مدينة جنين تخنقها البسطات وتغطي شوارعها النفايات .. عاطف أبو الرب

مدار نيوز \ جنين
هذا ليس عنوان لقصة، بل صورة واقعية لم يعد بإمكان أياً كان إخفاءها، هذه الصورة التي تتضخم يوماً بعد يوم، تثير قلق وخوف المواطنين، وترعب التجار، الذين تأثروا بشكل كبير جراء هذا الواقع المؤلم.
صفحات التوصل الاجتماعي، تعج بالمنشورات التي تشكوا من سوء أوضاع المدينة، وما آلت إليه الظروف من تراجع لمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ورغم كل ذلك، المسؤولون يصموا آذانهم عن سماع صراخ المواطنين، تارة بالتذرع بالأوضاع الأمنية السائدة، وتارة بالظرف السياسي، وتارة أخرى بأن أهالي جنين لا يحبونها، وغير حريصين عليها.
وبكل أسف كلما ارتفعت الأصوات، ووصلت للمسؤولين، فإنهم يتداعون لاجتماعات في مكاتبهم المغلقة. يجتمعون، ولا ندري ماذا يقولون، وكيف يفكرون، وتخرج علينا دوائر العلاقات العامة بأن مجموعة من المسؤولين اجتمعوا وبحثوا الأوضاع في المحافظة، وفي العادة لا بد من عبارة تعزيز السلم الأهلي.
اعتقد، ومعي آخرون أن يشاركونني اعتقادي أن استمرار تعاطي المسؤولين مع مشاكل جنين بهذه الطريقة ينذر بانفجار لا محالة قادم، وعندها لن تنفع خطابات وشعارات البعض حول خطورة تدهور الأوضاع، فلا يعقل أن تبقى جنين مستباحة بهذه الطريقة.
ولوضع الأمور في نصابها، فإن أكبر مشاكل بلدية جنين العجز المالي الذي تعاني منه البلدية، وتتوارثه البلديات. ولو حاول البعض معرفة أسباب العجز فسيصل بسهولة لمعظم هذه الأسباب، وهي كما يلي، بداية إعفاء أهالي مخيم جنين من أثمان الكهرباء والمياه، وتنصل الحكومة من دفع هذه المبالغ، مع العلم أن قرار إعفاء المخيمات، وليس جنين فحسب، كان بقرار حكومي.
من هنا أرى أن على الحكومة ممثلة بوزارة المالية دفع الفواتير المترتبة على سكان المخيمات وإعفاء البلديات من هذه المسؤولية، التي تفوق قدرة أية بلدية. وهنا لا اعترض على الإعفاء، بل أطالب الجهة التي أعفت المخيمات من أثمان الخدمات تحمل هذه الفاتورة.
ثانياً، ارتفاع فاتورة الرواتب المستحقة شهرياً من بلدية جنين، وهي لموظفين وعمال، ومتقاعدين، فصندوق التقاعد حسب ما يؤكده الكثيرون عملت البلدية في فترة معينة من تاريخها- ليس هذا المجلس- على التصرف بأموال صندوق التقاعد، ما يعني أن على البلدية شهرياً دفع فاتورة المتقاعدين، مع العلم أن المفروض أن يتم الدفع من الصندوق المخصص لذلك.
ومما يزيد من الأعباء المتربة على البلدية، أن عدد لا بأس به من الموظفين والعمال غير عاملين، فمنهم من تم استيعابه من أسرة شهيد، أو أسير، ومنهم من تم استيعابه حالة اجتماعية، وآخرين لا يعملون بحجج مختلفة، واعتقد أن إعفاء البلدية من تحمل هذه المسؤوليات يساهم في تعزيز القدرة المالية للبلدية، وبدون ذلك ستبقى البلدية تدفع مبالغ مالية بدون أي مقابل.
وحتى أكون عملي، أرى أن البلدية تحتاج دعم حقيقي، يتمثل في توزيع الموظفين المستوعبين على المؤسسات الحكومية، ووقف هذا الأسلوب، فليس من مسؤولية البلدية دفع مبالغ مالية لموظفين وهميين، وغير فاعلين، وإن كان لهؤلاء حقوق فتتحملها الحكومة، أو التنظيمات التي تتباهى بأسراها وشهدائها، ولتشارك هذه التنظيمات في تحمل المسؤولية تجاه عوائل الشهداء والأسرى، ولتعفى البلدية من هذه المسؤولية، مع ضرورة الحفاظ على كرامة هذه الفئات، وعدم المساس بحقها المالي الذي يؤمن لها حياة كريمة.
ويبقى الشق الآخر، وهي الانتشار العشوائي والمبالغ للبسطات التي لم تعد بسطات، ومنها تحول لمحلات تنافس المحلات التجارية، هذه البسطات الآن أصبحت معادلة، وبعض أصحابها، صاروا رجال أعمال، فيما لا تتقاضى البلدية منهم أي مقابل، وعلى العكس بعضهم يحصل على خدمات دون مقابل. وأرى أن البلدية لوحدها لن تكون قادرة على إزالة التعديات، وتجميع البسطات في المواقع المخصصة، وتحتاج لقوة تحمي البلدية من أي اعتداء قد يكون على موظفي وعمال البلدية. وأجزم أن المسؤولية هنا تقع على كاهل الأجهزة السيادية، إن صح التعبير. وأرى أن أي تهرب من تنفيذ القانون، وتحت أي غطاء يعتبر جريمة بحق جنين، تفوق جرائم المعدين على الشوارع والأرصفة.