كيف تحول الشعب كله الى عرين أسود..بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز \
لا أحد يعرف كيف تتولد الظواهر والى اين تذهب و تتطور ، كان هذا مجمل التاريخ البشري عموما في مجالاته المختلفة والمتعددة ، حتى ظهر علماء “آباء” سبروا غورا عميقا في مجالات علومية متعددة و متجددة بعلماء اباء جدد ، و كمثال على ذلك ، انظر رحلة الطيران من عباس بن فرناس الذي حاول ان يطير قبل ألف سنة ، و بين طيران اليوم .
كان الانسان إزاء عجزه عن تفسير أي ظاهره بأن يرجعها لما أسماه – و ما يزال – علم الغيب . الزلازل التي ضربت تركيا و سوريا مؤخرا على سبيل المثال ، ما زالت لدى الكثيرين ضمن علم الغيب ، رغم ان العالم الأمريكي تشارز ريختر قبل حوالي مئة سنة طور مقياسا لمعرفة درجة الزلزال ، و تم اعتماده في كل العالم ، لكن لم يأت بعد من يستطيع معرفة وقت وقوع الزلزال لكي يتم تجنب أضراره .
عرين الأسود ، ظاهرة حديثة في النضال الفلسطيني المستعصي ضد الاحتلال الإسرائيلي ، انبلجت بعد فشل الجهود الشعبية والرسمية الفلسطينية في دحر هذا الاحتلال عبر مئة سنة من العذاب والاضهاد والقمع ؛ ثورات واضرابات واعتصامات منذ عشرينيات القرن الماضي ، ثم كفاح مسلح و فصائل وحركات وأحزاب ، ثم انتفاضة حجارة ،
ثم انعطافة سلام استمرت ثلاثين سنة من الخداع ، و ما زالت مستمرة ، ثم انتفاضة مسلحة ، ثم انتفاضة سكاكين ، (ثلاث انتفاضات في اقل من ثلاثين سنة) دون ان يتم تحرير متر فلسطيني واحد من الأرض التي احتلتها إسرائيل قبل ست وخمسين سنة ، فجاءت “عرين الأسود” من عدد محدود من الشبان اليافعين في منطقة محددة بمدينة نابلس ، فتفتق العقل الصهيوني الأمني الاستخباري الإرهابي بضرورة القضاء عليها في مهدها ،
و رغم ان إسرائيل أصبحت خبيرة في الإرهاب او القضاء على الإرهاب ، الا انها لم تحسن قراءة الظاهرة ، و لا من اين انبلجت ، و لا الظروف التي أدت لظهورها ، و لا الى اين يمكن ان تذهب و تتطور ، بل وجدت اكثر غباء في من نصحها ان يتم تفكيكها بالحسنى و شراء سلاحها و توظيف عناصرها في الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، هكذا تم التعامل من قبل مع كتائب شهداء الأقصى قبل حوالي عشرين سنة .
فشلت جهود القضاء على العرين ، سواء بالطريقة التقليدية المتمثلة في اغتيالهم و اعتقالهم ، او بالطريقة الديبلوماسية المتمثلة في شراء ذممهم عبر المال والوظائف والامتيازات .
لم يدرك “الخبراء” الإسرائيليون و من معهم في المحيطين الإقليمي والدولي كنه و مضمون أبناء الحركة المقاومة الجديدة ، حتى جاءت المجزرة الأخيرة في نابلس قبل أيام ، فأصبحت الحركة بمثابة عرينا لكل الشعب الفلسطيني و فصائله واحزابه ، و هذا ما جسدته دعوتهم الخروج الى الشوارع بعد منتصف الليل ، فخرجت الجماهير في مدن الضفة الغربية ، و كذلك في قطاع غزة ، أكثر مما يخرجون في أي واجب مقدس آخر .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=270523