مبحث المشاريع الصغيرة في الفرع التجاريّ.. ضجةٌ في الوسط التعليميّ والوزارة تُجيب

نابلس خاص – فراس أبو عيشة الوزني: لم يمضِ سوى أيام قليلةٍ معدودة على بداية العام الدراسي 2016/ 2017 في الضفة الغربيَّة وقطاع غزة، وسط تغييراتٍ طرأت على مباحث المراحل الأساسيَّة، وجزءاً من المراحل الإعداديَّة، لِتُطال مرحلة الثانويَّة العامة لفرع الريادة والأعمال “التجاريّ”، بإضافة كتابين جديدين (الإدارة والاقتصاد، والمشاريع الصغيرة)، لِتضُج جموع المعلمين والطلبة اعتراضاً على الثانيَّة.
ومن الجدير بِالذكر أنَّ نُشطاء من مُعلمين وطلبة أطلقوا عبر موقع التواصل الاجتماعيّ “فيسبوك”، هاشتاغ يحمل اسم (#لا_لكتاب_المشاريع_الصغيرة_للصف_الثاني_الثانوي_فرع_الريادة_والأعمال) اعتراضاً على المبحث المذكور.
“لم نرَ تسهيلاتٌ كَباقي الفروع“
يُشير طالب فرع الريادة والأعمال طارق مرعي، إلى أنَّ توجهه لِهذا الفرع، لم يكُن إلا تهرباً من الحفظ الذي يعتمده الفرع الأدبيّ، والحل في الفرع العلميّ.
ويقول “كُنا قد سمعنا أنَّ وزارة التربية والتعليم ستُغير المنهاج، وتحذف عدداً من المواد تسهيلاً على الطلبة في جُل التخصصات، فالفرع العلميّ والأدبيّ والصناعيّ حُذف لهم العديد من الأمور، أما التجاريّ، أو ما عُرف بِالريادة والأعمال، فَكتاب الإدارة والاقتصاد جُمع مع بعضه البعض دون أيَّ تسهيل، وحُذفت مادة الماليَّة، واستُبدلت بِمادة المشاريع الصغيرة، التي يتجاوز عدد صفحات كتابها في الفصل الأول 200 صفحة، ويُضاهيها الكتاب كذلك في الفصل الثاني”.
ويُبيَّن أنَّه قيل لهم بِأنَّ المادة سهلة وسلسة، لكنهم تفاجأوا عندما رأوا الكتاب، وبدأ المعلمون والمعلمات عملية تدريس المبحث، ليكتشفوا أنَّ مُعظم ما هو في المادة حفظ، وهي صعبة شبيهة بمادة الإدارة والاقتصاد، مُختتماً حديثه “لو كُنا نعرف إنه في هيك حفظ، كان دخلنا تخصص الأدبيّ بكل بساطة”.
أما الطالبة مرح الدلع، فَـلم يختلف حديثها واعتراضها عن مَن سبقها، مُتوجهةً بِطلبٍ لِوزارة التربية والتعليم بِتخفيف حجم المادة، وأن تكون على فصلين، وتقتصر على الحل ليس أكثر.
مبحثٌ “مُختل” ويجب معالجته
من جانبٍ آخر، يصف الأستاذ ماجد حجة، أحد مُدرسي مبحث المشاريع الصغيرة، أنَّ هذا الكتاب يُمثل “رحلة خياليَّة” لِمؤلفيه، مُضيفاً “هو يحتاج إلى مناقشات مُستفيضة أثناء التدريس، وطالب الثانويَّة العامة يحتاج إلى معلومات أشبه بالعصارة النهائيَّة، وليس الاستنباط المُستفيض، والخيال الواسع”.
ويُوضح أنَّ الطالب أيضاً بِحاجة إلى معلومة مُحددة ومُختصرة، والإبحار يُضيع جهد الطالب، وبالتالي الإضرار بِتحصيله فضفاضٌ بِدرجة كبيرة، والإجابات تحتمل آراء عدة.
وفي نفس الإطار، يُردف “مادة الكتاب كبيرة مُقارنة مع مناهج الفرع التجاريّ الأُخرى، وهو ما يحتاج وقت لِفصلين كاملين وأكثر، فَإداري بِدرجة كبيرة أوهمنا بِحذف الإدارة، وإذ بِنا نجدها بين جُنبات هذا الكتاب”.
مُشيراً إلى أنَّ هذا الكتاب “مُختل” بِدرجة كبيرة جداً، دون قصد الإساءة لِمؤلفيه، وقد يدفعه الحال إلى الاعتذار عند تدريسه إذا بقي بهذه الصورة، داعيَّاً إلى: عمل الكتاب الحالي فصلين، واعتماد الحالات الدراسيَّة للإطلاع فقط، والتخفيف من الأنشطة، فهناك عشرات الجداول.
وتحدثت إحدى المعلمات قائلة “يعتمد الكتاب في إجابة الأسئلة المطروحة على الآراء والاجتهادات الشخصيَّة، وهذا لا يتلاءم مع طالب الثانويَّة، الذي يحتاج إلى إجابةٍ نموذجيَّةٍ، والكتاب كبير الحجم، وعدد صفحاته تجاوزت 200 صفحة لِفصل واحد، وليته لِفصلين، دون الحاجة لِتأليف فصل ثاني”.
مُشيدةً بِضرورة أن يكون للكتاب دليل للمعلم، مُوضحاً فيه طرق تدريس الكتاب، حتى يستطيع أن يُوفق المعلم في إيصال الفكرة للطالب، ويجب أن تُوضع إجابة نموذجيَّة مُوحدة لجميع الأسئلةً، إضافةً إلى أنَّه يُحبذ اختصار الكتاب في دوسية مُوجزة، لإقناع الطالب بسهولة المادة، وقدرته على اجتيازها، مع الأخذ بِعين الاعتبار أهميَّة إقامة دورة أو ورشة عمل لمُدرسي المبحث، لِوضع خطوط عريضة على طُرق تدريسه.
التربية: الاعتراضُ مُبالغٌ فيه
في تصريحٍ خاص من مصادر مُقربة في وزارة التربية والتعليم “هُنالك إجماع في الضفة الغربيَّة وقطاع غزة بأنَّ المادة غير مُناسبة بِعدد صفحاتها، أو حتى في محتواها، وهُنالك نقاشات جديَّة مع المُشرفين بِخطوات احتجاجيَّة تتزامن مع تحرك طلابيّ”.
وإنَّ عملية تطوير المناهج الجديدة كما يتحدث رئيس مركز المناهج في وزارة التربية والتعليم ثروت زيد، تنسجم مع رؤية ورسالة الإصلاح التربويّ في فلسطين، والتي تتصف بالعقلانيَّة العلميَّة المُنبثقة من ضروريات الحاجة، وواقعيَّة المنشأ، على اعتبار أن البيئة الفلسطينيَّة بمكوناتها هي حاضنة عملية التغيير.
وتابع “بناءً عليه فإنَّ المسؤوليَّة الوطنيَّة والتربويَّة تحتم علينا العمل تجاه الطلبة، بما يُحقق الغايات والأهداف التي وضع من أجلها المنهاج، لنتجاوز إخفاقات المنهاج القديم، وما اعتراه من ضعف، لنخرج من قيود التلقين إلى تنمية التفكير بأنماطه المختلفة والتأمل، لذا استوجب تغيير حقيقيّ في طرق عرض المادة على الطلبة، بما يُحاكي حاجاتهم وميولهم وخصائصهم وسماتهم الشخصيَّة، وكان منحى منهج الأنشطة الأكثر ملائمة للكتب الجديدة”.
ويؤكد زيد في حديثٍ خاص، أنَّنا في الوزارة لا نُنكر أنَّ حجم كتاب المشاريع الصغيرة كبير، لكن طريقة طرح المادة ومحتواها محدود جداً، وتعتمد بشكلٍ رئيس على دراسة حالة ليس أكثر، وبالتالي فهي بِحاجة إلى جهد ووقت، مع العلم أنَّه الاعتراض على المبحث مُبالغٌ فيه، ويجب الأخذ بعين الاعتبار التفرقة الأساسيَّة ما بين مُسمى الفرع التجاريّ الذي كان سابقاً، ومُسمى فرع الريادة والأعمال الحالي الجديد، الذي أقره مجلس الإصلاح التربويّ المُنبثق من مجلس الوزراء على مستوى وزارة التربية والتعليم، ويُبنى عليه التناقض الواضح والصريح بين الفرعين.
مُختتماً حديثه “سيكون هنالك اجتماع مع المعلمين ومُمثلين عن الطلبة خلال هذا الأسبوع، أو في الأسبوع الأول بعد عيد الأضحى المُبارك”، مُتمنيَّاً أن يكون النظام الجديد في جُل الفروع والتخصصات أسهل من السابق، كونه يُعطي حرية أكثر لطالب الثانويَّة العامة في الاختيار المُستقبليّ.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=6224