الشريط الأخباري

المربي عاصم دراغمة يُحيي استقلال الجزائر على طريقته

مدار نيوز، نشر بـ 2025/07/07 الساعة 2:24 صباحًا

طوباس- مدار نيوز \ الحياة الجديدة- عبد الباسط خلف- يحيي المربي عاصم توفيق دراغمة السنوية 63 لاستقلال الجزائر على طريقته الخاصة، فيستذكر تفاصيل عمله فيها لكبح جماح اللغة الفرنسية.
وتستقر في ذاكرة المربي، 86 عامًا، تفاصيل إعارته إلى الجزائر خلال خريف 1963؛ لتعليم العربية بعد 132 عامًا من الاحتلال الفرنسي.
ويعيد دراغمة، في ذكرى استقلال الجزائر التي صادفت أمس السبت، رسم التفاصيل الصغيرة لسفره وإقامته وتدريسه وترحاله في بلاد المليون شهيد.
طائرة وحفاوة
ويشير إلى تنافسه مع معلمين عدة للإعارة وقتئذ في الجمهورية حديثة العهد، ووصوله رفقة نحو 70 مدرسًا إلى أمانة العاصمة عمان، واستقبالهم من الملك الأردني الراحل حسين بن طلال، الذي ألقى خطابًا حثهم فيه على المثابرة والتعبير عن حب الجزائر وتمثيل أوطانهم.
ووفق دراغمة، فقد صعد المعلمون المعارون إلى طائرة مروحية من مطار عمان في رحلة استغرقت 9 ساعات، تخللها الهبوط في بنغازي الليبية، قبل الوصول إلى العاصمة الجزائرية، واستقبالهم بحفاوة في حي ابن عكنون، قبل توزيعهم لولايات متعددة ومتباعدة.
ويشير إلى أن نصيبه كان في مدينة شرشال، 90 كيلومترًا غرب العاصمة، رفقة نسيم السيريسي، وإلياس بنورة التلحمي، وياسر دويك من الخليل، والتحقوا سريعًا بمدرسة (سيدي غلاس) التي وفرت لهم سكنًا داخليًا، وشرعوا في تعليم طلبتها أبجديات اللغة، بعد سنوات طويلة من الاستعمار وتأثرهم بالفرنسية.
وبين دراغمة أنه جمع بين تعليم العلوم والأحياء، لكنه وجد صعوبة في البداية في تدريسهم العربية، غير أن سرعة التقاطهم للغة الضاد سهلت المهمة، وقد كان يستعين بمناهج التربوي الراحل (خليل السكاكيني).
عشق جارف
ويستعيد ذكريات بعض رفاق الرحلة من مدرسة طوباس: أحمد كنعان (معلم العربية)، ومحمود الحافظ (أستاذ الإنجليزية)، ونعيم شحادة (معلم الرياضيات وابن بيت امرين) المقيم في عنابة منذ 62 عامًا.
ويؤكد أن المعلمين والطلبة والأهالي والجزائريين عمومًا، كانوا يعبرون له ولزملائه عن حبهم الجارف لفلسطين، ويؤكدون لهم أن عشقها يسري في عروقهم، وأنعكس ذلك في حسن كرمهم واستضافتهم، كما تأقلم سريعًا مع لهجتهم وأطباقهم وعاداتهم.
ويشير إلى زيارات نظمت للمعلمين إلى مواقع رسمية، بينها الأكاديمية العسكرية بالعاصمة، ولقاء المدرسين بالمشير عبد الحكيم عامر (وزير الحربية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر)، رفقة مدير المدرسة الجزائري محمد الربزاني، ومواطنه المعلم عبد القادر كرشاش.
ويتوقف دراغمة مطولًا عند عادة لافتة حرص الجزائريون عليها خلال الأعياد، إذ كانت النساء يحضرن لتهنئتهم، ويخبرنهم بأنهن مثل أمهاتهم البعيدات عنهن.
44 عام تعليم
وحسب دراغمة، فقد عمل في التعليم 44 عاماً، وكان طالباً في المدرسة الخضراء بحي العجمي في يافا، التي ولد فيها، بحكم عمل فيها والده قبل النكبة، وانتقل بعدها إلى مقاعد التعليم في طوباس ومن بعدها نابلس، ثم أصبح مربياً بين ضفتي نهر الأردن.
ويقول: عدت من الجزائر عام 1965، وانتسبت لجامعة بيروت العربية، ونلت عام 1976 شهادة الإدارة والاقتصاد، وأكملت الدبلوم العالي في التربية بعد خمس سنوات من جامعة النجاح.
حديقة وفقاسات
ويستذكر أبرز ما كانت تضمه المدرسة كالحدائق وفقاسات الدواجن، حيث كان يحصل المعلمون والطلبة في مادة التعليم الزراعي على قطعة من الأرض، يتنافسون على زرعها بمختلف المحاصيل، ويحصل الطلبة الأكثر تنظيماً وإنتاجاً على أعلى العلامات ويحظون بعائد الحديقة، مثلما ينعمون بالدواجن التي تنتج في الفقاسة، أما أشجار التفاح واللوزيات، خاصة الدراق، فكانت تحيط بالحديقة، وتتميز بإنتاجها الوفير، وأشرف عليها المعلم عبد الله الزواتي، وكانت تمتد على نحو 10 دونمات صارت الإدارة تؤجرها لمزارعين بنحو 300 دينار سنوياً، قبل أن يتوقف التعليم الزراعي وينتهي عصر الحديقة المدرسية عام 1979.
وعمل الراوي في التعليم الحكومي حتى آب 1999، ثم انتقل مشرفاً تربوياً في بطريركية اللاتين بالزبابدة، وبدل الوجهة بعد سنتين إلى الأكاديمية الفلسطينية الأميركية، والتي أسسها عدنان مجلي وهو أحد تلاميذه بعد أن أصبح عالماً ذائع صيت في الولايات المتحدة.
واللافت في تجربة المربي دراغمة، أنه كان يذهب إلى مدرسة قدري طوقان بنابلس للاستماع إلى شرح الأستاذ سليم إشتية، ليعود بأساليبه وأمثلته ومعارفه الجديدة فيغرسها في طلبته، وليحصل طوال تدريسه على نسبة نجاح في الأحياء بنسبة 100%، ولتكون بين خريجيه قائمة طويلة من الأطباء والمهندسين والعلماء، من بينهم وزير التربية والتعليم العالي، د أمجد برهم، والباحث عدنان مجلي، الذي اكتشف علاجاً للزهايمر، ورياض صوافطة، مخترع وعالم نووي وفيزيائي في الولايات المتحدة، وسالم أبو خيزران، الطبيب ذائع الصيت في علاج العقم ومؤسس عدة مستشفيات تخصصية، الذين ما زالوا يكنون له الاحترام، ويعترفون بفضله عليهم.
بذلات بالتقسيط
عُينّ دراغمة في الدرجة العاشرة، وحصل على أول راتب بقيمة 22 ديناراً و24 قرشاً كان يستلمها من البنك الأهلي الأردني، ويدفع منها دينارًا ونصف بدل استئجار غرفة في قرى إربد، ويصرف ثلاثة دنانير، ويرسل الباقي لأهله، واللافت أن من أسكننا في بيته، علمنا ابنه خضر جنايدة، والذي صار لاحقا رئيس قسم الكيمياء في جامعة اليرموك.
وتدرج دراغمة في سلم الوظيفة، وبعد نحو 3 سنوات انتقل للدرجة العاشرة بـ 27 دينارًا، منحته الدرجة الثامنة 32 دينارا، فتغير الحال إلى 34، وخلال الإعارة كان يخصل على 120 دينارًا جزائريًا، وعقب النكسة حصل على 36 دينارًا، وكان أول راتب عقب الاحتلال 900 شيقل، وظلت تتضاعف، لكن قفزت معها الأسعار، وقلت فيها قيمة النقود كثيرًا.
واستنادًا لدراغمة، فإنه كان يشتري البذلات الرسمية بالتقسيط، وكانت الواحدة تكلفه 9 دنانير يعطي صاحبها الخياط هارون الرشيد بنابلس دينارًا كل شهر، وهو مبلغ كان كفيلًا بإطعام أسرة طوال الشهر، في وقت كان أغلى دونم أرض لا يتجاوز 150 دينارًا في أرقى أحياء نابلس. وكان الخروف يكلف 5 دنانير.

رابط قصير:
https://madar.news/?p=341076

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار

الطقس: انخفاض على درجات الحرارة

الجمعة 2025/09/19 1:26 مساءً