رغم مضيّ نحو شهرين على استشهاد المعلّم مصطفى برادعية على مدخل مخيم العروب بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن، إلّا أنّ المفاجأة التي كانت بانتظار العائلة في بداية العام الدراسي تمثلت بانقطاع راتبه، في وقت تعيش أسرته حالة من الفاقة على أعتاب عيد الأضحى المبارك.
وتقول العائلة إنّها كانت لا ترغب في الحديث عن معاناتها عبر وسائل الإعلام، لكنّها باتت مجبرة على الحديث، بعدما لم تسفر جهودها في عودة الراتب الذي يعيل ثمانية أطفال ووالدتهم.
وتوقّف الراتب بعد استشهاد مصطفى، واحتجاز الاحتلال جثمانه، فيما تقول وزارة المالية إنّ الإجراء القانوني المتبّع في هذه الحالة هو وصول ورقة الوفاة، لكنّ احتجاز الاحتلال للجثمان حال دون إصدار ورقة الوفاة، وهو أمر ترى فيه العائلات إجراءً بإمكان وزارة الداخلية عمله، وإرسال ورقة الوفاة للمالية التي بدورها تحوّل الراتب للعائلة.
ولم تتمكن ملاك ابنة الشّهيد من حبس دموعها وهي تتحدّث عمّا حلّ بالعائلة من حرمان، لم يتوقف عند استشهاد الوالد وتغييبه فحسب، بل طال حرمانها من مصدر رزقها، خاصّة وأنّ الراتب الذي كان يتلقاه الوالد هو المصدر الوحيد لإعالة العائلة، ولاسيما أن أكبر أبنائه لم يتجاوز العشرة أعوام.
وتقول: “لا يعقل أن تغلق علينا كافة الأبواب، نريدهم أن يخففوا عنا. ليس نحن من نحتجز جثمان والدنا، بل الاحتلال هو من يحتجز الجثمان، ما ذنبنا أن ندفع ثمن الاحتجاز أيضًا”.
وتلفت ملاك إلى أنّ معاناة العائلة كبيرة؛ فقبل استشهاد الوالد استشهد العم الوحيد، ولم يتبقّ أحد يقف بجانبهم، لافتة إلى أنّ الأمنية الوحيدة للعائلة هي استلام الجثمان من أجل وداعه ودفنه.
وتشير إلى أنّه لا يهمّ العائلة الراتب ولا ورقة الوفاة، بقدر ما يهمّهم عودة جثمان الوالد لمواراته الثرى، لكنّها ترى في الوقت نفسه أنّه من غير المعقول أن تشعر العائلة أنّ الألم لم يتوقف عند احتجاز الجثمان، بل يتعدّاه أيضا لتوقف الراتب الوحيد الذي تعتاش منه العائلة.
وتضيف “لا أحد يملك أن يفرج عن الجثمان، وهو أمر ليس فقط خارج عن إرادة العائلة، بل يتعدّاه إلى عجز أيّ أحد على استعادة الجثمان، وهذا أمر لا يُعقل أن تدفع العائلة ثمنه”.
أمّا زوجة الشهيد “أم مالك”، فتتساءل: “هل نهاية عائلة الشهيد مصطفى أن تصبح عائلته متسولة، وتتعرض في هذه المرحلة إلى الظلم؟”.
وتقول “من يريد شهادة الوفاة عليه أن يطلب تسليم الجثمان من “إسرائيل” لمواراته الثرى، وللتأكد من استشهاده”.
وتؤكد الزوجة المكلومة “أنّ الراتب حقّ للعائلة، ولا يحقّ لأحد أن يقطعه عنها”.
ووجهت “أم مالك” رسالة إلى وزير التربية والتعليم صبري صيدم بقولها: “لا أخاطبك كوزير تربية وتعليم، وإنّما كابن شهيد.. كطفل عاش اليتم، وكشاب تربى دون أب يفرح فيه، أن تشعر بمعاناة أبنائي الأيتام، وأن تشعر بمعاناتي من خلال تذكر والدتك التي كانت تربيك وأشقائك”.
أمّا ابن الشهيد مالك فيقول لوكالة “صفا”: “لقد دخلنا المدرسة هذا العام بحزن وكآبة، ونطالب جميع المسؤولين بأن يشعروا بما نعانيه ونكتوي بناره اليوم”.
نقلا عن “صفا”