محكمة سعودية ترفض حكماً بسجن داعية سبَّ ناصر القصبي
رفضت محكمة الاستئناف في عسير بجنوب غرب السعودية الحكم الصادر من محكمة “أحد رفيدة” ضد الداعية سعيد بن فروة، بسجنه لمدة 45 يوماً، لتكفيره وسبه الممثل ناصر القصبي في خطبة بأحد المساجد.
وبررت الاستئناف – وفقاً لما نقلته صحيفة عكاظ عما وصفته بمصادر- الرفض بأنه جاء بسبب بما تعلمه عن بن فروة من الصلاح والاستقامة والدعوة إلى الله، معتبرةً حكم المحكمة الجزائية بسجنه في غير محله.
كما رأت محكمة الاستئناف أن القصبي ممن اشتهر بالاستهزاء بالدين والمنتسبين إليه، كالقضاة، والعلماء، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والصالحين، والتشبه بالنساء، وأنه قد صدر عنه بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 21685 في 1421/9/7، جاء فيه بيان المخالفات الشرعية التي يقوم بها، وختم البيان بتحريم مشاهدة تلك المسلسلات ونشرها.
وأكدت المصادر أن محكمة الاستئناف أعادت الحكم للمحكمة الابتدائية مرفقاً بعدد من الملاحظات، منها أن الحكم الصادر ضد بن فروة بالسجن لمدة 45 يوما في غير محله؛ لكونه من أهل الصلاح والاستقامة والدعوة إلى الله، كما أنه لم يذكر الممثل بالاسم.
وكان الحكم الذي رفضته الاستئناف قد صدر عن المحكمة الجزائية، منذ عدة أشهر بسجن بن فروة لمدة 45 يوماً متتالية تعزيراً، وأخذ التعهد الشديد عليه بعدم العودة إلى هذا العمل بعد ثبوت إدانته بسب القصبي والتشهير به، بعد وصفه ب-“الكافر” و”الديوث”.
وجاء رفع الدعوى ضد بن فروة وهو خطيب الجمعة في أحد مساجد عسير، بعد انتشار مقطع صوتي له لعن فيه وكفّر الممثل الكوميدي ناصر القصبي، ووصفه بأوصاف منها الكفر والزندقة، كما كفر قنوات mbc، غير أنه تراجع عن التكفير عبر حسابه في “تويتر”، وشرعت حينها وزارة الشؤون الإسلامية بالتحقيق فيما حدث.
علم شخصي
المحامي خالد البابطين، قال لهافينغتون بوست عربي “بخصوص قضية ناصر القصبي يبدو لي أن القاضي قضى بعلمه الشخصي ، وهو بهذا خالفَ مادة في نظام المرافعات تقضي بأن القاضي لا يقضي بعلمه الشخصي ولا يقضي بخلاف علمه الشخصي، وأرى أن الحكم معيب بعيب نظامي، حسب قوله.
وأوضح البابطين أنه مما تبين له أن الذي صدر هو ملاحظات من قبل محكمة الاستئناف وقد يصر القاضي الابتدائي على حكمه”.
ردود الفعل
وأثار خبر رد دعوة ناصر القصبي ردود فعل متباينة على تويتر حيث غرد عدد من المواطنين السعوديين تحت وسم #رفض_سجن_مكفر_القصبي
وبينما انتقد البعض القصبي إلا أنهم رفضوا الحكم لأنه يبرأ المكفرين، في حين رأى آخرون أنه سيزيده شعبية.
وكتب سليمان الغامدي على تويتر “بن فروه أخطأ لكن القصبي يستاهل!! منطق أعوج!!!”, بينما كتب صاحب حساب Mohamed840 على حسابه بتويتر أيضًا “القصبي من أشد المعجبين به نعم استهزأ بالدين ويستحق العقاب لكن ييجي شيخ ويكفر العالم ذا!!! الله يهدينا ويصلحنا وياهم”.
وكتبت تغريدة على حساب هيلة المشوح “لسنوات طويلة وهم يحاربون القصبي لأنه يكشف كواليسهم ويعريهم أمام المجتمع.. وهذا الحكم يرفع أسهمه أكثر وشهادة لنجاحه!”.
سوابق
يذكر أنه هذه ليست المرة الأولى التي ترد دعوة قذف حيث صادقت محكمة الاستئناف على حكم المحكمة الجزائية بالرياض، القاضي برد دعوى رفعها المحامي عبد الرحمن اللاحم ضد داعية وصفه (وصف اللاحم) في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بـ “محامي الزنادقة”، مشيراً إلى أن المحكمة اعتبرت الوصف يعد من قبيل “الذم المقبول”.
وقال اللاحم في مداخلة له على قناة “العربية”: القضية ظلت تدور في أروقة المحاكم لمدة 4 سنوات، حتى تولاها أحد القضاة، وأصدر هذا الحكم بهذا الشكل، وبرأ المتهم بعد أن اعتبر أن هذا الذم “محامي الزنادقة” مقبول، وأن المدعي له مواقف تدعم هذا الذم”، مشيراً إلى أنه بنى حكمه على قضايا خارج مجلس القضاء، بما يخالف المبدأ الراسخ للقضاء.
“هافينغتون بوست عربي” تواصلت مع المستشار القانوني عبدالله صالح العنزي لإيضاح ما المقصود بالذم المقبول؟ وهل تدخل كلمة الزنادقة ضمن المقبول؟ فاعتبر أن الحكم غير منصف، موضحا أن الذم لغة هو الانتقاص والاستحقار والهجاء وهو عكس المدح فكل ذم يعتبر غير مقبول لأنه ليس من مكارم الأخلاق والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” فالشريعة الإسلامية كرمت الإنسان وصانة له كرامته”.
وتابع” أما ما وجه للاحم فإن هذا يخرج حتى عن وصف الذم ، بل الأقرب في تكييف الدعوى أنه تكفير جميع الذين يترافع عنهم اللاحم لوصفهم بالزندقة، فالزنديق عرف بأنه الذي لادين له.
كما أنه من ضمن الأنظمة المعمول بها بالمملكة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي لم يستثني الذم المقبول أو غيره من تطبيق هذا النظام حيث أنه جاء في نص المادة الثالثة من هذا النظام “أنه يعاقب بالسجن مدة لاتزيد عن سنة وبغرامة لاتزيد عن 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب جريمة المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو مافي حكمها، ولم يتم استثناء ذماً مقبولاً أو غير مقبول من تنفيذ مواد وعقوبات هذه المادة”.
وقائع سابقة
وكان بن فروة قد أثار جدلا مماثلا عندما ألقى خطبة تعرض فيها لأقارب العاملات في المجال الطبي، معتبرا أنه لا غيرة لهم، وأنهم وراء فتنة الفتيات، كما تعرض في خطبته التي انتشرت بشكل واسع إلى المبتعثات وآبائهن الذين سمحوا لهن بالدراسة خارج البلاد حتى وإن رافقوهن.
وعلق آنذاك المستشار في وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور عبد الرحمن العسكر بأن سعيد ليس من منسوبي الوزارة وغير مصرح له بالدعوة ، ولا يحمل مؤهلا شرعيا يؤهله أن يكون داعية شرعيا، لذلك منعته الوزارة من إقامة أي برنامج دعوي أو خطبة جمعة.
هافينغتون بوست
رابط قصير:
https://madar.news/?p=25598