قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال “غير شرعي ولا يمكن قبوله”، معتبرًا أن الخطوات الإسرائيلية تشكّل محاولة “لجرّ منطقة القرن الإفريقي إلى حالة من عدم الاستقرار”.
وأضاف إردوغان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي، أن “وحدة أراضي الصومال وسيادتها تمثلان أولوية بالنسبة لنا”، مشددًا على أن أنقرة ترفض أي مساس بالسيادة الصومالية أو تغيير في وضعها القانوني.
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس التركي أن تركيا تخطط للشروع في عمليات التنقيب عن الطاقة في الصومال عام 2026، في إطار توسيع التعاون الاقتصادي والإستراتيجي بين الجانبين.
كما أعلن إردوغان أن أنقرة تعتزم “إنشاء ميناء فضائي في الصومال بموجب الاتفاقيات التي وقعناها”، من جانبه، اعتبر الرئيس الصومالي أن “التنقيب التركي عن البترول والغاز سيسهم في إعادة نهضة بلادنا وسيحسن حياة شعبنا”.
واعتبر إردوغان أن “تحسنًا ملحوظًا تحقق في الصومال من الناحية الأمنية، رغم محاولات التخريب من قبل أطراف لا تريد للصومال أن ينهض على قدميه مجددًا”، في إشارة إلى قوى تسعى، بحسبه، إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.
من جانبه، قال الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، إن بلاده “تقدّر الدعم التركي لوحدة أراضي الصومال”، مشددا على أن هذا الدعم يشكّل عنصرًا أساسيًا في تعزيز الاستقرار والسيادة.
وأضاف الرئيس الصومالي أن “موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التهجمي لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال”، معتبرًا أن هذا الموقف “يمثل انتهاكًا للقانون الدولي”.
وتابع أن “الخطوات الإسرائيلية تقوض الاستقرار في مجتمعاتنا المحلية، وتساهم في زيادة نشاط المجموعات المتطرفة”، محذرًا من تداعيات هذه السياسات على الأمن في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي عمومًا.
هذا وخرج آلاف الصوماليين، الثلاثاء، إلى شوارع عدد من المدن، احتجاجًا على إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بإقليم “أرض الصومال” الانفصالي نهاية الأسبوع الماضي، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها تجاه هذا الإقليم الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الصومال عام 1991.
وتزامنت التظاهرات مع زيارة الرئيس الصومالي إلى تركيا، الحليف القريب لبلاده، وذلك بعد أيام من تنديده بما وصفه بأنه “أكبر انتهاك لسيادة الصومال” و”تهديد لأمن واستقرار العالم والمنطقة”، على خلفية القرار الإسرائيلي.
وتجمّع عدة آلاف من المتظاهرين في ملعب بالعاصمة مقديشو، رافعين الأعلام الصومالية والفلسطينية، ومندّدين بالاعتراف الإسرائيلي. وقال أحد المشاركين في التظاهرة، ضاهر إمام محمود: “الشعب الصومالي واحد، نحن شعب موحّد بإرادة الله، بغضّ النظر عن أصولنا العرقية أو ديانتنا أو لون بشرتنا”.
وأضاف، موجّهًا حديثه إلى سكان إقليم أرض الصومال: “لا تصدّقوا أكاذيب مجرم يداه ملطختان بالدماء، اغتال الشعب الفلسطيني”. كما شهدت مدن أخرى تظاهرات مماثلة، بينها لاسعانود في الشمال الشرقي، وغوريسيل في وسط البلاد، وبايدوا في الجنوب الغربي.
وفي بايدوا، قالت الطالبة زليخة معدي: “نطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بسحب اعترافه المزعوم، لأنه لا قيمة له”، في إشارة إلى إعلان نتنياهو، الجمعة الماضية، الاعتراف الرسمي بإقليم “أرض الصومال” كـ”دولة مستقلة”.
وكان الرئيس الصومالي قد وجّه، الأحد الماضي، انتقادات حادّة لإعلان نتنياهو، واصفًا الخطوة بأنها “أكبر انتهاك للسيادة الصومالية في تاريخ البلاد” و”عدوان سافر لا يمكن القبول به”، خلال خطاب ألقاه أمام البرلمان الصومالي في جلسة استثنائية خُصصت لبحث التداعيات السياسية والأمنية للقرار الإسرائيلي.
وشدد الرئيس الصومالي على أن “أرض الصومال جزء لا يتجزأ من الدولة الصومالية”، محذرًا من أن الاعتراف الإسرائيلي “يهدد الأمن والاستقرار في الصومال والمنطقة، ويفتح الباب أمام تشجيع النزعات الانفصالية حول العالم”، وداعيًا الشعب الصومالي إلى التمسك بالهدوء والوحدة في مواجهة التطورات.
وفي سياق إقليمي، أعلن حسن شيخ محمود رفض بلاده “أي محاولات لتهجير الفلسطينيين”، مؤكدًا أن الصومال يرفض هذه الطروحات بشكل قاطع، ومعتبرًا أن الخطوة الإسرائيلية “تمثل محاولة لتقويض حل الدولتين ونقل الصراع في الشرق الأوسط إلى القرن الأفريقي”. كما شدد على أن بلاده لن تسمح بإقامة قواعد عسكرية أجنبية تُستخدم لزج الصومال في صراعات إقليمية.
من جهته، أدان البرلمان الفيدرالي الصومالي، في جلسة استثنائية مشتركة لمجلسي الشعب والشيوخ، أي اعتراف إسرائيلي أو غيره بإقليم أرض الصومال، مؤكدًا أن الأقاليم الشمالية الغربية تشكّل “جزءًا لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية”.
واعتبر البرلمان أن أي اعتراف من هذا النوع “خرق واضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية”، مطالبًا بتحرك دبلوماسي عاجل في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية.





