سلفيت – مدار نيوز:
على الأطراف الغربية لشمال الضفة الغربية المحتلة، تنعم بلدة رافات بإطلالة على الساحل الفلسطيني.. مشهد من الجمال الساحر لا تكدره إلا أدخنة منبعثة من مكبات للنفايات في أراضيها.
ومنذ ثماني سنوات يعاني أهالي رافات غرب مدينة سلفيت، من مكب النفايات القائم بمنطقة “عراق جمعة” الواقعة شمال شرق البلدة، خاصة سكان المنطقة القريبة الذين حوّل المكب حياتهم إلى جحيم بسبب استمرار حرق النفايات على مدار الساعة.
وخلال جولة لنا في المكان، فرضت الروائح القوية نفسها على جميع الكائنات الحية، وأحدثت ما يشبه منع تجول، لم يخرج عنه إلا سرب من الكلاب الضالة التي عضها الجوع، فأتت تقتات على مخلفات البشر.
وليس أهالي المنطقة وحدهم من يعانون في هذه المنطقة التي تكاد تكون المتنفس الوحيد لسكان البلدة التي يحاصرها الجدار الفاصل من جهتها الغربية، حيث يقصدونها للتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة في أيام الجمعة والعطل.
ويبدو مكب النفايات كبقعة سوداء وسط حقول الزيتون التي تشتهر بها رافات، والتي نالت هي الأخرى نصيبها من الأدخنة، وبدا الذبول والشحوب ظاهرا عليها.
ويقول عبد المجيد شحادة أحد سكان المنطقة: “منعنا من الوصول إلى أراضينا الزراعية.. لم يكن هناك حاجز أو جدار، لكن مكب النفايات هو أسوأ من الاحتلال”.
ويتساءل شحادة: “هل يعقل أن تلقى النفايات وسط الأراضي الزراعية؟ أين دور المجلس في حل قضية المكب وإيجاد حل جذري؟”.
أضرار صحية وبيئية
ويشير الإعلامي جودة جودة إلى أن المكب مرَّ بثلاث مراحل، ففي البداية كان يتواجد في منطقة بعيدة عن المنازل تتوسط بلدات رافات وبديا والزاوية، ثم انتقل إلى واد بين رافات والزاوية بسبب شكاوى المواطنين، قبل أن ينتقل لأراضي رافات للسبب ذاته.
ويقول إن نفايات لا تأتي من رافات وحدها، بل من خمسة قرى على الأقل، ودون حسيب أو رقيب، وهو ما يرى فيه جودة استخفافاً من تلك القرى بقريته وأهلها.
ويقول جودة، إن أصحاب الأراضي المجاورة يجدون صعوبة بالغة في قطف ثمار الزيتون منها بسبب الروائح المنبعثة، فيما يحكم سكان المنطقة إغلاق نوافذهم على مدار العام تجنباً لتلك الروائح والأدخنة.
ويؤكد أن المكب لا يعمل بالشكل المطلوب، فالدخان المنبعث يحتوي على غاز الديوكسين الناجم عن حرق المواد الصلبة، والذي يؤثر على هرمونات النمو والإنجاب والوظائف الحيوية، وقد يسبب سرطان الرئة والبلعوم.
ويلفت إلى أن القانون يحظر حرق النفايات إلا في محارق صحية مؤهلة حسب الأصول، ولهذا فهو يطالب الجهات المختصة بمتابعة المكب لضمان اتباع الإجراءات السليمة ووقف حرق النفايات.
ويبين أن شكاوى عديدة تقدم بها الأهالي للجهات المختصة، لكن لا مجيب.
حل قريب
رئيس مجلس قروي رافات عرسان شحادة بشر أهالي البلدة بحلّ قريب لهذه الآفة.
وقال : “سعينا من خلال مجلس النفايات المشترك بالمحافظة لإيجاد بديل مناسب، وفي آخر اجتماع اتخذ المجلس المشترك قراراً بإنشاء مكب موحد لجميع القرى بأراضي جماعين”.
وأقام المجلس القروي مكب النفايات في العام 2009 على قطعة أرض مساحتها دونم واحد تم استئجارها لمدة عشر سنوات تنتهي عام 2019 بمبلغ 250 دينارا سنويا، ويملكها مواطن من بلدة كفر الديك.
وبعد إقامة المكب، استأجر مجلسا سرطة ومسحة القرويين قطعة أرض مجاورة لمكب رافات يملكها نفس الشخص، وحولاها إلى مكب للنفايات أيضا، مما حوّل المكبين إلى مكب واحد كبير.
جذر المشكلة
ويلخص شحادة المشكلة في عشوائية إلقاء النفايات من جانب المواطنين، ويشير إلى أن المجلس يمنع المواطنين من إلقاء نفاياتهم بالمكب إلا بإذن منه وبشرط الالتزام بالتعليمات وأهمها إلقاء النفايات داخل المكب وليس على أطرافه.
ونفى أن تكون هناك عمليات حرق منظمة للنفايات، موضحاً أن عمليات الحرق التي تتم بين الحين والآخر يقوم بها بعض المواطنين بشكل فردي، وهو أمر يصعب ضبطه.
ويؤكد أن النفايات التي تلقى بهذا المكب هي نفايات منزلية، ويمنع قطعياً إلقاء نفايات صناعية، وهناك التزام من المجلس بالشروط الصحية والبيئية.
ويشير بهذا الصدد إلى أن أحد الأشخاص قام قبل عدة سنوات بإلقاء مخلفات مصانع من المستوطنات المجاورة، واندلعت فيها النيران لعدة أيام، وكانت تلك المرة الأخيرة، حيث تم إنذاره.
وكالة صفا