أما أيها الاخوة / الاخوات ، و قد دخلنا السنة الجديدة..بقلم .. حمدي فراج
مدار نيوز \
دخلنا في السنة الجديدة ، و انتهت تقريبا موجة التهاني و الأمنيات و الأدعيات و التنجيمات و قراءة الكف و الفنجان ، و بمعنى من المعاني ، حان وقت الجد و العمل ، وفي فلسطيننا السليبة ، قتل العدو في غزة عند بوابة العام ، نحو مئني شخص ، و جرح نحو ضعفهم وسط نفس أجواء التنزيح و التجويع و العذاب و البرد القارص و الخيام و المرض و الألم الذي لا يكاد يتوقف ، و لم يتغير شيء على هذا الصعيد اللا انساني بين نهاية العام المنصرم و العام الجديد .
لم تشفع ملايين الدعاءات و الامنيات أن توقف هذا الشيء عن غزة ، و لا إزاء اطفالها الذين كتبوا على أجسادهم في العام الماضي أسماءهم لكي يتم دفنهم كما يليق بهم كملائكة او على الأقل أحباب الله الرحيم ، ثم توقفوا عن ذلك بعد ان تبين لهم ان الدفن يتم بشكل جماعي ، هذا اذا أبقى الصاروخ جثة صحيحة او تم سحبها غير منقوصة من تحت الردم و الركام .
لقد تبين للطفلة التي سألت الطبيب إن كان ما تعيشه حقيقة أم مجرد حلم ، انها مجرد حقيقة ، حقيقة دولة مارست خداع النفس و العالم و الذات ، انها إنسانية و ديمقراطية و متحضرة ، و تبين لها – للطفلة – بعد ان اختفى الدواء و العلاج ، و معه الطعام و الماء و الطبيب و الممرض ، اختفت أيضا المستشفى ذاتها .
مع بداية السنة الجديدة الدامية ، ألا يجدر بالعربي عموما و الفلسطيني خصوصا أن يتعلم درسا حقيقيا واحدا ، يقول فيه لنفسه ، و عائلته ، و أقرب مقربيه ، انه فخور بتعلمه واستلهامه درسا جديدا يليق به و بانسانيته و فلسطينيته عند مطلع السنة الجديدة ؟
أن أكون انسانا حقيقيا جديدا ، كأن اتوقف عن اجترار إرث كامل من الاستسلام و الدونية و العجز و التخلف و التملق ، من على شاكلة “حط رأسك بين الرؤوس و قول يا قطاع الرووس” و “امشي الحيط الحيط و قل يا ربنا الستر” و “اليد التي لا تستطيع عضها ، بوسها ، و ادعو عليها بالكسر” و “مئة أم تبكي و لا أمي تبكي” و “بوس الكلب في فمه حتى تأخذ حقك منه”.
تذكر أن انسانيتك تتحقق و تتقدم عندما يكون لك على عكس الحيوانات ، رأي و موقف و مبدأ ، و تذكر و أنت تدعو ربك ان يستجيب لدعائك ، تذكر أن “السماء لا تمطر ذهبا و لا فضة” و تذكر “أن الصبح لمن صلّاه” ، و إذا لم تستطع ذلك بحكم العمر و العادة و الروتين ، فتذكر ان لك أبناء او حتى أطفال و لربما أحفاد ، ازرع فيهم ما عجزت ان تزرعه في نفسك وشخصك ، ووفق المأثور العربي “اعمل خير و ارميه في البحر” ، فإن المأثور الصيني أكثر عمقا و أثرا “إعمل الخير و دع الشر يلعنك” .
أما غسان كنفاني فقال : ليس المهم ان تموت قبل ان تحقق مبدأك ، لكن المهم ان تجد لك مبدأ قبل ان تموت .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=329592



