غزة: خريجون جامعيون ينفذون مبادرة “العودة للأرض” للزراعة العضوية

في محاولة منهم للبحث عن مشروع اقتصادي يوفر لهم مصدر دخل في ظل أزمة البطالة المتفاقمة وعدم إيجادهم وظائف تناسب تخصصهم الجامعي، نفذ مجموعة من الخريجين الجامعيين في غزة مبادرة “العودة إلى الأرض” التي تهتم بالزراعة العضوية باعتبارها طريقة آمنة تجنب المستهلكين المخاطر الصحية والبيئية التي تسببها الأسمدة الكيماوية على المدى البعيد، ولتشجيع المزارعين الفلسطينيين على الاتجاه إلى الزراعة العضوية، حيث نجحوا في زراعة مساحة ألف متر مربع من الأرض غربيّ مدينة غزة بالعديد من المزروعات، منها: “كرفس وفجل وخس وخيار وبندورة وملفوف وقرنبيط”، وقاموا بتسويقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت منسقة المبادرة ريهام الحايك (24 عاماً) في حديث خاص لـ”القدس”: جاءت فكرة المبادرة من خلالنا كمجموعة شبابية تتبع لمؤسسة سبارك للابتكار والإبداع التي تهتم بالبيئة، حيث كانت مبادرتنا “العودة إلى الأرض”، إحدى المبادرات الفائزة في برنامج “ابدأ” الشبابي الممول من مؤسسة دالية، حيث تمكنا من الحصول على تمويل بمبلغ 2000 دولار أمريكي، وبالرغم من أنه مبلغ بسيط فإنه كان نقطة انطلاق قوية لتنفيذ مبادرتنا بعد أن قمنا باستئجار قطعة أرض تبلغ مساحة ألف متر مربع بـ500 دولار لمدة عام لخوض هذه التجربة”.
وفي تفاصيل هذه المبادرة تضيف الحايك الحاصلة على بكالوريوس محاسبة: “قمتُ برفقة زميلي المهندس الزراعي عودة عودة والزميل أصيل أبو حالوب “طالب هندسة مدنية” بالبدء بتنفيذ هذه المبادرة التي نسعى من خلالها إلى إنتاج محاصيل زراعية بدون أي مواد كيميائية تكون بديلة عن الزراعة التقليدية الموجودة في السوق، التي تعتمد بشكل أساسي على المواد الكيميائية، وذلك من منطلق أهمية استعادة الأرض لطبيعتها خالية من السموم التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان والبيئة والتربة”.
وأوضحت الحايك أن الهدف الرئيسي من تلك المبادرة هو تشجيع المزارعين في غزة على اعتماد الزراعة العضوية بديلاً عن الزراعة التقليدية، نظراً لأن المواد الكيميائية التي تستخدم في الزراعة التقليدية تسببت في ازدياد الإصابة بمرض السرطان حيث يسجل قطاع غزة شهرياً من 120 إلى 130 حالة مصابة بالسرطان مشيرةً الى أن الأمر ليس مجرّد مشروع عمل لشباب رفضوا الاستسلام للبطالة، إنما يتعدّى ذلك إلى تقديم خدمة كبيرة للمجتمع الذي يستحق أن يأكل غذاءه بشكل آمن بعيداً عن كل هذه المخاطر التي تهدد صحته”.
تحديات وتسويق..
وأشارت الحايك إلى أن الزراعة العضوية تكاليفها أقل من الزراعة التقليدية، حيث لا تُستخدم فيها طريقة تعقيم التربة، والمواد الكيميائية، لافتةً إلى أن الفرق بين الزراعتين أنه يتم استخدام أسمدة عضوية بشكل أكبر في الزراعة التقليدية، نظراً للآفات والحشرات، موضحةً أن الزراعة العضوية تعيد للتربة خصوبتها التي فقدتها بسبب التخبط في استخدام المبيدات الحشرية، وكل أشكال التعقيم ومكافحة الآفات بشكل كيميائي.
وقالت الحايك: “أسعار منتجات الزراعة العضوية تزيد عن أساعر الزراعة التقليدية بفارق بسيط، لكن هذا الفارق للأسف لا يناسب كثيراً من المواطنين بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة”، موضحةً أنها وزملاءها أُصيبوا بخيبة أمل عند توجههم لعرض منتجهم على عدد من نقاط بيع، ففوجئوا بأن التجار يبخسون في أسعارها، وهذا ما زاد من صعوبة التحديات أمامهم، فكان أبرزها كيفية الاستمرار في مشروعهم وتوسيعه، ونشر الفكرة بين المزارعين وأصحاب الأراضي، في وقت لا يزالون فيه غير قادرين على تسويق منتجاتهم.
وأوضحت الحايك أنهم اتجهوا إلى صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، للترويج لمنتجاتهم كما تم الإعلان عن نقطة بيع من خلال بازار أقيم بجوار أرضهم الزراعية، ونقطة أخرى في مركز “سبارك” الذي يحتضنهم، وبات يشكل مكاناً يتم من خلاله استقبال زبائنهم.
وكشفت الحايك أن ضعف التمويل المادي للمبادرة كان من أهم الصعوبات التي واجهتهم في تلك المبادرة، مشيرة إلى أن المبلغ كان غير كافٍ لتغطية جميع المستلزمات، حيث قاموا بتغطية عدة مصاريف على حسابهم الشخصي، مضيفةً أن هناك العديد من المزارعين الذين تسببوا لهم بحالة من الإحباط بقولهم إن تلك المزروعات العضوية لن تنجح، وإنها سوف تحتاج إلى مواد كيميائية لمقاومة الحشرات والآفات، معربةً عن أملها أن لا يحتاجوا لأي مواد كيميائية وأن يواصلوا عملهم في هذه المبادرة بالطريقة العضوية التامة.
مطالب ومناشدات..
وناشدت الحايك وزارة الزراعة والمؤسسات ذات العلاقة بتسليط الضوء على أهمية الزراعة العضوية، وتوعية المواطنين بها وتشجيعهم للإقبال عليها، خاصةً أنها طريقة آمنة وتجنب المستهلكين المخاطر الصحية والبيئية التي تسببها الأسمدة الكيماوية، إضافة إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي الى المزارعين الذي يتعرضون لخسائر فادحة، نتيجة المضايقات الذين يتعرضون لها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والمنخفضات الجوية الذي تتعرض لها مزروعاتهم بدون أي تعويض يقدم لهم.
وتطمح ريهام وزملاؤها لتطوير مبادرتهم وتوسيع المساحة المزروعة وإضافة محاصيل أُخرى بعد جلب تمويل يمكنهم من استمرارية عملهم، خاصة أن ثقافة المستهلك في قطاع غزة لا تشجع على الاستمرارية، في ظل ظروف اقتصادية سيئة بالكاد تمكن المواطن من شراء المحاصيل العادية خاتمةً حديثها بنقطة خطيرة، وهي أن “غالبية المزارعين لا يأكلون من المحاصيل التي يزرعونها، وإنما يقومون بزراعة محاصيل عضوية لهم ولعائلاتهم” وفقاً لما شاهدته وزملاؤها خلال فترة عملهم وزياراتهم لعدد منهم.
نقلا عن “القدس”دوت كوم- مكتب الوطن للصحافة
رابط قصير:
https://madar.news/?p=200045