كلمات في وداع الشهيدة شيرين أبو عاقلة.. بقلم عاطف أبو الرب

مدار نيوز \
في كل المناسبات تقرع أجراس الكنيسة القريبة من مكتبي، واسمعها، فتقرع في الأفراح، والأحزان والأعياد، وكثيراً ما أسمع صوتها، لكنني اليوم شعرت بحجم الحزن والأسى وأنا أسمع الأجراس تقرع في وداع الزميلة الشهيد شرين أبو عاقلة، فكانت أصوات الأجراس تسري قشعريرة في أجساد الحاضرين.
وما زاد من فظاعة المشهد صيحات الله أكبر التي صدحت بها حناجر المشيعين في من أبناء جنين داخل الكنسية، حيث تداخلت أصوات أجراس الكنيسة بتكبيرات المشيعين لشهيدة الكلمة شهيدة جنين ومخيمها وريفها الصحفية شرين أبو عاقلة.
فقد أفاقت جنين على حدث فظيع أصابها، عندما انتشرن نبأ استشهاد الزميلة شرين فتدفع الناس رجالاً ونساءً إلى مستشفى ابن سينا، الكل مصدوم والكل يواسي الكل، وفي لحظة تحولت جنين لعائلة كبيرة فقدت ابنتها، فلم تعد تعرف من يعزي من، ومن يخفف آلام غيرها.
فقد شكلت شيرين حالة مهنية ملتحمة مع جنين ومخيها منذ حوالي ربع قرن، فلم تغب وفريقها، وزملاؤها عن المشهد شبه اليومي في جنين. وأتمنى لو أن شيرين تعي وتعيش لحظات الحزن الكبير الذي خيم على جنين، لتدرك ما تمثله لكل أبناء المحافظة، فقد ودعتها جنين، بما اختزنت من مشاعر الحب، ومخزون كبير من الغضب على الاحتلال، انهضي شيرين لتري كم أنت متجذرة في قلوب المواطنين في محافظة جنين، انهضي لتسمعي الهتافات والصراخ، انهضي لتشعري بعظمة وحدة الأديان في وداعك المهيب، فنادراً ما تختلط التكبيرات وأجراس الكنائس بهذا الشكل لتعزف معاً سمفونية الوداع المهيب، والحزن العظيم.
لو قدر لك راحلتنا أن تجمعي هذا الدمع الذي أدمى مقل الزملاء من جنين إلى رام الله، كل من حضر من الزملاء في وداعك كان لدمعه طريق في التعبير عما يجيش في خواطرنا، تعال لترى كم حجم الدموع التي لم أرها من قبل، حالة بكاء هستري عصفت بالجموع التي أمت جنين، وقصدت المشاركة في وداعك في زيارتك الأخيرة لجنين، تلك المحافظة، ذلك المخيم، تلك المدينة التي كنت وما زلت تحتلين مساحة كبيرة في الذاكرة.
عزاؤنا ونحن نكتب أننا نرثي زميلة لنا عرفها الجميع بمهنيتها وانتمائها الصادق لكل ما هو فلسطيني، ومشاركتها كل الزملاء من مختلف وسائل الإعلام، ومن كل فلسطين حضورهم، ونقلهم لجرائم الاحتلال.
ارتاحي في ضيافة الرحمن، ارتاحي مع الشهداء، ارتاحي هناك حيث الخالدون وجدوا طريقهم قبلنا، واعلمي أن لك من الحب الكثير لدى كل فلسطيني.