يوميات الرجل الذي تحدى السرطان ..ماهر صالح
نابلس – مدار نيوز : بمناسبة اليوم العالمي للسرطان … اصدقائي … اينما وجدتم … ارسل لكم يوميات وحكايات الامل … .مريض سرطان في عتبات الدهر … لا مجال للملام ايا كانت اسباب الالام … فالقدر واقع وما له من دافع … الا بتقدير الدار النافع … لن اسالك يا سرطان لم هاجمتني … وتهاجم غيري من الناس … لم جعلتني اترجل على عربة بدلا من الاقدام … او ابصر بالعصا بدلا من العينين … او اتحدث بالاشارة عوضا عن الكلام … او اكتب باصابع قدمي بدلا من ان احمل القلم بانامل يدي التي لم يعرف لها مكان … او حركتي الثقيلة التي اذا ما دخلت في سباق مع النمل … حيث كان النمل سباقا في الميدان … لن اسالك يا سرطان لم اجتحت جسدي … وسلبت حريتي من اعضائي … وابدلتني اياها بالسكون … فما عاد يسكن في الا الشجون … وما عدت اسكن الا في عالم النسيان … يحتاج احدكم ان يحمل معوله … وينبش التراب عن رفات ذاك العالم … حتى يعرف ما كنه سكانه … وماهية مفاتيح خرائطه … مشاعره واحتياجاته … اماله وطموحاته … لن اسالك يا سرطان عن هذا وذاك وعن ما هو اقصى من ذلك … لاني اعرف انك سوف لن تمتلك الحنكة عن الاجابة عن كل ما يجول في خاطري … في عالمي … لانهما الشيئان الوحيدان الذان لم يفترسهما السرطان … ولو لمرة واحدة … ولكن دعني استسلم لما ساقته لي الاقدار … وابدا بالتوطن مع هذه الحقيقة حتى نهاية المشوار … فاطرقوا لي السمع … دعوني احدثكم بكل لغات الجسد … التي استطيع ان اعبر بها عن كنهي … عن مرادي … وانا ارى فيكم … ابي … امي … وطني … مدرستي … مستقبلي … ايامي … بدايتي … ونهايتي … مسمروا بصركم صوبي … اطرقوا سمعكم وحاولوا ان تفهموني … ساحدثكم بكل ما اوتيت … ساحدثكم بحاجبي … برموش عيني … بارنبة انفي … بقسمات وجهي التي غيرت معالمها هجرة الخلان …ونهش منها السرطان الشء الكثير … لا تبخلوا علي بحنانكم … ولا تقتلوني بخوفكم وجهلكم … اظهروني كالاخرين كالشمس في وضح النهار … انبتوني في بساتين اقراني … اسقوني من مائهم … اغرسوني بالقرب من ميراثهم … بل في وسط غراسهم … ساعدوني في ان اجد لغة الحوار معكم … دعوني انصهر واياكم في وعاء واحد … لا لا لا … لا تفسرو اولوياتنا بدعاو شتى … انبتوا الجلد والصبر في داخلي … لا تحرموني ان اتعلم في مدرستكم … ان اردد حروفكم وشدوكم … تمالكوا نفسكم قليلا … وكثيرا اذا احتاج الامر … كلما خرجت قاطرتي عن مسار قاطرتكم … ساعدوني في اعادتها حتى نصبح معا … اياكم اياكم اياكم … ان اجد الشفقة في عيون الاخرين مقترنة مع اسمي او صورتي … بل ساكون انا ارتبكم … والبقكم … واقربكم للقلب … اذا انتم اردنم ذلك … وانا ساساعدكم في ذلك … والان بعد ان نهشني السرطان بلا رحمة … ساحتاج للخروج الى عالم غير الذي انا فيه … لا تصمتوا … اياكم ان تصمتوا … انا وانتم ومن هم مثلي ومن هم مثلكم … موكلة الينا مهمة صعبة … لكن ليست مستحيلة … علينا ان نطالب ذوي الامر بتعبيد الطريق الينا … كي نمر عليها جميعا بامان … دون ان يتعثر احدنا بجرحين … بعثرة الطريق وتفرد الصورة وسط الزحام … وهناك من الواجبات عليكم يا صناع القرار الكثير بعد … وسائل معينة تلبية احتياجات المرضى بكافة اشكالها … هذه مهمة ضعوها في اولوية اجندتكم … ونصب عيونكم … وانا اعلم باحيتياجاتي … ساساعدكم ان لم تعتبروني انصاف بشر … وان جزمتم تلبية احيتياجاتي قولا وفعلا … وماذا بعد … وماذا بعد ان انهيت تعليمي … او المهنة التي اجيد … سوى ان اعامل حسب كفائتي او مهاراتي المكتسبة … وليس حسب الصورة التي عثرها السرطان … لا تقل لي ابق في البيت … وسوف يصلك راتب بداية كل شهر … اذا كنت لا ترغب برؤيتي فاغمض عينيك … وادر وجهك عني انت وحدك فقط … اما انا فمقبل على الحياة بالتفاؤل والابتسام … باجتهادي اولا وبرعاية الله قبلا … وبمساعدة انصار الانسانية ابدا … ساقود عجلة زماني … وسيصبح لي بيت … واحن الى زوجة مثل امي … تكمل معي الطريق وتتجاذب مع ايقاعات قلبي … ببكاء اطفالي تارة … وكركرة ضحكاتهم تارة اخرى … لاقلب الصفحة باسرة جديدة … دون معوقات ومشقات جديدة … وحتى لا تبقى شموسنا عدة واقمارنا شتى … في سماء وطن واحد … لا بد من السعي الجدي والاكيد … لتجسيد الجهود الفردية والجماعية والمؤسساتية … لاذابتنا جميعا في معين وطن واحد … وفي كوكبة فاعلة ذات نسق وطابع ايجابي … فانني استغل هذه اللفتة وهذه اليومية من يومياتي مع السرطان … لتقديم الشكر لكل من يسعى لنبش التراب عن رفات مرضى السرطان … وانجاز حقوقهم وتلبية احتياجاتهم … فها هي الاسرة من جانب … والمدرسة والجامعة والمجتمع من جانب اخر … تسعى بزيادة النفسية المتفائلة المجددة … لانتاج دفق من الطاقة … التي لا يستهان بها لاحداث التغيير … في الصبغة الاجتماعية والنفسية لسكان البيت الفلسطيني الواحد … ونحن نامل من المؤسسات ان تفسح المجال للمجد والموهوب منا … ان يكون له الدور والمساحة الكافية … للبحث عن ذاته ورسم الخريطة المستقبلية … لحياة افضل يكملها مع اسرة جديدة …..
انتظروني في يومية اخرى من يوميات وحكايات الامل
رابط قصير:
https://madar.news/?p=28593