مكب زهرة الفنجان أين الحقيقة؟؟؟

بقلم \عاطف أبو الرب
ترددت كثيراً قبل أن أخط هذه الكلمات، فكرت بعمل تحقيق استقصائي يغطي كل تفاصيل الأزمة، ولكني تراجعت لأسباب موضوعية تتعلق بتوفر الإمكانيات، وخشية من ضياع الوقت دون فائدة، خاصة أن موضوع تحقيق حول زهرة الفنجان قد يصطدم بمصالح البعض، ما يحول دون نشر التحقيق، لذا قررت أن أكتب هذا المقال، على أمل أن أجد من يتبنى تحقيق علمي عن مجمل تفاصيل المكب.
قبل أشهر قليلة اشتغلت البلد بما قيل عنه تسريب مواد مسطرنة من المستوطنات، وتم اعتقال المدير التنفيذي للمكب، وأعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق حكومية لتقصي الحقائق، إلى جانب ما تقوم به النيابة في متابعة الملف جنائياً. في حينه وعدت الحكومة بإعلان نتائج لجنة التحقيق على الملأ بأسرع وقت ممكن. هذا في وقت ضجت وسائل الإعلام المختلفة بتصريحات وبيانات حول تورط مسؤولين في المكب بتهريب مواد ومخلفات إسرائيلية. وقد نصب بعض المسؤولين من أنفسهم قضاة، فأصدروا أحكاماً بحق المدير التنفيذي للمكب.
مرت أيام وأسابيع، ودارت أحاديث حول ملابسات القضية، وأسبع الشارع في جنين بالإشاعات حول تورط بعض المسؤولين في ملفات فساد، وبقي الشارع يردد الإشاعات دون أية معلومات مفيدة تصدر عن الجهة المختصة. وأجزم أن كثير مما قيل لا يمت للواقع بصلة، ولكن هي التربة المناسبة لمثل هذه الإشاعات.
اليوم لم يعد أحد يتكلم عن ملف زهرة الفنجان، مع العلم أن مدير المكب الآن على رأس عمله، ولا ندري كيف كان بالأمس مجرم، وكيف عاد إلى عمله، لم نسمع عن نتائج التحقيق التي وعدت بها الحكومة في حال الانتهاء من التحقيق، لا نعرف كيف خرج هذا المجرم، حسب ما روج المسؤولون، ولا ندري إن كان ما قيل حول تورط مسؤولين حقيقي، أم أنه في إطار الإشاعة المضادة.
أسئلة كثيرة تتوارد لذهن المتابع لهذا الملف، هل حقيقة هناك مواد كيماوية تدفن في مكب زهرة الفنجان؟ إن كانت الإجابة بالنفي لماذا لا يتم توضيح ذلك حتى يكون المواطن مرتاح ومطمئن على سلامته وصحة أبنائه، وإن كان هناك مواد كيماوية ما هي آليات منع الضرر على المواطن؟ هل يكفي يا سادة أن نطلق الاتهامات من وراء مكاتبنا، أمام عدسات الكاميرا دون مراعاة أبعاد هذه التصريحات؟ وهل حقيقة هناك محاولات ابتزاز مالي واستخدام نفوذ وراء كل ما أثير من لغط حول المكب؟ إن كان الأمر كذلك من يعيد للمدير التنفيذي للمكب اعتباره، بعد أن تم التشهير به، وأصبح لدى نسبة كبير من أبناء شعبنا مثالاً للفساد؟ فإن كان فاسداً كيف يتم الإفراج عنه؟ وكيف يعود لمزاولة عمله بشكل طبيعي؟ وإن كان ما قيل غير صحيح من يحاسب الذين قاموا بالتشهير به، ومن يعيد له ولعائلته اعتبارهم بعد ما لحق بهم من إساءة؟
قضية أخرى ذات صلة وهي دور القضاء، هل يعقل قضية بهذه الخطورة لا يتم الإفصاح عن ملابساتها، وتبقى طي الكتمان؟ لماذا تم الإفراج عن مجرم كبير يا حراس العدالة؟ أم أن المتهم لم يعد كذلك وثبت لديكم أن كل ما قيل بحقه مجرد افتراء؟ إن كان الأمر كذلك ألا تستحق قضية بهذا القدر بيان توضيحي يضع الأمور في نصابها؟
قد يقول البعض إن العدالة بعيدة عن الإعلام، أقول إن قضية خلاف زوج مع زوجته لاقت تمت معالجتها من قبل المؤسسة القضائية بصورة مختلفة عن قضية مكب زهرة الفنجان.
أما أصحاب السيادة أولئك الذين توعدوا بإنزال أقسى العقوبات بحق المتورطين، لم نعد نسمع أصواتكم، ترى ما سر هذا الصمت المريع؟ مع العلم أن ما أثار قضية مكب زهرة الفنجان في حينه وصول شاحنة محملة بالنفايات من مجمع غيشوري الاستيطاني. السؤال هنا ما هو مصير السائقين الذين نقلوا هذه المخلفات؟ وأين السلطة والمؤسسة من تعاقد شركات فلسطينية على نقل نفايات من مستوطنات، هل يسمح القانون الفلسطيني بهذا؟ حسب معرفتي فإن القانون يجرم التعامل مع منتجات المستوطنات، ونقل المخلفات أرى أنها أكثر خطورة من ترويج منتجات المستوطنات، فهل تمت معاقبة السائقين، أم ماذا؟ وليس السائق وحده من تورط في الدخول للمستوطنة، فهناك شركة، حسب ما توارد لي، تعاقدت مع الإدارة المدنية، لتنظيف بعض المناطق، بما فيها مجمع غيشوري، وهذا أيضاً مخالف للقانون، هل تمت معاقبة الشركة؟ عفواً هل تمت مساءلة الشركة؟ إن كان ذلك قد تم ما هي النتائج، لا يعقل ونحن نتحدث عن المكاشفة، والحق في الحصول على المعلومة أن تبقى قضية بهذا القدر من الخطورة طي الكتمان، إلا إذا كان هناك ما يوجب التكتم. وكما قيل “متخبي بندوق”. والله من وراء القصد.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=2022