ممنوع الدخول/ بقلم: نبيل عمرو

الرأي العام الفتحاوي داخل المؤتمر وخارجه، أفرغ ما في داخله من انفعالات، وأطلق ما في خياله من أمنيات، لرؤية حركة نشطة متجددة خارجة عن القوالب القديمة، والنمطيات المستهلكة.
قبل انعقاد المؤتمر السابع تحدثت القاعدة الفتحاوية بصراحة عن الاستنهاض والمحاسبة والمساءلة، إلا أنها حين اجتمع ممثلون عنها في قاعة واحدة، أصيبت بحمى الانتخابات، فانتقل المؤتمر من قاعته الرئيسية إلى الفنادق، حيث يقوم تجار السوق السوداء ببيع وشراء الأصوات، ويقومون كذلك بما يوصف عادة بالتربيطات أو التشبيكات، أما السياسة فليس لها من وقت للبحث، فمن هو الذي على استعداد لأن يغادر البازار الانتخابي؛ لينفق وقته الثمين في اللجنة السياسية مثلا.
إذاً …. فالحمى الانتخابية لها وظيفة واحدة ناجعة هي الإجهاز على الأمنيات والرغبات، التي تنهض قبل المؤتمر وهذا ليس حال فتح، بل هو حال كل المؤتمرات في جميع أنحاء العالم.
في رام الله وفي قاعة أحمد الشقيري، وفي عدة فنادق، جرى استنساخ مؤتمر بيت لحم، ولكن بقدر أفضل من “الشياكة”، كان التنظيم الإداري والخدماتي معقولين، وكانت السيطرة على المؤتمر كافية للتأثير المطلق على نتائجه، وكان حفظ أمن المؤتمر مضموناً، بحيث لم تحدث ولو حادثة عرضية خلال انعقاده رغم توعدات كثيرة بالتخريب أو التأثير على مجرياته.
وبوسعنا تسجيل ذلك كإيجابية مهمة، إلى جانب إيجابية قدوم أكثر من ستين وفدا للمشاركة وتأمين إقامتهم وتنقلاتهم، ما أفسح المجال لدول وأحزاب عديدة أن ترى عن كثب مأساة الفلسطينيين في ظل الاحتلال كي تنقلها طازجة إلى دولها ومجتمعاتها .
غير أن المؤتمر يقاس نجاحا أو فشلا بمحصلته السياسية والقيادية. المحصلة السياسية محسومة سلفاً، فلا جديد يستدعي جديداً في اللغة والتوجه، فظهرت ثانية كلمة الثوابت وعدم التفريط، كما ظهر بصورة استثنائية مصطلح القرار المستقل والتوجه إلى الأمم المتحدة والى المبادرة الفرنسية، ما أعطى إشارة بأن خط فتح الراهن والمستقبلي هو الخط الدبلوماسي الذي لم يبقَ غيره للرهان عليه.
أما ما يخص التركيبة القيادية التي ولدت في المؤتمر السادس، فقد قررت وهي صاحبة المؤتمر بلا منازع، أن سبع سنوات من ضعف الإنجازات ليست كافية للمساءلة، ولابد من تجديد المدة لسبع سنوات أخرى، لعل أربعة عشر سنة من العمل تحقق ما كان ينبغي أن يتحقق في سنة واحدة.
على صعيد التركيبة القيادية، فقد نجح المؤتمر في المنح والمنع، فجاء الجدد على مقاس القدماء، واستبعد من لم يكن على المقاس، ولكن هذه المرة بوسيلة أكثر إتقانا من وسيلة السادس، ولقد انتصرت عبارة ممنوع الدخول وفعلت فعلها في النتائج النهائية.
حكاية مؤتمرات فتح هي حكاية متكررة من المؤتمر الأول حتى المؤتمر السابع، فيها ذلك الاختلاط في الشكل والمضمون بين الحلو والمر، بين الصح والخطأ، بين المخلصين والانتهازيين، بين حسني النية والقادرين على استغلالهم، ولا يستغرب أحد أن كل هذا هو من ميز فتح سلبا وإيجابا عن غيرها من الفصائل والقوى السياسية. لقد طويت صفحة المؤتمر السابع كما طويت صفحة المؤتمر السادس، وسيبدأ الكادر الفتحاوي من جديد رحلة تذمر وسخط ورضا، إلى أن يأتي المؤتمر الثامن.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=19642