“ربطة شعر” برام الله
كتب بلال غيث -وفا
“على مساحة موازية يحدث كل هذا” بهذه الكلمات لخصت الفنانة السورية رندا مداح القادمة من الجولان تفاصيل معرضها المقام في مدينة رام الله بعنوان “ربطة شعر”، والذي افتتح بحضور وزير الثقافة إيهاب بسيسو.
وقالت مداح لــ “وفا” إنها تحاول في معرضها المقام في جاليري 1 برام الله وعبر رسومات منحوتة بالبرونز ومحفورة في الطين التعبير عن الواقع المرير الذي تعيشه بلدها سوريا، وأنها أنتجت الكثير من الأعمال بعد أن أنهت دراستها في سوريا في العام 2006 واستمرت لست سنوات، وقامت بنقل التناقضات والواقع المنفصل الذي تعيشه بعيدا عن مجتمعها وسط المجتمع الإسرائيلي الذي يرفض قبول الآخر ويرفض الخروج من الجولان المحتل“.
وتابعت، إن أعمالها تنطلق من المكان الذي عاشت فيه، فقد خلقت دراستها في سوريا وإمكانية التعرف على المجتمع السوري الذي هو مجتمعها عن قرب، حالة من التعلق بذلك المجتمع، فأصبحت تنتمي إليه بشكل أكبر، بينما تعيش في مكان منفصل عنه، متمنية أن يعم السلام سريعا في سوريا التي تحبها.
تحاول مداح من خلال معرضها تجسيد عرائس، وتبدو الأعمال البرونزية تجسيدا بشكل أو بآخر لعرائس مسرح الدمى ذات الأشكال الشريرة بوضعيات مختلفة يظهر الشعر في كثير منها مستخدما لتعليقها أو ربطها وهي تجسد امرأة أو طفلا أو رجلا.
وتقول، إن معرضها الحالي هو بمثابة “تمرير للذاكرة عن إرث موحش لم يدركه النسيان بعد”.
وقالت إن المعرض يأتي ضمن سلسلة معارض جماعية وفردية، محلية وعالمية كانت قد شاركت فيها خلال السنوات الاخيرة، محليًا فقد شاركت في مسابقة الفنان الشاب التي نظمتها مؤسسة عبد المحسن القطان في مدينة رام الله عام 2008؛ ومعرض “على أبواب الجنة” ضمن مؤسسة المعمل للفن المعاصر في مدينة القدس عام 2010، ومعرضي “فراغ” و”بدون عنوان” في مركز خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله عامي 2010و 2011.
وأضافت، أنها شاركت في بينالي مديترانيا 16 في مدينة أنكونا في إيطاليا عام 2013، وفي مهرجان ديل للأفلام في مدينة لوكارنو السوسرية عام 2013، وكذلك في المعرض الجماعي في أوميا في السويد والذي اقيم في العام 2013، وأيضًا في بينالي مديترانيا 16، فابريكا دي فابور في مدينة ميلانو الإيطالية عام 2014 ، إلى جانب مشاركتها في اللقاءات الدولية الثانية للسينما العربية والتي عقدت في مدينة مارسيل الفرنسية عام فرنسا 2014، وفي العام الماضي أقامت مدّاح معرضها الشخصي الأول تحت عنوان “رصاص على ورق” في يوروبيا، نيو آرت جاليري في العاصمة الفرنسية باريس.
وجذبت أعمال مدّاح العديد من النقاد الذين تطرقوا الى أعمالها وأشادوا بها، كان أبرزهم الكاتب والناقد البريطاني جون بيرغر الذي كتب في رسالته لمدّاح “أشكرك على كلّ هذه الصّورِ لعملِك الأخير، إنّها ساحرةٌ. أتأملها مرةً تلو الأخرى، وأحاول وصفَها لكِ كما أتأملها كمتفرّجٍ في خيالي، أعود إلى فلسطينَ وأتأملُ الأرضَ التي أمشي عليها: حشائشها، صخورها، الحفر، أشجارها المتدلية، أحراشها، جذور أشجارها وبركها. وأفكر في قرارةِ نفسي أنّها كلّها تشكّل شظايا ليست من الأرض، بل من الوطن وهذا ما تعكسه في الأشكالِ التي تخلقينها. أنتِ تخلقين الصّورَ الشخصيّة لهذه الجزيئات الأرضيّة من ذاتكِ، كأنّكِ تحملين حصى هضبة الجولان في يسراكِ وفي يمناكِ ترسمين أحشاءَها“.
ولدت رندا مداح في مجدل شمس من الجولان السوري المحتل عام 1983، وأنهت دورات في التصوير والنحت في مركز أدهم إسماعيل عام 2003 في دمشق، تخرجت في جامعة دمشق، كلية الفنون الجميلة/ قسم النحت عام 2005، وتلقت دروسا في فن الحفر في أكاديمية الفنون والتصميم في جامعة القدس عام 2007، وهي من الأعضاء المؤسسين لمركز فاتح المدرس للفنون والثقافة، وهو من الفضاءات الفنية الوحيد المختصة في مجال الفن المعاصر وتعليم الفنون في الجولان السوري المحتل.
من جانبها قالت مديرة معرض جاليري سمر مرثا، إن معرض مداح من المعارض المميزة التي استضافها الجاليري خلال العام الجاري.
وأضافت، “يمثل الجاليري مجموعة من الفنانين الفلسطينيين المكرسين وأصحاب الموهبة، منهم المقيم في فلسطين ومنهم من يقيم خارجها حيث تشكل أعمالهم حالةً من التنوع المتميز والمغاير في الحركة البصرية الفلسطينية المعاصرة والحديثة، ما من شأنه مد جسور التواصل بين المبدع الفلسطيني والجمهور“.
من جانبه، قال وزير الثقافة إيهاب بسيسو، إن مشاركة الفنانين العرب هو دعم لصمود أبناء شعبنا في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومعرض مداح هو إبداع سوري يعرض في رام الله.
وأضاف أن المعرض هو مشهد إبداعي يحاول محاكاة المشهد السياسي الجاري في سوريا، ويحاول السعي لوضع حد للمأساة هناك.
وأوضح أنه يسجل اعتزازه وإعجابه بمعرض الفنانة مداح وهو يشكل في طياته دعوة لكل الفنانين العرب لزيارة فلسطين، ففلسطين هي دولة قادرة على احتضان الإبداع.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=6041