الشريط الأخباري

عرس على شرف الاستيطان ..جبريل محمد

مدار نيوز، نشر بـ 2019/06/15 الساعة 11:31 مساءً

مدار نيوز / لماذا يتفاجأ بعضنا من وجود علاقات ذات طابع اجتماعي وليس فقط سياسي مع المستوطنين واضرابهم من مستوطنين خلف ما يسمى بالخط الاخضر، علينا ان نتذكر كيف نشأت روابط القرى العميلة التي بادت شكلا واستمرت جوهرا وفي اي المناطق، وهي روابط حذت في وجودها حذو فرق السلام التي اثخنت الثوار عام 1939، فكيف نستغرب اليوم وفي ظل مآثر اوسلو العظيم ان تحمل اكتاف البغال في شكل بشر مستوطنين يهللون فرحا لا بالعريس وانما باختراقهم الطبيعي والعادي جدا لجدار رخو في شعب لم يعتد حتى الان سوى التعامل ببراغماتية عالية حد الميوعة حتى مع القضايا المبدأية، هنا لا اتكلم عن النخب السياسية ولكن عن قطاعات شعبية لها وجودها العياني بين ظهرانينا، ربما لا تكون عميلة بالمعنى الامني للعمالة، وهي ليست صاحبة نظرة سياسية او وجهة نظر سياسية تدافع عنها في مسألة شرعية التطبيع او عدمها، انما هي نتاج لثقافة سادت منذ ان كان هناك فتح لسوق العمل في الورش الصهيونية، والتي خلقت عند تخوم الخط الاخضر مجموعات بشرية يمكن خلال عشر دقائق ان تصل الى تل ابيب او الى بئر السبع او الى مدن اخرى داخل الخط الاخضر.

هؤلاء استفادوا من الدخل العالي المتحقق في الورشة الصهيونية ليحققوا ليس فقط مكانة اقتصادية مقبولة وانتقلوا من مجرد عمال الى مقاولين فرعيين او مقاولي عمال تراحيل، وخلق ذلك لهم مكانة اجتماعية في الوسط المحلي كان لا بد ان يترجم الى طموح سياسي في لحظة من اللحظات خاصة بعد توقيع المقبور السادات لاتفاقية العار في كامب ديفيد ومحاولات بحثه مع بيغن عن تمثيل للشعب الفلسطيني غير منظمة التحرير فكان ان انشأوا روابط القرى العميلة والتي كانت نخبها من القرى المتاخمة للخط الاخضر من شمال الضفة الى جنوبها والتي شكلت لها مليشيا مسلحة، عدا عن اشتراط ادارة الاحتلال المدنية مراجعة مكاتب الروابط لتسليك معاملات المواطنين، وغير ذلك من الاجراءات التي حاول الاحتلال تعزيز الروابط من خلالها، هذه النخب اختفت خلال الانتفاضة الاولى وقبل ذلك بعد اغتيال نائب رئيس اتحاد الروابط ونجله حيث شكلت هذه مع انتفاضة آذار نيسان عام 1982 بداية افول روابط القرى، ليرسم حلها جميل العملة باعلان من خلال تلفزيون الاحتلال في حمأة الانتفاضة الشعبية.

ورغم اختفاء حضور الروابط العلني والمشهر الا ان علاقة نخبها بالاحتلال لم تنته، فيما لعب تراجع مفاعيل الانتفاضة وصولا الى اعلان اتفاق اوسلو وقيام السلطة الى اعتبار تاريخ هؤلاء جزءا من الماضي فقد تم تحصينهم من الملاحقة القانونية من خلال السلطة بناء على الاتفاقات الامنية، كما تجرأ جميل العملة بعدها ان اعلن ترشيح نفسه للمجلس التشريعي الاول دون اي طعن يؤدي الى منعه من الترشح، هذا عنى ان فلول الروابط حاولت تنظيف نفسها عبر قيادةت محلية في السلطة او عبر كادرات من التنظيم المركزي في المناطق وحصلكثير منهم على صكوك غفران ولم يتعرضوا حتى لعزل اجتماعي او سياسي مباشر.

هنا استراح رجالات الروابط من الملاحقة ومنهم كثر التحقوا بفصائل سياسية، فيما غابت قيادتهم بالهجرة او الموت او الانزواء، لكن الاحتلال ظل يحفظ لهم بعض الجميل بيتسهيلات في التصاريح للعمل او المتاجرة معه حيث انتقل انصار الروابط من حالة المليشيا الى حالة وكلاء الاسترزاق من العمل داخل الخط الاخضر او استصدار التصاريح من وراء ظهر الارتباط المدني، بمعنى ان مكانتهم تحولت من مكانة قائمة على الغرض السياسي المناهض لطموحات الشعب الى سماسرة وتجار مع ضباط صهاينة سابقون وهذا تركز ايضا على تخوم الخط الاخضر.

لذا ليس غريبا ان نجد قرى متاخمة للمستوطنات تحمل يافطات عبرية لمحلاتها التجارية، وليس غريبا ان نجد المستوطنون يقصدون كراجات هذه القرى لتصليح سياراتهم او التسوق من محلاتها حيث الاسعار الرخيصة، كما انه ليس غريبا في ظل عدم الاهتمام السلطوي والوطني بشكل عام بهذه القرى ان يجثو بعض شبان القرى ليحملوا المستوطنين القتلة، على اكتافهم ويرقصون بهم، ليس الامر متعلق بسلوك الالنسان المقهور او المهدور، انما يتعلق بانسحاق كلي للذات الانسانية عند هؤلاء، في ظل تعزز ثقافة الخلاص الفردي وثقافة الهروب من تهميش السلطة الى وحل ثقافة التشبه بالمستعمر.

الحالة ليست هينة وهي خطيرة ونتاج اهمال الجهاز السياسي قبل الامني، وبالتالي لا ينفع هنا سباب وشتائم واتهامات بل توجه جاد نحو الاطراف بعد هذه التخمة في المركز.
ان من يؤسس لجنة للتواصل معمجتمع المستوطنين لا يمكنه ان يواجه بقوة هذه الظاهرة، والامر مطروح على قوى مواجهة التطبيع، فمن قال “نحن هنا مثل روابط القرى” لا يمكن ان يدخل ميدان المواجهة بل يدخل الى ميدان المنافسة.

المصدر : صفحة الكاتب الشخصية

رابط قصير:
https://madar.news/?p=140232

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار

المالية: صرف رواتب الموظفين اليوم

الإثنين 2025/01/13 3:45 مساءً