الشريط الأخباري

موتا أرق.. بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز، نشر بـ 2025/04/21 الساعة 6:54 مساءً

مدار نيوز \

أعترف ان حالة الملل المترتبة على شيء من الإحباط و التي اعترت عامة الناس ، لما يحدث في غزة على مدار هذه المدة الطويلة ، دون ظهور أي بارقة بانبلاج فجر الخلاص ، قد انتقلت الى الكتّاب ، و أنا واحد منهم ، كتبت من هذا المكان نحو مئة وخمسين مقالا “معادلة” معظمها الطاغي عن غزة ، تحليلات و توصيفات و تناقل آراء و توقعات ، و كلها تقريبا باءت بالفشل ، فمنذا الذي توقع ان يستمر العدوان الابادي على غزة من دولة محسوبة على الديمقراطية و التحضر كل هذه المدة ، حتى كبار المحللين و المختصين في المنطقة و العالم ، أخفقوا في توقعاتهم و تحليلاتهم ، حتى أولئك الأكثر تفاؤلا ، اصبحوا يكررون أنفسهم و مفرداتهم و بضاعتهم . أي شيء في غزة أصبح قديما ، مكررا ، بالكاد يستحوذ على اهتمام الناس لطالما ان أولوية اهتمامهم لم تتحقق ، و المتمثلة في وقف هذه الإبادة ، باقي التفاصيل لم تعد تهمهم او تلفت اهتمامهم ، و لطالما ان المجرم هو ذاته ، سادر في اجرامه ، ممعن في تحديث و تطوير أسلحته ، مصمم على مواصلة العدوان “الحرب” حتى نهاية فترة حكمه لسنة ونصف قادمة ، لا يهمه أي رأي آخر في العالم أو حتى في البلد الذي يحكمه ، سوى رأي ترامب في أمريكا ، و رأي بن غفير في إسرائيل . لا يهمه رأي الاخوان العرب ، لا يهمه من طبّعوا معه و اعترفوا به ، و رفعوا علمه في سماء عواصمهم ، لا يهمه الوسطاء على دماثتهم و ندرة ادانتهم لخروقاته و الضغط الذي وصل الى التهديد على من يقاتلهم . لا يستطيع الكتاب مهما اوتوا من قوة البلاغة و جزالة اللفظة ، التأثير على قرارات السياسي و آلته العسكرية النفاثة ، و لا ان تتحول كلماتهم الى رغيف خبز في يد المتضورين ، او حبة دواء للمرضى المحتاجين ، او بطانية للمقرورين او أي نوع من اغاثة الملهوفين الباحثين عن أبنائهم المفقودين او الأطفال التائهين ، و هؤلاء بمئات الآلاف ، ان لم يكونوا بالملايين . لقد عايشنا ، كتابا و قراء ، حالة مشابهة من الانفضاض الكلي ، عندما وقعت كارثة الانقسام الفلسطيني ، و بدأنا نبحث و نلاحق أي بصيص للوحدة الوطنية ، بمسؤولية و اهتمام و شغف ، لكن بعد نحو عقدين من الزمن ، اصبحنا نشيح عن أي اخبار من ذاك القبيل ، أصبح خبر عن المصالحة ، حتى لو كان في الصين ، أمرا فارغا و مفروغا منه ، رغم ان المتصارعين يتصارعون على مجرد فراغات ، “على لا شيء” ، فلا الضفة مستقلة ، و لا غزة محررة ، أمام احتلال يشحذ سكاكينه و يعد نواجذه لالتهامنا كلنا ، مقاومين و مسالمين . كتب الاديب الكبير إبراهيم نصر الله : إن الشهيد الذي يحتضن ارضه ليس له من غطاء يستره الا الشهيد الذي يليه … إلهي العظيم العليم الرحيم … أما كان يمكن ان تترفق بنا … أعرف أن الموت حق … و لكن أما كان يمكن ان تمنح الناس في هذه الأرض موتا أرق .

رابط قصير:
https://madar.news/?p=336312

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار