وداعاً ..الطفلة الملاك

كل كلمات الرثاء التي سأكتبها، وكل عبارات المواساة التي سأقولها، وكل مشاعر الغضب والحزن التي تتملّكني وأنا أتابع النهاية المفجعة للزهرة منى خالد سعيد الحاج.
كل ذلك واكثر، لا يمكن له أن يخفف حجم الألم الذي يعتصر قلبي ووجداني على فراق هذه الطفلة الملاك، ليس لأنها إبنة مركز يافا الثقافي فقط، أو إحدى المرشدات في فرقة الكشافة التابعة للمركز فحسب، بل لأنها ملاك بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولأنها مبدعة وذات نشاط وحيوية، ومقبلة على الحياة بروح عالية.
هي إبنة صديقي ورفيق دربي خالد الذي أعرفه مذ كان شبلاً في لجنة شبيبة مخيم بلاطة، خالد الملتزم والجميل، ذو الشعر الناعم، والوجه المبتسم، والهادئ، الذي تزوج من إبنة أخت رفيق دربي الشهيد عبد الله داوود، فأنا أعرف العائلة تماماً، وأعرف زوجته مذ كانت طفلة أيضاً، إنها من عائلة مناضلة ومحترمة.
لقد فقدنا في مركز يافا الثقافي جزءً منا، وإني أرى وجوه الأطفال ( زهرات واشبال ) من هم في فرقة الكشافة، أو في فرقة المسرح، أو الكورال، أو في المخيمات الصيفية، أو مجلس الإدارة وكل العاملين في المركز، أرى الحزن يخيّم على وجوههم، والغضب يسكن قلوبهم، فليس سهلاً على عائلة الطفلة الملاك منى، أو على أسرة مركز يافا الثقافي أن يجولوا في نظراتهم هنا وهناك في أروقة البيت أو المركز، ولا يجدوا منى.
ستبقى روحها الطاهرة ترفرف فوق البيت والمركز والمخيم، في الأزقة، ومقاعد الدراسة، وبين اوراق الكتب.
ما أصعبه من موقف، وأي قلب ذاك الذي يستطيع تحمّل كل ذلك!!
ترحلين إلى الخلود أيتها الملاك، تذهبين إلى حيث السكينة والهدوء، ونحن تسكننا الأوجاع، وتغمر قلوبنا الأحزان، ويذبحنا الحنين إلى رؤية وجهك الطاهر، نبحث عنك في كل زوايا المكان فلا نجد إلاً ضحكتك البريئة، ونلاحق خطواتك الواثقة نحو المستقبل فنجدك تتوشحين بزيّ المرشدات الجميل في كشافة مركز يافا الثقافي.
وداعاً لروحك التي أزهقها الجنون وهو يبحث عن ” حياة ” في موت طفلة، وداعاً لك أيتها الملاك، ولن نقول إلاً ما يرضي ربنا، “يا أيتها النفس المطمئنة، إرجعي إلى ربك راضية مرضية، فإدخلي في عبادي وأدخلي جنتي”
تيسير نصر الله/ رئيس مركز يافا الثقافي