساحة الأرض المشبعة بالماء من أجل البدء بإعادة التأهيل، وهنا يطرح السؤال نفسه أمام الفنيين ذوي العلاقة والاختصاص: ألم يكن من المُجدي دراسة و معرفة حالة التربة قبل البدء بالعمل؟ وليس بعد الإنهيار؟!
أخشى أن تصبح هذه الحفرة في يومنا هذا هي حفرة الموت والانتحار تلك، فلسان أبو علان في وسائل الإعلام الإلكتروني الحديثة، كحال لسان المواطن والسائق المستخدمين لهذه الطريق، يناشد ويقول: أيهما سيسبق الآخر؛ تأهيل الطريق وإعادتها للحالة التي كانت عليها قبل الانهيار؟ أم كارثة جدية تُضاف إلى حياتنا؟
رسالة أخرى من المواطنين المستخدمين للشارع عبّر عنها المواطن حازم صلاحات من بلدة طلوزة بالقول: “كلما تقع مصيبة على راس الشعب الفلسطيني يخرج المحللين والمسؤولين بعبارة ان هذه المصيبة قضاء وقدر لكن عندما تلاحظ الإجراءات التي يتخذها هؤلاء المسؤولين للحد من المصائب المحتملة تشعر بان مسألة القضاء والقدر أصبحت منهجية عمل عند هؤلاء المسؤولين”.
وأنا أيضاً أضم صوتي وأشارك أصدقائي والمواطنين جميعا مخاوفهم، ونطرق جدران الخزان مجددا ونطالب الحكومة بالتحرك الجدي والفوري لإصلاح حفرة الباذان، وعدم التسويف والمماطلة بانتظار كارثة جديدةـ …كي لا تتحول الحفرة إلى معلم تاريخي يُعرف بهاوية الموت والانتحار، ويُذكرنا بتخاذلنا وتقصيرنا … فلسان حالنا يقول لكم … تحركوا الآن قبل فوات الأوان، وقبل أن يكون تحرككم غير ذو فائدة!!
رابط قصير:
https://madar.news/?p=20757