الى الناطقة باسم خارجية امريكا ان انظري في المرآة بقلم : حمدي فراج
مدار نيوز \
استوقفتني خلال فترة عيد الفطر غير السعيد بالمطلق ، أقله على الشعب الفلسطيني ، أحداث و قصص و ذكريات ، معظمها يولّد فيك مزيدا من الألم و الحزن و الحسرة ، و يؤدي أحيانا الى بكاء صامت او الى كوميديا سوداء كقرن الخروب كما يقولون ، من بينها قتل الفريق الإنساني الاغاثي في رفح المكون من خمسة عشر شخصا .
كنت شبه متيقن انهم قد قتلوا ، بعد مضي أربعة أيام على افتقادهم ، إذ لو كانوا على قيد الحياة ، او حتى واحدا منهم ، لأجرى اتصالا هاتفيا من اقرب دكان او منزل او سيارة عابرة ، و لو كانوا رهن الاعتقال ، لقامت إسرائيل بالابلاغ عن اعتقالهم نفيا لجريمة اغتيالهم .
تأكد أمر مقتلهم بعد مرور نحو عشرة أيام ، عندما سمح الجيش الإسرائيلي لجهات اغاثية دولية بالبحث عنهم . لا أتبنى عادة رواية طرف من طرفي الحرب عندما يتعلق الامر بجريمة ارتكبها الطرف الآخر ، و عندما ظهرت الرواية الامريكية و المفترض ان أمريكا وسيط رسمي و ضامن أساس في المفاوضات ، على لسان مسؤولة كبيرة في الإدارة وهي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، “تامي بروس” ردا على سؤال صحفي عن المجزرة قالت : “أستطيع أن أقول لكم إن حماس أساءت استخدام البنية التحتية المدنية لفترة طويلة جدًا، واستخدمتها بسخرية لحماية نفسها. لقد تسببت أفعال حماس في وقوع العاملين في المجال الإنساني في مرمى النيران .
كل شيء يحدث في غزة يحدث بسبب حماس” . هنا زاد و ضاعف من شغفي ، فهؤلاء ، لم يكونوا مقاتلين ، و لم يكونوا أناس عاديين ، كانوا مسعفين و منقذين يحاولون تقديم يد العون للملهوفين ممن ضاقت بهم الحياة و سبل العيش ، كما انهم لم يكونوا فردا واحدا او اثنين ، لنرجح احتمال انه مجرد حادث ، كما انهم لم يكونوا من جهة اغاثية واحدة ، لنقول انها بالغت في روايتها ، او انها كذبت لكي تتستر على شيء ما تخفيه ، حتى جاءت رواية جريدة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها على لسان هيئة تحريرها لتؤكد ارتكاب المجزرة (خمسة عشر قتيلا ينضمون الى نحو ألف من موظفي الإغاثة و الصحة قتلوا منذ بداية الحرب) و تحث الجيش (في ظل ظروف النار المتساهلة و تجاهل الضباط للقانون الدولي وحتى الإسرائيلي) ، و تختم هآرتس : (رغم ان الحكومة معنية بهذه الحرب ان تستمر الى الأبد ، سيأتي يوم و تنتهي ، يومها سيضطر الجيش و المجتمع ، لأن ينظروا في المرآة و يواجهوا المعرفة بأن هذه الفظائع ارتكبت باسمهم) .
و ساءلت نفسي عن المتحدثة باسم الخارجية الامريكية ماذا سيكون موقفها بعد هذا الموقف الإسرائيلي ، و أي وجه سيصبح وجهها ، اذا ما طاوعتها نفسها ان تنظر في المرآة .
رابط قصير:
https://madar.news/?p=335265



