رأي قانوني حول قرار المحكمة الدستورية العليا رقم (1) لسنة 2016

نظراً لكثرة اللغط الذي وقع فيه رجال القانون حول الاجراءات التي تتم في المحكمة الدستورية العليا من حيث المشتملات الجوهرية لطلب التفسير وللقرار الصادر في الطلب، وماهية حجية احكام المحكمة الدستورية حسب قانون المحكمة الدستورية رقم 3 لسنة 2006؛ فقد قررنا بإيجاز ان نتناول هذا القرار كي يفهم الباحث القانوني أو رجل القانون نبذة مختصرة عنه وعن مدى حجيته. وسنثير سؤال يتعلق بحكم المحكمة العليا رقم (4/2016) الذي صدر مناقضا لحكم المحكمة الدستورية العليا، ومن هو القرار الواجب التطبيق “هل هو قرار المحكمة العليا أم قرار المحكمة الدستورية”.
أولاً
طلب التفسير من حيث صاحب الصفة
عملاً بأحكام المادة (30/1) من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006 “يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس السلطة الوطنية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس المجلس التشريعي أو رئيس مجلس القضاء الأعلى أو ممن انتهكت حقوقه الدستورية”.
من هنا يتضح ان طلب التفسير في الدعوى الدستورية رقم (1) لسنة 2016 الذي قدم من وزير العدل بناءاً على طلب من رئيس مجلس الوزراء هو مستوفي للشروط من ناحية مقدم الطلب الذي له صفه بتقديمه بنص القانون.
مشتملات طلب التفسير الأساسية
عملاً بأحكام المادة (30/1) من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006 “يجب أن يبين في طلب التفسير: النص التشريعي المطلوب تفسيره، وما أثاره من خلاف في التطبيق، ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقاً لوحدة تطبيقه“.
فيتوجب بذلك أن يشتمل طلب التفسير الذي يقدم إلى المحكمة الدستورية على عدة أمور -نذكر منها ما يترتب على تخلفه البطلان-:
- النص التشريعي المطلوب تفسيره: وكما هو معروف النصوص التشريعية تشمل على نصوص القانون الأساسي والقوانين العادية وكذلك الأنظمة }والأنظمة هي أيضاً تشريعات ولكنها تعرف بالفقه والقانون الاداري باسم التشريعات الثانوية{.
وبمراجعة الطلب المقدم من رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل في الدعوى الدستورية سالفة الذكر، نجد انه قد اشتمل على نص المادتين (18 و20) من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 وخاصة فيما يتعلق بالفقرة (1/ب) من المادة (18) والفقرة (2) من المادة (20) من ذات القانون.
- ما اثاره النص المطلوب تفسيره من خلاف في التطبيق
لقد اشتمل الطلب المقدم من دولة رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل في الدعوى الدستورية على هذا الشرط بشكل مفصل؛ فتم توضيح موضوع الخلاف من ان هذا النص المطلوب تفسيره اثار عند تطبيقه خلافا في أروقة السلطة القضائية عندما أصدر فخامة الرئيس قرارا يقضي بتعيين سعادة قاضي المحكمة العليا () نائبا أولا لرئيس المحكمة العليا نائبا أولا لرئيس مجلس القضاء الأعلى، وان هناك قاضي آخر تقدم بدعوى لمحكمة العدل العليا رقم (65/2016) وأيضا بدعوى إلى المحكمة العليا رقم (4/2016) يدعي فيهما بإن قرار فخامة الرئيس بتعيين قاضي المحكمة العليا عماد سليم اسعد عبد الله سعد بالمنصب المتقدم باطل للأسباب التالية:
أولا: انه تم استحداث منصبا جديد إذ من وجهة نظره لا يوجد منصب أو مسمى وظيفي اسمة “النائب اول”.
ثانيا: ان تنسيب مجلس القضاء لقاضي المحكمة العليا ()ليكون رئيسا للمحكمة العليا رئيس لمجلس القضاء يختلف عن تعيينه نائبا أولا لرئيس المحكمة العليا ونائبا اولا لرئيس مجلس القضاء وبالتالي فإن قرار فخامة الرئيس باطلا سندا لذلك.
وبذلك يتضح ان الطلب المقدم من دولة رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل قد اشتمل على أسباب جدية وخلافات في التطبيق تجسدت وظهرت فعلاً على أرض الواقع وتقدم بها دعاوى قضائية -واحدة كما أسلفنا امام المحكمة العليا والأخرى أمام محكمة العدل العليا-. وبذلك أظهر دولته بوضوح وقدم قرينة قانونية قاطعة على وجود الخلاف في التفسير، وغني عن البيان ان تحقق هذا الشرط من عدمه خاضع للسلطة التقديرية للمحكمة.
- مدى الأهمية التي تستدعي تفسيره تحقيقا لوحدة تطبيقه:
فقد اشتمل الطلب المقدم من دولة رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل في الدعوى الدستورية على أسباب جدية تؤكد أهمية تفسيره، حيث أكد الطلب ان الاختلاف في التفسير قد ظهر في أوساط السلطة القضائية وبين مركزين من أعلى مراكز تلك السلطة، وان خلاف من هذا النوع قد يعصف بالسلطة القضائية ويظهر خلافا في اوساطها، ولا شيء أكثر أهمية من ظهور خلاف في اوساط السلطة القضائية حتى ينهض صاحب المصلحة بتقديم طلب لوحدة تطبيق النصوص المطلوب تفسيرها.
– فإن كانت السلطة القضائية بخير فالوطن كله بخير وان لم تكن بخير فكل الوطن ليس بخير –
الخلاصة:
من ناحية الطلب المقدم من دولة رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل في الدعوى الدستورية سالفة الذكر، فإن الطلب مستوفي لكل الشروط المنصوص عليها في قانون المحكمة الدستوريه العليا لسنة 2006 بامتياز.
ثانيا
مشتملات قرار المحكمة
غني عن البيان أن أي قرار محكمة يتوجب ان يتوفر فيه عدة أمور: منها ما هو جوهري موضوعي، ومنها ما هو شكلي.
ولأننا هنا سنتحدث بإيجاز فسنتحدث فقط عن الاجراءات الجوهرية -أكانت موضوعية أو شكلية- التي سيترتب على تخلفها وقوع عيب قانوني في القرار الدستوري.
وبمراجعة القرار نجد انه قد اشتمل على الوقائع التالية:
- القرار عالج الطلب المقدم إليه بالتفسير من حيث انه مستوفي لكل الشروط المطلوبة قانونا وبالتحديد الشروط سالفة الذكر.
- القرار رد على الشروط التي يستلزمها القانون شرطا شرطا، وناقش مسألة ملائمتها لنص القانون، وهل هي منسجمة مع مقاصد المشرع أم لا.
لا بل وكانت دراسته للفحوى دارسة معمقه وليست دراسة الظاهريين القدماء أو من يتشدقون بالمدرسة الشكلية، فقد تبين بعد قراءة القرار الدستوري انه قد عالج جميع شروط الطلب وبين بالنصوص القانونية كيف توصل الى الإجابة عليها.
فقد أجاب عن صفة مقدمة الطلب عندما أوضح القرار الدستوري ان دولة رئيس الوزراء بواسطة معالي وزير العدل يملك الحق قانونا في تقديم طلب التفسير الدستوري الى المحكمة الدستورية العليا، وأشار الى النصوص القانونية التي دعته للقول بذلك. واضافة إلى ذلك:
- عالج القرار الدستوري بشكل مستفيض اختصاص المحكمة بنظر طلب التفسير وتوصل بشكل سائغ ومتفق للقانون من ان المحكمة الدستورية مختصة بالتفسير عملاً بأحكام المادة (24 و30/1) من قانون المحكمة الدستوريه لسنة 2006.
- عالج القرار الدستوري بشكل مستفيض ما أثاره النص المطلوب تفسيره من خلاف في التطبيق وتوصل بشكل سائغ ومتفق للقانون ان النص القانوني المطلوب تفسيره فعلا اثار خلافا أثناء التطبيق.
- عالج القرار الدستوري بشكل مستفيض الأهمية التي تستدعي تفسير نص المادتين (18 و20) من قانون السلطة القضائية أعلاه وتوصل بشكل سائغ ومتفق للقانون ان تفسير نصوص تلك المواد يحقق وحدة تطبيقها.
- كما عالج القرار الدستوري بشكل دقيق مسألة غاية في الأهمية وهي مسألة من هو صاحب القرار أو الصلاحية الدستورية في التعيين في المناصب القضائية وهو فخامة الرئيس. فيما بين المعنى الحقيقي للتنسيب وقيمته القانونية ووضعه في إطار يتفق مع السواد الاعظم من الفقه الإداري -وليس كما يقول يخلط البعض في قيمته ومفهومه-، فالتنسيب أو الاقتراح أو التوصية كلها كلمات وردت في الفقه الاداري ومفهومها واحد ولكن منها ما هو جوهري يبطل القرار الاداري ومنها ما هو غير جوهري وقال بأن هذه الصلاحية أي صلاحية التنسيب هي لمجلس القضاء. لا بل ولم يكتفي بذلك بل تعمق إلى ما هو أبعد من ذلك فتطرق للتنسيب الصادر عن مجلس القضاء بتاريخ (13/1/2016) الذي استعمل عباره “النائب الاول (الاقدم)” وأشار إلى ان مصطلح النائب الاول “الاقدم” تعبير دارج في لغة مجلس القضاء ذاتها.
الخلاصة: يتضح من خلال استعراض ما سبق أعلاه ان القرار الدستوري قد انتهى إلى نتائج استمدها من المقدمات وهو بذلك كان من حيث الفحوى متفق تماما مع الاصول والقانون.
ثالثا
حجية القرار الدستوري
بعد ان استعرضنا في عجاله وإيجاز فحوى القرار الدستوري رقم 1 لسنة 2016 وتبين انه اشتمل على كل العناصر الجوهرية في القرارات الدستورية سننتقل الى التعريف بحجيه قرار المحكمة الدستورية بعد اصداره.
بداية لا بد من الإشارة الى ان المادة (41) من قانون المحكمة الدستورية الفلسطيني لسنة 2006 أخذ عن نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستوري المصري رقم (48) لسنة 1979 قبل تعديل تلك المادة بموجب القرار بقانون رقم 168 لسنه 1998. والمادة (49) اقتبست كما هو صريح المذكرة الايضاحية لقانون المحكمة الدستورية المصري من النظام المعمول به في ايطاليا.
ولم يخالف المشرع الفلسطيني المشرع المصري إلا في مسألة سريان قرار المحكمة الدستورية من حيث الزمان فقد جاء في نص المادة (41) من قانون المحكمة الدستورية الفلسطيني لسنة 2006: “احكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة “، وجاء في المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المصرية: “أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم …..”.
وحسنا فعل المشرع الفلسطيني اذ حذف من نص المادة (41/1) من قانون المحكمة الدستورية عبارة “من اليوم التالي لنشر الحكم” لأنه هو الاكثر اتساقا وتوافقا مع المنطق القضائي من حيث الهدف من وجود المحكمة الدستورية.
ولتوضيح ماهية الحجية لقرار تلك المحكمة، ومن الذي يقدم حال التعارض، وهل المحكمة الدستوريه تعتبر محكمة نقض لقرارات المحكمة العليا فيما يتعلق بشأن التفسير سنتطرق الى احكام صادرة عن المحكمة الدستورية العليا المصرية.
الفرق بين حجية الاحكام القضائية وبين حجية احكام المحكمة الدستورية: –
ان الاصل في الاحكام القضائية أن حجيتها حجة نسبية لا ينصرف أثرها إلا إلى خصوم الدعوى الصادر بشأنها الحكم.
أما فيما يتعلق بأحكام المحكمة الدستورية فلما لهذه المحكمة ولما لقضائها من طبيعة خاصة فقد تكفلت المادة (41) من قانون المحكمة الدستورية بتحديد حجية أحكام المحكمة الدستورية ونصت على “احكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة“.
ومما لا خلاف عليه فقها وقضاء أن أحكام المحكمة الدستورية التى تقضي بعدم دستورية نص أو بتفسيره تتمتع بحجية مطلقة، وتلتزم به جميع سلطات الدولة، ويصبح له حجية على الكافة بما يعنى عدم جواز إثارة النزاع مرة أخرى حول مدى دستوريته أو تفسيره المقرر من المحكمة الدستورية، فإذا قضت تلك المحكمة بعدم دستوريته أو قانونيته وسواء كان ذلك من ذات الخصوم فى الدعوى الدستورية أو من خصوم آخرين فالحكم يحوز الحجية في مواجهة الكافة، وفى مواجهة سلطات الدولة جميعها، وكذلك إذا قررت تلك المحكمة تفسير نص تشريعي فهذا التفسير هو الاخر يحوز على الحجية في مواجهة الكافة، وفى مواجهة سلطات الدولة جميعها ومن المعروف ان سلطات الدولة ثلاث ” التنفيذية والتشريعية والقضائية “.
وفي مصر فان الفقرة (1) من المادة (4) من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنه 1969 تعطي المحكمة العليا المصرية صلاحية الرقابة القضائية على دستورية القوانين.
فجاء في قرار للمحكمة العليا المصرية فى الطعن رقم 8 لسنة 3 قضائية عليا: ” … الرقابة القضائية على دستورية القوانين التى تمارسها المحكمة العليا من خلال الفصل فى الدعاوى الدستورية طبقا للفقرة الاولى من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنه 1969 تستهدف حماية الدستور وصونه وذلك عن طريق إنهاء قوة نفاذ النص المخالف للدستور. ولما كانت الدعوى الدستورية دعوى عينية توجه فيها الخصومة إلى التشريع ذاته فإن مقتضى ذلك أن الحكم الذى يصدر بعدم دستورية نص تشريعى يلغى قوة نفاذ هذا النص، ويغدو معدوما من الناحية القانونية أو يسقط كتشريع من تشريعات الدولة، ولما كان ذلك الاثر لا يقبل التجزئه بطبيعته فإن حجية الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعى لا يقتصر على أطراف النزاع فى الدعوى التى قضى فيها فقط، وانما ينصرف أثر هذا الحكم إلى الكافة، والامر يختلف بالنسبة إلى حجية الحكم الذى يصدر من المحكمة العليا برفض الطعن بعدم دستورية نص تشريعي، فهذا الحكم لا يمس التشريع القائم مرة أخرى ولا وجه للقول بأن المادة 31 من قانون الاجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون 66 لسنه 1970 إذ تنص على نشر منطوق الاحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل فى دستورية القوانين وتكون لهذه الاحكام جميعها حجية على الكافة وذلك أن المادة 31 المشار اليها نصها على التزام جميع جهات القضاء بالأحكام الصادرة من المحكمة العليا بعدم دستورية النصوص التشريعية فحسب، إذ أن النص على التزام جميع جهات القضاء بهذه الاحكام مرده إلى الاثر الذى يترتب على صدورها، في إنهاء قوة نفاذ النص التشريعى واكتساب الحكم حجية على الكافة نتيجة لإنهاء قوة النص المقضي بعدم دستوريته، وأما الاحكام الصادرة برفض الطعن فإنها لا تمس التشريع المطعون فيه، ولا يكون لهذه الاحكام سوى حجية نسبية بين أطرافها ….”.
فما كان من المحكمة الدستورية العليا إلا وان نقضت قضاء المحكمة العليا فى الدعوى الدستورية رقم 8 لسنه 3 عليا من خلال حكمها رقم 39 لسنه 2 ق دستوري حيث قالت في حكمها ” … أن الاحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى تكون لها حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الاثر إلى الكافة وتلتزم به جميع الجهات القضائية، سواء كانت هذه الاحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الاساس وذلك لعموم نص المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا والمادة 31 من قانون الاجراءات والرسوم أمامها، تقابل المواد 25،48،49 من قانون المحكمة الدستورية ولأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين التي اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هى رقابة شاملة تمتد إلى الحكم بعدم دستورية النص فتلغى قوة نفاذه أو إلى تقرير دستوريته وبالتالى سلامته من جميع العيوب وأوجه البطلان …”
من هنا يتضح بكل جلاء ان حجية الحكم الدستوري سواء كان الحكم بعدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو بدستوريته أو بتفسيره هي حجية مطلقه تنصرف إلى جميع سلطات الدولة الثلاث والكافة ولا تتعلق بأطرافها فقط.
النطاق الزمنى لتنفيذ الاحكام الصادرة من المحكمة الدستورية
ان الأثر الرجعى لإحكام المحكمة الدستورية هو أحد أهم المفردات التي تتمتع بها هذه الاحكام وهذا ما أستقر في الفقه والقضاء الدستوري واغلب القوانين الدستورية وذلك لعدة أمور أهمها ما ذكرناه بخصوص الحجية المطلقة لتلك الاحكام وأيضا لطبيعة الدعوى الدستورية التي تنصرف إلى النص التشريعي منذ صدوره، هذا أضافة إلى ان التفسير ينصرف إلى معنى النص التشريعي منذ أن سن هذا التشريع أي ان المشرع قصد معنى معين لتشريع أو نص تشريعي معين منذ ان صدوره.
رابعا
تعارض الاحكام الدستورية والقضائية
هنالك سؤال ثار من قبل الكثيرين من رجال القانون بعدما علموا ان هناك قراران نهائيان متناقضان أحدهما صادر عن المحكمة الدستورية العليا، والاخر صادر المحكمة العليا الفلسطينية فمن هو القرار الواجب التطبيق؟
لا نتردد في الاجابة بأن قرار المحكمة الدستوريه رقم 1 لسنة 2016 هو الواجب التطبيق وليس قرار المحكمة العليا رقم (4/2016)، وذلك للأسباب التالية:
- ان المحكمة العليا انعقدت بصفتها محكمة ادارية عليا لإلغاء قرار اداري، وبمراجعة قرارها نجد انها لم ترتب في حكمها أي اثر على حكمها بالإلغاء فحتى لو كان من الصعب تحديد أي القراران قد صدر قبل الاخر “هل هو قرار المحكمة الدستوريه ام قرار المحكمة العليا” فإن قرار المحكمة العليا لم ينص على أكثر من الغاء قراران صادران عن فخامة الرئيس ولم يرتب عليهما أي اثر، وبالتالي فمن الناحية العملية فإن تنفيذ قرار المحكمة العليا سيصطدم بقرار ذا حجية مطلقة على كافة الافراد والسلطات ولن يستطيع لا فخامة الرئيس ولا ديوان الموظفين ولا مجلس القضاء الاعلى ان ينفذ الاثر القانوني المترتب على الالغاء.
- كما سبق وأسلفنا فإن تفسير التشريعات هو اختصاص أصيل للمحكمة الدستورية ” أي دعوى عينية ” بينما هو اختصاص ثانوي للقضاء العادي يقوم به في معرض نظره في قضية معروضه عليه.
- ان توجه الفقه والقضاء المقارن هو ان المحكمة الدستورية العليا فيما يتعلق بتفسير القوانين أو الطعن بدستوريتها تعتبر محكمة نقض بالنسبة لأحكام المحكمة العليا –كما ذكرنا أعلاه عند الحديث عن حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية رقم 39 لسنه 2 ق دستوري الذي نقض قرار المحكمة العليا أي ان احكام المحكمة الدستوريه لها حجة مطلقه على احكام المحاكم كافه.
المحامي ناصر رفاعي
رابط قصير:
https://madar.news/?p=8923