اتفاقية هشّة أم أنه الملك و المملكة.. بقلم : حمدي فراج
مدار نيوز \
ليست اتفاقية الهدنة بين إسرائيل و المقاومة هي التي يميل الكثير من المحللين الوازنين بوصفها “هشّة” ، مقدمين دليلا على ذلك ، ما حصل في اليوم الأول من تأخير حماس تقديم أسماء الاسيرات الثلاث (البريطانية و الرومانية و الإسرائيلية) بضعة ساعات ، أقامت فيها إسرائيل الدنيا ، و هدد نتنياهو باستئناف الحرب و أعلن عن عدم دخول وقف النار حيّز التنفيذ ، رغم ان حماس عللت أسباب التأخير “أمنية و ميدانية” .
و على الرغم من تفهمنا لهذه الأسباب ، و معنا العديد من الجهات المضطلعة و غير المضطلعة ، الا أن أحدا لا يرغب في تكرار ذلك ، الا نتنياهو نفسه و معه بعض اقطابه من الذين استقالوا و من الذين في طريقهم الى الاستقالة . لقد كان واضحا جدا ، مدى اهتمام حماس بتنفيذ الاتفاقية ، من خلال الصورة التي ظهرت عليها الاسيرات الثلاث ، بصحة جيدة و نفسية جيدة و لباس نظيف و معاملة حسنة و ابتسامات عريضة لا تشي الا بالشكر للخاطفين كما لو أنهن كن في ضيافة قصرية انتهى أجلها .
صحيح ان نتنياهو قال انهن عانين الجحيم ، و قد يكون ذلك من الوجهة الموضوعية صحيحا ، فهن و خاطفوهن في حصار و مراقبة و قصف و تجسس و تجويع و تعطيش و احتياجات نسائية على مدار 471 يوما ، في خوف و قلق و حزن و ألم ، لكن كل هذا بسبب نتنياهو ، الذي قتل خمسين ألف انسان ، أكثر من نصفهم أطفال و نساء ، و كان بإمكانه ان ينهي كل ذلك في أيار الماضي كما يقول بايدن ، أي نصف مدة أسر هؤلاء البنات ، لكنه ظل يرفض بعناد و غطرسة وصلت حد ان يقتل مخطوفيه ، و كان يمكن ان يستمر لأشهر أخرى لولا وصول ترامب الى البيت الأبيض .
هل قالت له حماس ، أن الجحيم الحقيقي هو سجونكم التي قتلتم في أقبيتها أكثر من خمسين معتقلا ، آخرهم الشاب العشريني محمد ياسين جبر من مخيم الدهيشة المعتقل إداريا منذ سنة و تم قتله في نفس يوم الصفقة . ناهيك عن الاذلال المتفشي و التجويع المتعمد ، و حتى الاغتصاب .
لم تقل حماس التي ظهرت بمظهر القوي الرصين المسؤول المنظم الواثق العارف القادر ، لم تقل عن تأخير اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين التسعين من عوفر حتى ساعات فجر اليوم التالي شيئا ، لا و لا عن ادخال 330 شاحنة بدلا من 600 حسب الاتفاقية . واضح ان حماس و معها محور المقاومة ، تدرك ان سجن عوفر الذي جمّعت فيه إسرائيل الاسرى المنوي الافراج عنهم ، ما هو الا سجن صغير ، مقارنة بالوطن الذي تحول الى عوفر كبير ، يمنع فيه الفرح .
ليست الاتفاقية هي الهشّة ، بل نفسية نتنياهو الملك ، و معه حكومته الفاشستية ، التي تتنفس من رئة المملكة التوراتية ، و التي لم تعد خافية على أحد ، و التي أصبحت مطلوبة لمحاكم الإبادة و التطهير على المستوى الدولي .
قبل خمسة و أربعين سنة ، قتل “جيش الدفاع” الناشطة الفلسطينية من قرية بتير تغريد البطمة في طريقها الى الجامعة ، يومها برر الناطق العسكري القتل بأنها رصاصة طائشة ، كان العالم آنذاك يصدقهم و يكذبنا ، لكن المفكر الفيلسوف عبد اللطيف عقل ، قال : رصاصة طائشة من جندي طائش في دولة طائشة .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=330714



