مركز توقيف”عتصيون” .. المحطة الأولى لمعاناة الأسرى في جنوب الضفة

ما أن يُزال غطاء العيون عن وجوه المعتقلين الفلسطينيين الجدد الذين انتزعوا من بين أهليهم، عنوة بعد اقتحام قوات الاحتلال منازلهم ونشر الدمار والخوف فيها، حتى يجدوا أنفسهم في ما يسمى توقيف “عتصيون” .. لتبدأ بعدها حكاية الاعتقال.
مركز التوقيف الاسرائيلي في جنوب الضفة الغربية، أو ما يسمى توقيف “عتصيون”، صاحب أعلى سجل انتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين، يتبع لإدارة جيش الاحتلال، ويقع جنوبي مدينة بيت لحم في مقر الإدارة المدنية والعسكرية الاحتلالية ويحيط بهذا المعسكر مستوطنة “غوش عتصيون”، المقامة على أراضي القرى والبلدات الفلسطينية في بيت لحم والخليل.
يلجأ جيش الاحتلال الاسرائيلي لنقل من يتم اعتقالهم ليلاً لـ “عتصيون”، والذي يُعد المحطة الأولى لأغلب المعتقلين من مدينتي الخليل وبيت لحم، عدة أيام في ظروف اعتقال أقل ما توصف بأنها “مزرية”، وذلك تمهيداً لترحيلهم لمراكز التحقيق أو المعتقلات الرئيسية.
يروي المعتقلون الذي عايشوا تلك المحطة في حياتهم، صنوف التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي، الذي يبدأ منذ اللحظة الأولى في الاعتقال من بعد اقتحام المنزل وتفتيشه، واجبار المعتقل على مرافقتهم مكبل اليدين ومغمض العينين، ليتم نقله بمركبة عسكرية يتعرض داخلها للاعتداء من قبل الجنود، حتى الوصول إلى مركز توقيف “عتصيون” حيث “عنوان المعاناة” وفق قولهم.
توضح محامية “نادي الأسير” الفلسطيني، جاكلين فرارجة، التي تتابع ظروف المعتقلين في مركز “عتصيون”، أن المعتقلين في “عتصيون” يتعرضون لجملة انتهاكات، ما بين التفتيش العاري لحظة دخولهم المعتقل وتقديم الطعام الرديء، ناهيك عن عدم توفير الملابس والأغطية وسط اكتظاظ الأسرى داخل المعتقل.
بقايا طعام الجنود يقدم للأسرى
وكشفت فرارجة في حديث لـ “قدس برس”، أن الاحتلال يقدم للمعتقلين في مركز “عتصيون” بقايا ما يأكله الجنود من طعام ويتم تجميعه من أواني متسخة وغير صحية، يوزع بطريقة لا تليق بالآدمية ويحضر الجنود احياناً تلك الوجبة لتوزع على مجموعة الأسرى وهي لا تكفي لاطعام شخص واحد.
ويعاني الأسرى – وفقاً لمحامية نادي الأسير – من انتشار الروائح الكريهة بسبب عدم تقديم إدارة المعتقل للمنظفات، كما وأن نسبة الرطوبة عالية في غرف الاعتقال ويظهر أثر العفونة على جدران السجن، كما أنه لا يحتوي إلا على نافذة حديدية صغيرة ويرافق ذلك عدم سماح الاحتلال باستبدال او غسل اغطية الأسرى وملابسهم.
يقول الأسير المحرر يحيى صالح من الخليل – أمضى عشرين يوماً في معتقل “عتصيون” – أن تعامل الجنود عدائي واستفزازي، ويطلقون ألفاظ النابية ضد المعتقلين، وكثير من الأوقات يكون الجنود قد دخلوا الخدمة حديثا مما يزيد الأمر سوءا.
تفتيش عاري
ويصف صالح في حديث لوكالة “قدس برس” بداية معاناة الأسير، بوصوله للمركز، حيث يمكث قرابة الساعتين في سيارة الانتظار، وبعدها يخضع لعملية تفتيش مشينة واستفزازية تتمثل بإجباره على التعري من كل ملابسه ويتعرض للسرقة خصوصا النقود وأجهزة الهاتف، ويلجأ الجنود احياناً لاستخدام الكلاب في إرعاب الأسرى خاصة الأطفال منهم وسط صراخ الجنود، ووابل من الشتائم لا يتوقف.
وبعد إدخال المعتقل إلى غرف الاحتجاز – يتابع صالح حديثه – يجبر الجنود المعتقلين على الجلوس أرضاً وخفض رؤوسهم وتكبيل الأيدي إلى الخلف، ويتم الاعتداء عليهم بالضرب في حال رفضوا الأوامر خصوصاً لحظة العدد ودخول أي ضابط من الشاباك، ولا يسمح للمعتقلين بالخروج للفورة إلا ساعة واحد في اليوم، ويخضع ذلك لمزاج الجنود .
طعام غير مطبوخ
ويشير إلى أن الغرف التي يقبع فيها الأسرى قذرة ومتسخة مليئة بالحشرات والقوارض “البق” والجنود لا يستجيبون لمطالب الأسرى بتوفير مواد التنظيف، بالإضافة إلى عدم توفر بطانيات كافية وفرشات، الأمر الذي يجبر احياناً كل أسيرين للنوم على برش” سرير” واحد .
ويضيف صالح “كما وأن الطعام سيء للغاية، حيث يقدم للمعتقلين صنف واحد يوميّا وغير مطبوخ، كما أن كميته”.
من جانبها قالت “هيئة الاسرى والمحررين” (حقوقية حكومية)، أن الاحتلال لجأ موخراً إلى اجراءات عقابية بحق المعتقلين في مركز توقيف “عتصيون” تمثلت بالغاء الفورة، (وهي خروج المعتقلين خارج الزنازين لفترة وجيزة)، وهي أبسط حقوق المعتقل، وتقديم وجبات الطعام بطريقة مهينة، ومذلة بحيث يقدم لهم باردً ومخلوطً وغير معروف التكوين.
وأوضحت الهيئة في بيان تلقته “قدس برس” أنه وأثناء عملية النقل وقبل الوصول الى سجن “عتصيون” تكون مراحل وأصناف المعاناة مضاعفة من ضرب واهانات، وأثناء تواجده في المعتقل يمنع الأسير من النوم، وعدم السماح له باستخدام المرحاض مما يضطر بعض المعتقلين الى التبول في ملابسهم.
ويناشد الأسرى كافة الجهات المختصة التدخل السريع لإنهاء هذه المعاناة والممارسات اللانسانية بحقهم، وطالبوا مؤسسة الصليب الأحمر بسرعة زيارتهم وفضح هذه الممارسات، وكذلك جمعية أطباء بلا حدود وكافة الجهات الحقوقية لإنهاء هذه المهزلة المستمرة بحقهم.
وتعتقل سلطات الاحتلال في سجونها نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني، بينهم 380 أسيرًا من قطاع غزة، جلّهم من قدامى الأسرى وذوي الأحكام العالية.
ــــــــــــــ
وكالة قدس برس
رابط قصير:
https://madar.news/?p=9097