صناعة الفخار بالخليل.. حرفة تدخل في بيات مع دخول الشتاء
تعتبر صناعة الفخار من أقدم المصنوعات الشعبية في فلسطين حيث يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد حسب ما أشار إليه المؤرخ الفلسطيني مصطفى مراد الدباغ، في كتابه النفيس بلادنا فلسطين.
استعمل الفلسطينيون القدماء الأواني الفخارية في تخزين الأطعمة من زيت ولبن وعسل ومربى وسمن، لا بل كانت تستخدم للطبخ وتقديم الطعام.
وارتبطت هذه الحرفة التاريخية في محافظة الخليل بإحدى العائلات التي سميت نسبة لها، فعائلة الفاخوري التي توارث أبناؤها الصنعة عن آبائهم وأجدادهم الذين عملوا فيها منذ مئات السنين؛ لا يزالون يتمسكون بها ويحافظون عليها رغم مواجهتها خطر الاندثار في ظل العقبات التي تواجهها.
وتتركز صناعة الفخار في محافظة الخليل في قلب المدينة القديمة وفي محيط الحرم الإبراهيمي، ولكن بعد احتلال إسرائيل وفرض إجراءاتها العسكرية، إضطرت عائلة الفاخوري إلى الانتقال بهذه المهنة إلى المنطقة الصناعية في الخليل.
مراحل التصنيع
شاكر الفاخوري أحد العاملين في هذه المهنة منذ أربعين عاما شرح آلية صناعة الفواخير، قائلا:”تتم عملية صناعة الفخار بإحضار التراب من نوع “غلالة”، ويخلط بتراب أحمر عادي ويضاف إليه بعض الرمل وذلك بعض تنقيته وتصفيته من الشوائب والحجارة، ومن ثم يضاف إليه الماء بنسب معينة ويترك لمدة شهر في أحواض معينة ثم يجفف تحت أشعة الشمس خلال عدة أيام ومن ثم يؤخذ الطين الذي لا يزال يحتفظ برطوبته، لإدخاله على إحدى الآلات لعجنه وتقطيعه حسب نوع الآنية الفخارية المراد تصنيعها”.
ويضيف الفاخوري: “توضع هذه القطع من الطين على قاعدة متحركة تدور ويبدأ الصانع بتشكيلها بيده المبللة بالماء حسب الشكل المطلوب، ومن ثم يتم نشرها تحت أشعة الشمس عدة أيام كي تجف من الماء، وبعد ذلك تشوى في أفران تحت درجة حرارة تصل إلى ألف درجة مئوية لتصبح جاهزة بلون أقرب إلى الحمرة، ولكن إذا أضيف إلى الطين بعض الملح يصبح اللون اقرب إلى الأبيض”.
أشكال متعددة
وفيما يتعلق بالأشكال وأنواع الأواني التي تم تصنيعها واستخداماتها يشير الفاخوري أنه يصنع بعضها لزراعة الورود ويطلق عليها (قوارير)، وأخرى لطبخ الدجاج واللحم مع الخضار على الحطب وتسمى (فخارة) وهي لا تزال موجودة في مطاعم وأفران الخليل، فيما تصنع أوان أخرى لا تزال تستخدم في بعض قرى الخليل لتحضير لبن (جميد) المناسف، كما أن هناك بعض الأواني تصنع لحفظ الماء البارد داخلها في الصيف ويطلق على الحجم الكبير منها (زير) والحجم الصغير (مشربة).
ويشير الفاخوري إلى أن هذه الحرفة تغلق أبوابها في فصل الشتاء بفعل حاجتها الأساسية إلى أشعة الشمس لفترات طويلة لتجفيف الطين قبل البدء بعملية تشكيله، وكذلك الأمر بعد تجهيز الأواني الفخارية قبيل إدخالها إلى الأفران الحرارية.
عقبات وتحديات
وقد شهدت صناعة الفخار تراجعا خلال السنوات السابقة، حتى كادت أن تندثر بفعل العقبات والإشكاليات التي واجهتها، حيث أشار الفاخوري إلى أن التراجع في استخدام هذه الأواني في الطبخ وحفظ الطعام وتطور الأدوات المنزلية وتحولها من المواد الفخارية إلى المواد المصنوعة من اللدائن والزجاج وغيرها من المواد المستوردة بأسعار رخيصة جعل هذه المهنة في مهب الريح.
ويضيف الفاخوري أن وزارة الصحة تلاحقهم وتشدد الرقابة عليهم بسبب الأدخنة الخارجة من الأفران الخاصة بهم، إضافة إلى عدم قدرتهم على تصدير منتجاتهم إلى الخارج، ما يعزز من صعوبة الاستمرار في هذه الحرفة.
“القدس” دوت كوم- حذيفة رمضان
رابط قصير:
https://madar.news/?p=20055