للرد على إجهاض حل الدولتين: الضفة كلها مناطق “ج”
خيرا فعل مسؤول ملف المفاوضات، صائب عريقات، عندما أكد، الأسبوع الماضي، أن البديل عن حل الدولتين هو دولة واحدة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود، لكن هذا التصريح يجب أن يتبع بخطوات عملية تجعل التنصل الأميركي الإسرائيلي من حل الدولتين مكلفا، ويضع إسرائيل وجها لوجه أمام واقع الدولة الواحدة والحقائق المترتبة عليها.
لقد حول لقاء ترامب – نتنياهو، فكرة الدولتين وخريطة الطريق والمبادرات الدولية والتهديد بفرض العقوبات على إسرائيل والشبهات التي كانت تحوم حول المستوطنات، إلى أمور غير ذات صلة أو هامشية على الأكثر، على حد تعبير الصحافي بوعز بسموت، الذي كتب في “يسرائيل هيوم”، أن تصريحات ترامب حولت سنوات أوباما الثمانية وعهد كلينتون إلى تاريخ قديم، وحولت أوسلو ومبادرات السلام لعلماء الآثار.
والحال كذلك، فإن استمرار التمسك بتصنيفات أوسلو وترجماته من طرف واحد، بعد تقويض الأساس الذي يقوم عليه والمتمثل بحل الدولتين، يعني التخلي عن 60% من مساحة الضفة الغربية، هي مناطق “ج”، التي يسعى التيار المهيمن في الحكومة الإسرائيلية لضمها إلى إسرائيل، والتي يقطن فيها 400 ألف مستوطن و100 ألف فلسطيني فقط، كما يدعون، والرضى بسلطة الكانتونات والتنسيق الأمني.
لقد آن الأوان أن تفهم القيادة الفلسطينية ما كان باستطاعتها أن تفهمه قبل اغتيال رابين أيضا، أن إسرائيل تخدعها، وأنها قد تقول “دولتان”، لكنها تطبق واقع الكانتونات، كما كتبت الصحفية اليسارية عميرة هس، التي انتقدت في مقال كتبته في صحيفة “هارتس” تمسك القيادة الفلسطينية بخيار المفاوضات، وعزت سبب ذلك إلى استبدال القيادة الفلسطينية لبيروقراطية حزب التحرير القومي بالبيروقراطية السلطوية مع المنطق الداخلي في الحفاظ على الذات والالتصاق بالمنصب.
وهو خداع ازداد، كما تقول هس، بفعل السيادة المحدودة في داخل الكانتونات الفلسطينية، التي باتت السلطة الفلسطينية وحماس تقدم فيها الخدمات الرئيسية للجمهور، وتقوم بنشاطات جماهيرية لم يكن مسموحا بها تحت الاحتلال المباشر، وذلك بالرغم من الانتقادات التي تُسمع ضد السلطة حول الفساد والديكتاتورية وعدم النجاعة واللامبالاة والفجوات الاجتماعية وغيرها.
فإذا كانت القيادة الفلسطينية قد خدعت نفسها وخدعت شعبها مدة 24 عاما، وبررت هذا الخداع بعملية سلام مزعومة ودولة موعودة مشتقة من حل الدولتين، الذي شكل أساسا لهذه العملية، والتزمت أميركا وإسرائيل به، لفظيا فقط، فإن تنكر أميركا وإسرائيل لحل الدولتين قولا وفعلا في عهد ترامب وبينيت لا يدع مجالا للشك ومكانا لاستمرار خداع الذات.
لقد بات من الغباء الاستمرار بالضحك على أنفسنا والوقوع في مكامن الخديعة، بعد أن أصبحت الإدارة الأميركية الجديدة وإسرائيل تلعبان على المكشوف ودون مراعاة للحفاظ على ماء وجه القيادة الفلسطينية أمام شعبها، فهي تدفن حل الدولتين جهارا نهارا وترسل رئيس “سي آي إيه” للاجتماع مع محمود عباس، وتحمله رسالة تطمين بخصوص وجود السلطة الفلسطينية كونه هام بالنسبة للولايات المتحدة، التي تعرف أن صيانة الكانتونات تضمن نوع من الاستقرار الأمني.
هم يريدون بقاء السلطة لإبقاء واقع تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق “أ” و”ب” و”ج”، ليتسنى لإسرائيل ضم مناطق “ج” التي تشمل أقل عدد من السكان الفلسطينيين وأكبر مساحة من الأرض، وتكريس واقع البانتستونات المعزولة التي خلقتها أوسلو، وبذلك يهربون من استحقاق نسف حل الدولتين المتمثل بدولة واحدة ثنائية القومية أو دولة أبرتهايد.
رد القيادة الفلسطينية على مخططات ضم مناطق “ج”، يجب أن يكون بتحويل كافة مناطق الضفة الغربية إلى مناطق “ج”، عبر إلغاء أوسلو بتصنيفاته التي حولت مدن الضفة إلى كانتونات معزولة، وترجماته المتمثلة بسلطة تنسيق أمني تابعة وفاسدة. هذا الرد سيضع إسرائيل أمام خيار وحيد وهو ضم 2.5 مليون فلسطيني، هم مجمل سكان الضفة الغربية الموحدة، الأمر الذي يعني إما تحولها إلى دولة ثنائية القومية أو إلى دولة أبرتهايد.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=30443