زاره الفنان فريد الأطرش.. مقهى الشيخ قاسم بنابلس.. ذكريات 200 عام

منذ افتتاحه قبل نحو 200 سنة في بلدة نابلس القديمة، ما زال “مقهى الشيخ قاسم” يحمل ذات الإسم، ونفس الملامح، ويحتفظ بذكريات أجيال طويلة من رواد المقهى، الذي ما زال يحتفظ بكراسيه وطاولاته الخشبية العتيقة، وبلاطه الحجري القديم.
ويقول المواطن الثمانيني، فؤاد حلاوة، من بلدة نابلس القديمة، ان المقهى التي أسسها الشيخ قاسم هاشم، يعتبر من أقدم مقاهي نابلس، وتناوب على إدراته عدد من الأشخاص، ولم يغيروا فيه شيئا.
ويضيف حلاوة بأنه من المعروف ان عدة فنانين عرب قد زاروا المقهى، ومنهم الفنانة لور دكاش (مطربة وممثلة لبنانية ولدت في بيروت عام 1917، واشتهرت منذ 1939 بأغنيتها “أمنت بالله”، كما زارها فريد الأطرش، وتحية كاريوكا، ولبلبة، ومحمد فوزي وزوجته مديحة يسري، ورجاء عبده.
ويستذكر حلاوة بأن هذا المقهى كان يعج بالحركة والحياة: “هذا المقهى كان ملتقى رجال المال والأعمال والأرستقراطيين والباشوات الأتراك، يتناقشون فيها بأمور الحياة الاجتماعية والسياسية، ومقرا لجمع الجبايات والضرائب وعقد الصفقات التجارية، فالناس كانوا فخورين أنهم كانوا من روادهها”.
ويلفت أحد رواد المقهى إلى أن المكان أقيم أيام الحكم التركية، ولا زال كل شيء فيه على حاله، حتى أشجاره ونافورة المياه فيه.
واضاف: “كل أثاث القهوة قديم، ويذكّر الزائرين بروح نابلس القديمة، ويشعر من يجلس داخله أنه في مقاهي دمشق وأسطنبول القديمة”.
أما الشاب رائد كلبونه الذي يدير المقهى حاليا، فيوضح بأن والده رائق وعمه محمد قد استأجروا المقهى عام 1959، حرصًا على أن يبقى المكان على حاله، والحفاظ على طابعه القديم.
وأضاف: “لم يجدد والدي أي شيء، ولولا الاجتياح الاسرائيلي للبلدة القديمة، وتدمير بوابات المقهى لبقي كل شيء على حالة، وظل يرفض هو وعمي الراحل قبل سنوات، إدخال أي إضافة على المقهى. فالأواني هنا قديمة، ومنقل النار والجدران والأرضيات، وللأسف لم نجد مذياعًا خشبياً، لنضعه مكان القديم الذي تلف”.
ويشير رائد إلى انه يقوم بفتح القهوة منذ الصباح وحتى ما بعد العصر، ولكن حركة الزوار خفيفة وأعدادهم قليلة، ولم يعد يأتي لها سوى كبار السن، الذين يحنون إلى زمن الماضي الجميل.
ويقول المواطن عمر القاضي (65 عامًا) بأنه من الرواد الدائمين للمقهى، فهو يأتي يوميًا بعد صلاة العصر، لأخذ نفس تمباك وارتشاف فنجان قهوة وتصفية ذهنه، وقد أصبح له في المقهى كرسيا خاصا وزاوية خاصة.
ويقول إن دور مثل هذه المقاهي يتلاشى شيئا فشيئا، فأكثر الشباب يذهبون إلى المطاعم والمقاهي الحديثة، التي بها “واي فاي” و”بلياردو”.
ويضيف بأن مقهى الشيخ قاسم، عبر السنوات استعمل الحطب إلى بابور الكاز ثم الغاز، لكنه لا يقدم للزبائن خدمات (الواي فاي)، ويحصر لائحة طلباته بالشاي والقهوة والزهورات، ويحظر لعب ورق الشدة وطاولة النرد، ويحافظ على أسعاره الشعبية، أما الثلاجة فهي الأحدث في المقهى كله، ولا مكان للتلفاز، أو العاب الحاسوب و”البلياردو”.
“القدس” دوت كوم – ضحى التميمي
رابط قصير:
https://madar.news/?p=19048