فؤاد عيد ضحية قصور منظورنا للأمن كتب : كايد ميعاري
مرة أخرى كانت نابلس مسرحا لسقوط الضحايا، هذه المرة في وضح النهار وفي أكثر المناطق إكتظاظا بالمشاة، والمركبات، والقوة الشرطية، ورجال أمن شركات الحماية الخاصة. فؤاد عيد ضحية جريمة تضاف الى سلسلة أحداث شهدتها نابلس، وما كان له النجاة هو او من سبقوه أو من سيتبعوه، كوننا لم نعتبر من الدروس في معالجة الإنحدار المتزايد في منظومة الأمن المجتمعي، والأخلاقي الفلسطيني، التي هزت الإنسجام والسلم الأهلي المجتمعي.
بذلت ومازالت المؤسسة الأمنية الفلسطينية، بمختلف أجهزتها جهودا في سبيل الحد من الجريمة، وحفظ الأمن، لكن نجاعتها ستبقى محدودة طالما لا تقوم مكونات المجتمع المدني الأخرى بدورها على أكمل وجه، وتكتفي في أحيان كثيرة الى عقد الندوات وورش العمل وتخرج بمجموعة من بيانات الشجب والإستنكار دون برنامج عمل واضح يحدد كيفية وقف الإنحدار الحاصل في ثاني أكبر محافظات الضفة.
إن نابلس وهي تلملم جراحها، مطالبة اليوم كما لم تكن يوما بإستنهاض مؤسساتها الأهلية، وقطاعها الخاص، وفصائل عملها الوطنية والإسلامية بالشراكة مع المؤسسة الأمنية لمعالجة التحديات الإقتصادية والإجتماعية، وخاصة الإرتفاع المضطرد في نسب البطالة داخل المدينة، وتزايد في نسبة الفقر خاصة ببلدتها القديمة ومخيماتها.
هذه التحديات وغياب المعالجة الشاملة لها واقتصارها على حملة أمنية هنا أو هناك، يدفع لقاءها المواطن ثمنا باهظا، وتخلق في نابلس بيئة طاردة لكل ما هو جيد ونافع. بكل تأكيد لا أحد يملك عصا سحرية للحل، لكن البداية تبدء من فهم أعمق لدى صانع القرار الفلسطيني بضرورة العمل التكاملي ما بين ضابط الأمن والصحفي، ورجل الأعمال، والمؤسسات الأهلية، وفصائل العمل الوطني التي حان الوقت خلق التوازن في برامجها مابين السياسي والمجتمعي. إن نابلس قادرة على النهوض من جديد في حال تكاثفت هذه الجهود، وحمل كل طرف من هذه الأطراف مسؤوليته الوطنية والأخلاقية تجاه مستقبل الأجيال، ورحيل فؤاد رغم قسوته، يشكل بيئة إسناد مجتمعي كبيرة لصنع التغيير ووقف ما يجري من أحداث يندى لها الجبين.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=27462