قل لنا يا مغرض شيئا مغايرا لنقول لك : كنت على صح و كنا على خطأ … بقلم : حمدي فراج
يحاول البعض المغرض التقليل و التبهيت من “النصر” الذي حققه حزب الله في لبنان مؤخرا ، و هذا بحد ذاته حق لا يحق لأي كان أن يحجر عليه حتى لو كان مغرضا ، فنحن حين نقيم الوزن و التقييم نقيمه على الحقائق العنيدة لا على النوايا إن كانت مغرضة أم خالصة .
لكن لا يحق لهذا ، مغرضا كان أم مخلصا ، ان يصادر أدمغتنا أو يقلصها كي يقوم بحشوها بالخزعبلات و الترهات و الخراريف ، فيقول لنا ان حزب الله بموافقته على الهدنة الأخيرة يكون قد تخلى عن غزة و مقاومتها الباسلة و شعبها العظيم و تضحياتها الجسيمة و تطلعاتها المشروعة ، و هي حالة عاشتها منظمة التحرير من قبل ، حين رفعت شعار “يا وحدنا” لدى تخلي البعض الرسمي العربي عن التزاماته المالية تجاهها .
غزة ، ليست منظمة او حزب او حركة أو حالة ، غزة شعب يرابط في تخوم فلسطين المحتلة منذ النكبة ، قد تخدع من تخدع فيها أو منها ، لكنك لا تستطيع خداع الشعب كله ، فما بالك حين يكون هذا الشعب يدفع كل هذه الاثمان الباهظة في غمرة وقت قصير نسبيا ، قتلا و قصفا و نزحا و جوعا و بؤسا .
حتى لو كان شعب غزة شعبا غبيا ، فإنه بعد هذه الملحمة البطولية الباهظة ، محظور عليه ان يبقى كذلك ، فهناك عند مذبح حريته قدم نحو خمسين ألف حياة من الأطفال و النساء ، و الأهم ، المقاتلين الصناديد الذين دافعوا حتى الرصاصة الأخيرة من سلاحهم و القطرة الأخيرة من دمهم ، السنوار و الضيف و مروان عيسى و قبلهم هنية و العاروري ، و بعدهم أبناءهم و احفادهم و زوجاتهم ، ما جعل أي مواطن في غزة ان يحترم هذه القيادة المقاتلة جنبا الى جنب مع بقية المقاومين ، ما جسّده إسماعيل هنية بقوله حين جاؤوه بخبر مقتل خمسة من أبنائه و أحفاده : ليسوا بأفضل من غيرهم من شهداء شعبنا .. الله يساهل عليهم .
كيف سينطلي على هذا الشعب ان حزب الله تخلى عنهم ، و هو الذي فقد جل قيادته التاريخية في معركة الذود عن غزة ، و هو الذي لم يتمكن بعد من مواراة بعضهم الثرى ، و هو الذي حقق أحلام الشعب و الامة ان يرى وزارة الدفاع تقصف ، و غرفة نوم رئيس الوزراء تنتهك و تحويل العشاء في مطعم جنود و ضباط النخب الى العشاء الأخير .
يدرك الشعب في غزة و الضفة و الداخل و شعوب الآمة كلها ، و لربما الكثيرين من احرار العالم ، ان حزب الله هو الذي وقف الى جانب غزة فعلا لا قولا فقط ، من بين دول عربية و إسلامية عديدة ، بالعشرات ، عجزت عن ان تقف معها بالكلام ، فعز عليها ان تطلق لقب “شهيد” على ضحاياها ، عجزت عن ان تنجح في ادخال مواد غذائية و دوائية بسيطة الى شعب جد محتاجها و متلهف عليها ، و منعت مظاهرات المساندة في شوارعها ، و حتى الدعاء لها في مساجدها . قل لنا أيها المغرض إن كنت فلسطينيا او عربيا او إسلاميا ، من هي الجهة التي وقفت الى جانب غزة أكثر مما وقف حزب الله ، لكي يتعلم منها و يحتذي بها ، فنقول لك من بعد : كنت على صح ، و كنا على خطأ .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=327337