دبلوماسية الجنائز ….كتب عماد الاصفر
رأى كثيرون في حينه ان اصرار ياسر عرفات على تسمية رابين بـ “شريكي في السلام” قد شكلت اكبر تحريض على اغتياله، بعد ذلك وصف عرفات اغتيال رابين بالكارثة وطلب المشاركة في جنازته ولكن طلبه رفض وهو ما دفعه الى زيارة تل ابيب وتقديم التعازي شخصيا للأرملة ليا.
وبعدها باربع سنوات في اوسلو التقطت الكاميرات صورة لياسر عرفات وهو ينحني ليقبل يد الارملة وصورة اخرى له وهو يؤدي التحية العسكرية لصورة رابين خلال حفل لتخليد ذكراه، كنت ولا زلت ضد ذلك، وضد استخدامه كمنطلق للمقارنة والقياس، رغم انه لم يضرنا بل قد يكون نفعنا.
وبعدها باعوام التقى نايف حواتمة بالرئيس الاسرائيلي عايزر وايزمان في جنازة الملك حسين وتصافح الرجلان وانطلقت المواقف المستنكرة وانا كنت ولا زلت مستنكرا لهذا الفعل.
الرئيس محمود عباس يذهب للمشاركة في جنازة بيريس وهو اكثر اعتدالا وانسجاما مع فكره من سابقيه، وبيريس هذا لا يزيد توحشا واجراما عن سابقيه، ومع ذلك فانا لا ارى مبررا قادرا على اقناع الشعب بتاييد هذه الخطوة وليس مطلوبا من الاصل تأييدها، بل مطلوب تفهمها وعدم المبالغة في تقدير معانيها، فهي لن تكون ضارة وربما تكون نافعة.
عدونا وهو الاكثر وحشية يبالغ في إدعاء انسانيته حتى انه يتمكن احيانا من اقناع ابناء جلدتنا بانه حمل وليس ذئب، واعتقد اننا ونحن الاكثر انسانية ولأننا نحن الحمل الحقيقي مطالبون ببذل كل جهد لإظهار انسانيتنا ايضا، فصورتنا ليست كما نشتهي وتحسينها ووضعها في صدارة أي حدث هو اعادة تذكير بمأساتنا التي طالت ولم تعد في الواجهة بعد ما استجد من احداث في المنطقة.
هذه التعزية وكل حركات دبلوماسية الجنائز علاقات عامة لا ينبني عليها أي مواقف، ولا تستحق كل هذا التشدد وهذا الاعتقاد بانها نهاية مطاف او سقوط لورقة التوت وما شابه.
اعتقد ان الرئيس يعي تماما مدى السخط الشعبي الذي يطاله من وراء المشاركة ولم يكن مجبرا عليها، وكان بامكانه اختيار الاسهل والاربح وهو الحفاظ على شعبيته والاكتفاء باظهار الاسف للوفاة ولكنه قرر انتهاج الخيار الاصعب وهو المشاركة ، ربما كان تقديره ان ذلك اكثر افادة للقضية.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=9657