الشريط الأخباري

تحقيق : جدل وتبادل اتهامات حول منح تراخيص لمراكز “دينموميتر” في الضفة

مدار نيوز، نشر بـ 2025/01/08 الساعة 8:25 مساءً

مدار نيوز \ الحياة الجديدة \ تحقيق: رؤى حديدي ومحمد تلاحمة وصهيب العويوي

القرار الجديد سيؤدي إلى وجود 7 مراكز “دينموميتر” في رام الله والبيرة تخدم 60 ألف مركبة بينما في العاصمة الأردنية “عمان” 6 مراكز فقط لخدمة 800 ألف مركبة

* أصحاب مراكز “دينموميتر”: قرارات “النقل والمواصلات” غير مدروسة وتلحق خسائر بنا وسنلجأ إلى القضاء

* النقل والمواصلات” ترد: إصدار التراخيص استند إلى سياسة مشتركة مع وزارة الحكم المحلي لدعم البلديات

* تساؤلات حول مدى الالتزام بالنزاهة والشفافية في إجراءات منح التراخيص واتهامات بعدم “القانونية”

* رؤساء بلديات يتحدثون عن فرصة لمصادر دخل إضافية ويرفضون إبراز وثائق الاتفاقيات الموقعة مع الوزارة

* منح التراخيص لبلديات مقابل إنشاء دوائر سير مملوكة للوزارة.. جائز قانونيا؟

* هيئة التقاعد العسكري تنسحب من مشروع شمال “الضفة الغربية” بعد دخول “مدنيين لمصالح خاصة” واعتبار ذلك “مخالفا للقانون”

* بلدية في شمال “الضفة” وشركة في القطاع الخاص تربحان قضية رفعت على الوزارة  وإحالة ملف القضية إلى هيئة مكافحة الفساد 

مشاريع افتتاح مراكز “دينموميتر” ومراكز فحص هندسي للمركبات جديدة في مناطق مختلفة يُفترض أن يكون خطوة تسهم في تحسين الفحص الفني للمركبات في فلسطين، لكن ذلك تحول إلى نقطة جدل كبيرة بين أطراف متعددة. الفكرة كانت بسيطة: توفير خدمات أفضل للسائقين بتكلفة أقل. لكن الواقع كشف عن تداخل كبير في المصالح والنزاعات التي تعرقل تنفيذ المشاريع وأثارت أسئلة حول مدى اتباع إجراءات تراعي النزاهة والشفافية.

ويشهد قطاع الفحص الفني للمركبات (الدينموميتر) حالة من التوتر بين وزارة النقل والمواصلات من ناحية، وأصحاب المراكز الخاصة من ناحية ثانية. قرار الوزارة بافتتاح مراكز جديدة للفحص الفني أثار جدلا واسعا، حيث يرى العاملون في القطاع الخاص أن هذه الخطوة تهدد مستقبلهم، فيما تصر الوزارة على أنها تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين.

 

التوزيع الجغرافي لمراكز الـ “دينمومترات” في الضفة

يوجد في المحافظات الشمالية 18 مركز “دينموميتر” 9 منها تابعة للبلديات (الخليل، وسلفيت، ودورا، وجنين، وحلحول، وقلقيلية، ويطا، وطولكرم، ونابلس)، و8 منها تابع للقطاع الخاص (2 في رام الله، 2 في نابلس، 1 في بيت لحم، و1 في أبو ديس، و1 في جنين، و1 في أريحا).

بعد افتتاح مراكز الـ “دينموميتر” الجديدة ستحتوي محافظة رام الله والبيرة وحدها على 7 مراكز تخدم 60 ألف مركبة بالمقابل مدينة القدس تحتوي على 6 مراكز لخدمة مليون وثلاثمائة ألف مركبة ومثال آخر في العاصمة الأردنية “عمان” يوجد بها 6 مراكز لخدمة 800 ألف مركبة ما يولد جدلا حول الجدوى الاقتصادية التي اعتمدتها وزارة النقل والمواصلات وعلى أية معايير استندت لاتخاذ مثل هذا القرار؟

 

قرار سابق بوقف منح التراخيص

يذكر أن أنه تم إصدار أمر رسمي في عام 2022 من قبل وزير النقل والمواصلات السابق لمنع إصدار تراخيص جديدة لمراكز فحص المركبات الـ “دينموميتر” بأي حال من الأحوال، وتم وضع لجنة مكونة من أربعة موظفين (الأسماء محفوظة) لمتابعة هذا القرار، وقد تواصل معدو التحقيق معهم لكنهم فضلوا عدم الحديث.

 

هل القرارات غير “مدروسة”؟

يعتقد مدير “دينموميتر” كلية الشهيد أبو جهاد عبد الله الحلو إن وزارة النقل والمواصلات تتخذ قرارات دون دراسة جدوى اقتصادية صحيحة، ما يسبب خسائر مؤكدة للمراكز التي سيتم افتتاحها بجانب المراكز الحالية.

وأوضح الحلو أن مدينة رام الله كان بها سابقا مركز “دينموميتر” حقق أرباحا معقولة، لكن الوزارة أصدرت خمسة تراخيص جديدة في المدينة، ليصل إجمالي المراكز إلى سبعة، ما يوزع الأرباح ويؤدي إلى خسائر محتومة.

وأشار الحلو إلى أن الوزارة لم تعتمد على أي دراسات جدوى ولم تتبع سياسات سليمة في منح التراخيص. وأوضح أنه حسب الإجراءات كان ينبغي أن تقوم البلدية بنفسها بتشغيل الـ “دينموميتر”، لكن الوزارة سمحت بتضمين الترخيص لمستثمر خاص.

وأضاف الحلو أن عدد المركبات التي تم ترخيصها في عام 2023 عبر مركزين “دينموميتر” في رام الله بلغ 59,712 مركبة، بينما المسجل بسجلات الوزارة هو140,000 مركبة. وأشار إلى أن التراخيص تُسجل في رام الله وتوزع على المحافظات، بما في ذلك الشركات الكبيرة مثل “جوال” و”بالتل” و”الوطنية موبايل”.

وأكد الحلو أن عدد الملصقات التي توضع على المركبات عند فحصها من قبل الوزارة يثبت عدد المركبات المرخصة، منوها إلى أن المواطنين لا يشتكون بشأن بُعد الموقع أو وجود ضغط على المركز.

وأضاف الحلو أنهم أرسلوا إخطارا للوزير ورئيس الوزراء، مرفقا بوثائق تثبت خطورة المضي قدما في القرار المثير للجدل. ومن بين الوثائق دراسة جدوى اقتصادية أعدها الخبير الأستاذ ثابت أبو الروس، تؤكد الخسائر المؤكدة التي ستلحق بالمراكز الجديدة والقائمة على حد سواء.

عبد الناصر المصري صاحب “دينموميتر” في مدينة رام الله أشار إلى أن فتح خمسة مراكز “دينموميتر” جديدة في رام الله سيؤدي إلى إغلاق المراكز في القرى المجاورة، ما يعرض الجميع للإفلاس.

وأوضح أن المحامي أحمد الأشقر قدم إخطارا للوزارة يعترض على جميع هذه التفاصيل، وفي حال عدم استجابة الوزارة والجهات المعنية، سيتم اللجوء للقضاء.

افتتاح مراكز جديدة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية غير ممكن، هذا ما أكده محمود سرور صاحب “دينموميتر” أبو ديس، مشيرا إلى أن الواقع الاقتصادي الحالي مرير حيث يشهد حالة من الانهيار.

وأوضح سرور أن مدينة رام الله تحتوي على مركزين للـ “دينموميتر”، ولا تحتاج إلى مراكز جديدة، خاصة في ظل الظروف الحالية التي لا تساعد على افتتاح مراكز جديدة.

وأضاف أن الوضع في منطقة القدس يعتبر صعبا للغاية. ففي اليوم الذي يتم فيه ترخيص 25  مركبة، يعتبر عيدا قوميا، حسب قوله. وأشار إلى أن المناطق المصنفة  مناطق “سي” شبه منكوبة ولا تستطيع الوزارة مراقبة العمل فيها بشكل كامل، ما يصعب الرقابة على المراكز.

وأكد سرور أنه عندما حصل على الترخيص، لم يُطلب منه تسجيل أي عقار أو مبنى باسم الوزارة، بل قدموا عرضا لاستخدام مبنى قريب من الـ “دينموميتر” كمبنى لدائرة السير، نظرا لوجود مبنى الدائرة الحالي في منطقة مكتظة بالسكان. ومع ذلك لم يتلقوا ردا إيجابيا حتى الآن.

(م.م) أحد أصحاب الـ “دينموميتر” في المحافظات الشمالية أوضح  أن تشغيل “دينموميتر” واحد يتطلب استثمارا أوليا يصل إلى 3 ملايين دولار، مع مصاريف تشغيلية شهرية تقارب 100 ألف شيقل. وأشار إلى أن منح تراخيص جديدة دون دراسة جدوى يؤدي إلى تقليص الأرباح وجودة الخدمات.

“إذا زاد عدد المراكز فإن الأرباح تنخفض تدريجيا. عند وجود خمسة مراكز أو أكثر، سنعمل في ظروف لا تسمح حتى بتغطية التكاليف التشغيلية”. وأشار إلى أن المعدات المستخدمة مكلفة جدا، حيث يمكن أن تصل تكلفة إصلاح أحد الأجهزة إلى 50 ألف دولار. كما انتقد تفاوت الرقابة، حيث تُفرض إجراءات صارمة على المراكز الخاصة، بينما تحصل البلدية على تسهيلات وإعفاءات ضريبية، ما يخلق منافسة غير عادلة.

 

رأي مخالف.. هناك حاجة

جواد الغانم مدير “دينموميتر” في مدينة أريحا، صرح لمعدي التحقيق أن مركز الـ “دينموميتر” مصدر رزق حيوي للجميع، ولا يُعد افتتاح مراكز جديدة في المناطق التي تحتاج إلى هذه الخدمة خطأ. فمدينة مثل رام الله تحتاج بطبيعتها إلى مثل هذه المراكز، وكذلك مدن أخرى مثل بيت لحم، وأريحا، والخليل.

وقال إن توجه أصحاب مراكز الـ “دينموميتر” إلى القضاء لإيقاف العمل بالتراخيص الجديدة كان بدافع المصالح المادية، وليس كما يزعم البعض بأن هذه المناطق لا تحتاج إلى مراكز جديدة.

وأكد أن تقديم التراخيص للبلديات يعزز منافع متعددة للمجتمع، منها زيادة دخل البلدية وتقديم خدمات أوسع للمواطنين.

ولفت إلى أنه عند الحصول على ترخيص لافتتاح مركز “دينموميتر”، لم يكن من ضمن الشروط تقديم عقار أو بناء معين للحكومة، لافتا إلى أن فرض شرط تقديم عقار أو بناء للحكومة مقابل الترخيص هو أمر غير قانوني. وقد سبق أن تقدمت بعرض لإعطاء بناء للوزارة مقابل ترخيص جديد، ولكن تم رفض العرض.

وفيما يتعلق بتقديم بناء لوزارة النقل والمواصلات لمدة 10 سنوات لاستخدامه كدائرة سير في بيت لحم، لفت إلى أن ذلك تم مقابل عدم افتتاح مركز “دينموميتر” آخر، قائلا إن صاحب أحد مراكز الـ “دينموميتر” في الضفة قدم مبنى دائرة سير لمدة 10 سنوات مقابل منع افتتاح مركز آخر في المنطقة المتواجد فيها. وعندما طلب معدو التحقيق وثيقة الترخيص من جواد الغانم رفض تقديمها دون إبداء الأسباب.

 

رؤسات بلديات يؤيدون القرار

أكد نضال شاهين رئيس بلدية بيرزيت، أن المجلس البلدي السابق قدم طلب الـ “دينموميتر” قبل تسلمه مهامه. في هذا العام صدر قرار من مجلس الوزراء بأن الـ “دينموميتر” يتبع للبلديات. وأوضح شاهين أن بلدة بيرزيت تضم 38 تجمعا سكانيا ويزيد عدد الداخلين والخارجين منها عن 200 ألف مواطن.

وأضاف أن الـ “دينموميترات” المتوفرة حاليا توجد فقط في مدينة البيرة. وأشار إلى أن أصحاب الـ “دينموميترات” الحاليين اعترضوا على إصدار التراخيص لأنهم يريدون جني المال لأنفسهم فقط. وأوضح أنه توجد دراسة جدوى ولكن لا توجد تفاصيل لحين تشكيل لجنة، مقابل الحصول على التراخيص، قدموا دائرة سير و”دينموميتر” مع موظفين من طرفهم للعمل داخل مقر دائرة السير، وسيتم بناء الـ “دينموميتر” لصالح البلدية.

وحول حصولهم على الرخصة بشكل غير قانوني وعدم اتباع الإجراءات القانونية مثل الإعلان في الصحف، أكد شاهين أنه عندما يصدر قرار من مجلس الوزراء لا حاجة لنشره في الصحف.

وأضاف أن قرار المجلس البلدي ينص على أن جميع الـ “دينموميترات” تدعم الهيئات المحلية، وذلك لتوفير دخل إضافي لها للقيام بمسؤولياتها. لذلك تم تحويل جميع الـ “دينموميترات” للهيئات المحلية حسب قرار مجلس الوزراء. في نهاية المقابلة، رفض شاهين الإفصاح عن الوثيقة الموقعة بين بلدية بيرزيت ووزارة النقل والمواصلات.

كما أكد “شاكر دولة” رئيس بلدية بيتونيا، أنهم لم يحصلوا على ترخيص “دينموميتر”، وتتوفر لديهم فقط رخص السيارات وتجديد الهويات. حصلوا سابقا على موافقة لإقامة “دينموميتر” لكن الشروط كانت تعجيزية، مثل البناء على مساحات واسعة بتكلفة تصل إلى ثلاثة ملايين دولار، وهو أمر خارج قدرتهم.

حاليا، لديهم موافقة مبدئية لإنشاء “دينموميتر”، بينما كانت الشروط سابقا تعجيزية. وأشار دولة إلى أن البلديات الأخرى حصلت على التراخيص بينما لم تُمنح بلديتهم ذلك حتى الآن.

تواصلت البلدية مع أصحاب “”دينموميترات” في رام الله وأخبروهم بوجود خمسة “دينموميترات” قيد المتابعة للحصول على تراخيص. حاليا وافقت السلطات المحلية على مشاركة المجتمع المحلي مع البلدية، ما يسمح لأصحاب رؤوس الأموال بمساعدة البلدية مقابل الحصول على نسبة في المشروع.

بشأن الجغرافيا، أكد دولة أن بيتونيا هي البوابة الرئيسية للقرى الغربية وتم اختيار الموقع بالقرب من محطة وقود “الخواجا”. وأوضح أن وجود الـ “دينموميتر” في بيتونيا سيساعد المواطنين بدلا من التوجه لرام الله، ما يسهل عليهم اتمام الإجراءات اللازمة. وأضاف دولة أن وزيري الحكم المحلي والنقل والمواصلات متفهمان للوضع ويرغبان في مساعدة الناس، مشيدا بقرار وزير النقل والمواصلات لتسهيل عملية الحصول على التراخيص وزيادة دخل البلدية.

وأفاد رائد حامد رئيس بلدية سلواد، أن بعض الأشخاص طالبوا بفتح “دينموميتر” في سلواد بناء على خطة استراتيجية للبلدية.

وأوضح أن البلدية ستتكفل ببناء وتجهيز مبنى خاص لدائرة السير وتسليمه لوزارة النقل والمواصلات، مما سيعود بالفائدة على أكثر من 10 قرى. وأضاف أن الوزارة وافقت على الطلب بعد شهرين من تقديمه. وأكد أن البلدية وضعت خطة بديلة في حال تعرض المشروع للخسارة، بتضمينه للقطاع الخاص.

جدير بالذكر أن مدينة رام الله وضواحيها تحتوي حاليا على مركزين “دينموميتر” فقط، وتم منح خمسة مراكز جديدة، بينما تحتوي مدينة الخليل وضواحيها على أربعة مراكز “دينموميتر” فقط، على الرغم من أن عدد سكانها يفوق بكثير عدد سكان محافظة رام الله والبيرة.

 

الوزارة توضح حول إصدار التراخيص الجديدة

في مقابلة مع فراس ياسين، رئيس قسم الإدارة العامة لهندسة المركبات في وزارة النقل والمواصلات، أوضح أن الوزارة استندت في إصدار تراخيص مراكز الـ “دينموميتر” إلى سياسة مشتركة مع وزارة الحكم المحلي لدعم البلديات. وأضاف ياسين أن البلديات في حال عدم قدرتها على إقامة المشروع، تقوم بإرسال كتاب بعدم إصدار تراخيص.

وحول قدرة البلديات المالية، أكد ياسين أن الحكم المحلي يقرر بناء على طلب البلديات، مع إمكانية مشاركة القطاع الخاص في المشروع. وفيما يتعلق بالاعتراضات على عدد المراكز في رام الله أكد ياسين أن الوزارة ردت على التظلمات وأن هذه الاعتراضات غير صحيحة، مشيرا إلى أن الوزارة لا تتحمل مسؤولية فشل المشروع إذا قدمته بلدية.

أما عن البلديات الأخرى مثل سلواد، فبين ياسين أن عدد المركبات في القرى المحيطة يجعلها تفي بالشروط القانونية. وأوضح أن المراقبة تتم من خلال كاميرات مجهزة في مراكز الـ “دينموميتر” لضمان عدم حدوث التلاعب.

كما أكد ياسين أن الوزارة تلتزم بتسهيل حصول المواطنين على التراخيص، مضيفا أن شرط الوزارة يتطلب توفير مكاتب ترخيص داخل مراكز الـ “دينموميتر”. وفيما يخص الخسائر أشار إلى أن الوزارة لا تتحمل أي تعويضات في حال تعثر القطاع الخاص.

وفي تصريح رسمي أدلى به المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات رائد حمدان، أوضح أن الوزارة بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي، أجرت دراسة أظهرت أن هناك عددا كبيرا من المركبات المسجلة في مدينة رام الله، وبناء على ذلك، وحرصا على التخفيف من معاناة المواطنين في ظل الأوضاع الحالية والاغلاقات المستمرة، قررت الوزارة افتتاح عدد من مراكز الفحص الفني الـ “دينموميترات” في مدينة رام الله.

ووفقا لتصريح حمدان، تم منح ثلاثة تراخيص جديدة لمراكز الفحص في رام الله، وروابي، وسلواد. وعلى الرغم من إصدار خمسة تراخيص (رام الله، وسلواد، وروابي، وبيتونيا، وبيرزيت)، إلا أن الاتفاقية الرسمية التي تم توقيعها بين وزارة النقل والمواصلات ووزارة الحكم المحلي تشمل فقط (رام الله، وسلواد، وروابي).

وأشار حمدان إلى أن عدم الموافقة على تراخيص بيتونيا وبيرزيت قد يكون موضوعا للتفاوض في المستقبل. وأضاف أن آلية صرف التراخيص تتطلب توقيع اتفاقية بين الوزارة، وزارة الحكم المحلي، والبلدية المعنية.

وأكد أن إعطاء ترخيص لروابي جاء لخدمة القرى المجاورة، حيث إن عدد سكان منطقة روابي قليل مقارنة بسكان القرى المجاورة، وكذلك عدد المركبات المسجلة فيها. وبين أن وزارة النقل والمواصلات قامت بعمل دراسة جدوى اقتصادية تتناسب مع عدد المركبات المسجلة في المدينة، ووجدت أن هذه الخطوة ستكون مناسبة وتخفف عن المواطنين.

وأشار إلى أن منح التراخيص للبلديات يهدف إلى منفعة المواطنين، حيث سيتم صرف الدخل المتحصل على الخدمات العامة في الهيئات المحلية. كما أوضح أن بعض البلديات قد تتوجه لمنح الترخيص لمستثمر خاص بناء على اتفاق معين.

وحسب وثيقة التفاهم بين وزارة النقل والمواصلات وبلدية روابي تضمنت بندا ينص على أن مدينة روابي تقع ضمن منطقة استراتيجية تخدم القرى والبلدات التي تقع بالقرب منها مثل بلدة بيرزيت، لكن اللافت في الأمر أنه تم اصدار ترخيص لبلدة بيرزيت، مع العلم أن تعداد سكان المدينة لا يتجاوز 1000 شخص.

وتواصل معدوا التحقيق مع أحد المسؤولين بوزارة الحكم المحلي من أجل إجراء مقابلة وحوار حول قضية روابي، لكنه رفض الحديث.

 

محام: الإجراء غير قانوني

في مقابلة مع المحامي أحمد الأشقر، أوضح أن نقابة “الديمنوميتر” قدمت إخطارا إلى الحكومة ولم يتم الرد عليه حتى الآن، رغم تصريح فراس ياسين بأنه تم الرد دون الكشف عن طبيعة الرد.

وأشار الأشقر إلى أن الحكومة تفرض على البلديات تسليم مبانٍ باسم وزارة النقل والمواصلات، معتبرا هذا الإجراء غير قانوني. وأكد أن التراخيص التي تقدمها مؤسسات الدولة لأي جهة أهلية يجب ألا تكون مقابل تمليك الحكومة عقارات، حيث يُعتبر ذلك فرض رسوم بدون قانون.

وأضاف أن الدولة هي المسؤولة عن بناء المباني الحكومية، وأن مقايضة المطلوب منها بإجراء اتفاقيات مقابل تقديم تراخيص غير مدروسة قد تؤدي إلى انهيار هذا القطاع.

وأوضح أن البلديات لا تستطيع بناء العقارات للدولة وستلجأ إلى المستثمرين. ومع ذلك، أشار إلى أن دراسة الجدوى التي يجريها المستثمرون غالبا ما تكشف عن عدم إنتاجيتها، ما يؤدي إلى إضعاف قدرة البلديات المالية والإدارية وتحقيق خسائر مؤكدة.

وأكد أن دراسات الجدوى التي أجراها اتحاد نقابة الـ “دينموميتر” للبلديات والقطاع الخاص والمراكز المرخصة سابقا تدعم هذا الرأي.

وشدد على ضرورة إعداد دراسة جدوى اقتصادية حسب الأنظمة والتعليمات، والإعلان عنها للجمهور الفلسطيني لمن يرغب. وأضاف أن الاتفاق بين البلدية والمستثمر لتسليم الترخيص ضمن إطار قانوني يعزز الشراكة بين القطاع الخاص والهيئات المحلية، لكن السؤال يبقى حول المسؤول عن الـ “دينموميتر” والالتزامات التي قد تنشأ عنه.

وأشار إلى أن البلديات ستكون مسؤولة عن أي أخطاء أو أضرار تحدث وليس المستثمر، لأن الترخيص في هذه الاتفاقيات يكون تحت مسؤولية البلديات. وأضاف أن الإعلان عن الحاجة والترخيص بناء على حاجة السوق مهم لتجنب تضخم السوق والخسائر التي قد تلحق بالمراكز القائمة حاليا.

وأكد الأشقر أن القانون الأساسي الذي تستند إليه الـ “دينموميترات” يشير إلى وجود مخالفة صارخة للأنظمة والتعليمات الخاصة بمنح التراخيص، مثل عدم الإعلان وعدم توفر دراسة جدوى اقتصادية. مع العلم أن الناطق السابق بإسم وزارة النقل والمواصلات محمد حمدان (يشغل حاليا وكيل الوزارة) أشار إلى وجود دراسة جدوى وحاجة البلد لمراكز جديدة.

 

هيئة التقاعد العسكري تنسحب

في بلدية في شمال الضفة، كان المشروع في بدايته واعدا. حصلت البلدية بالتعاون مع شركة من القطاع الخاص على التراخيص اللازمة من وزارة النقل والمواصلات لإنشاء مركز فحص هندسي و”دينموميتر”. لكن سرعان ما بدأت المشاكل، وتوقفت التراخيص نتيجة خلافات مع الوزارة وضغوط من أطراف أخرى. حتى أن البلدية وشريكها لجأوا إلى القضاء الذي حكم لصالحهم، لكن المشروع لا يزال يواجه عدة عراقيل.

وفي نابلس، كانت هيئة التقاعد العسكري جزءا من قصة مختلفة. الهيئة بدأت شراكة مع الوزارة للمشاركة في مشروع الـ “دينموميتر”، لكنها انسحبت بعد أن دخل مدنيون بمصالح خاصة تحت اسم هيئة التقاعد العسكري. وبالنسبة للهيئة، كان هذا خروجا عن القانون، ما دفعها للانسحاب عن المشروع.

وصرح اللواء محمود الفارس أن الهيئة العليا للمتقاعدين العسكريين على مستوى الوطن تقدمت بطلب للمشاركة في الـ “دينموميتر” بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات. وتم التقدم بالـ “دينموميتر” على أساس تخصيص نسبة معينة للهيئة، إلا أن “ظروفا معينة” حالت دون إتمام هذا المشروع.

وأوضح اللواء الفارس أن الوزارة والهيئة اختلفتا بشأن بعض التفاصيل، ما أدى إلى انسحاب هيئة المتقاعدين العسكريين من الـ “دينموميتر”. لاحقا، تم منح الترخيص لجهة خاصة بشراكة مع أطراف ذات مصالح مستقلة.

وأشار اللواء الفارس إلى أن التراخيص الخاصة بالـ “دينموميتر” صدرت بأسماء مدنيين لهم مصالح خاصة، وهو ما دفع الهيئة للانسحاب. وأكد أن هيئة المتقاعدين العسكريين بصفتها جزءا أساسيا من تأسيس الدولة لا يمكنها العمل خارج إطار قانون المؤسسة الرسمية. كما شدد على أن استغلال اسم الهيئة لإصدار تراخيص لأي جهة خاصة هو أمر مرفوض تماما.

واختتم اللواء الفارس تصريحاته بالتأكيد على أن الهيئة لم تكن الجهة الرئيسية في الـ “دينموميتر”، وإنما كانت شريكة فيه بالتعاون مع الوزارة، التي تولت مسؤولية إصدار التراخيص. وأوضح أن السبب الأساسي لانسحاب الهيئة هو دخول مدنيين لا ينتمون للهيئة كجزء من الـ “دينموميتر”، وهو ما يتعارض مع توجهات الهيئة وأهدافها.

من جهته صرح (ع.ع) وهو رئيس بلدية شمال الضفة بأن طلب الحصول على تراخيص للـ “دينموميتر” تم تقديمه باسم البلدية بالشراكة مع القطاع الخاص، وقد تمت الموافقة عليها والحصول على التراخيص من وزارة النقل والمواصلات باسم البلدية وشركة القطاع الخاص معا، مشيرا إلى أن الطواقم الخاصة للوزارة زارت الموقع وشاركت في وضع حجر الأساس وتقديم بعض الملاحظات، كما زار وزير النقل والمواصلات الموقع بنفسه.

وأكد (ع.ع) صحة الاتفاق الضمني وأن العمل عليه لا يزال جاريا، لافتا إلى أن الاتفاق تضمن منح وزارة النقل للبلدية وشركة القطاع الخاص تراخيص لإنشاء “دينموميتر” ومركز فحص فني، مقابل تخصيص مبنى على قطعة أرض للوزارة تُسجل باسم السلطة الوطنية.

وأشار (ع.ع ) إلى أن التراخيص توقفت لاحقا لـ”حجج معينة” من قبل وزارة النقل والمواصلات، وردا على ذلك قامت البلدية وشركة القطاع الخاص برفع قضية على الوزارة، وتمكنا من كسب القضية نظرا لأن جميع الأوراق المقدمة كانت صحيحة وقانونية، مشيرا إلى  إحالة ملف القضية لهيئة مكافحة الفساد.

وأوضح (ع.ع) أنه لا يوجد سبب مقنع لسحب التراخيص بعد تجهيز مبنى الـ “دينموميتر” ومختبر الفحص الفني وتوظيف العاملين فيه. وأكد أن المشكلة ليست في المبنى ذاته، لأنه كان جزءا من الاتفاق المسبق.

وأشار (ع.ع) إلى أهمية مشروع الـ “دينموميتر” في خدمة المصلحة العامة، حيث انعكس ذلك إيجابيا على المواطنين. وأوضح أن التعامل مع المواطنين تغير بشكل كبير، إذ أصبح أكثر احتراما ومساعدة. كما انخفضت تكلفة الفحص من 150 شيقلا إلى 100 شيقل فقط، ما جعل بعض الأطراف تبذل كل جهدها لإيقاف المشروع.

كما وصرح مصدر في وزارة النقل والمواصلات أن الوزارة وقعت اتفاقية مع هذه البلدية تقضي بمنح البلدية تراخيص لإنشاء “دينموميتر” ومركز فحص فني، مقابل تسليم البلدية مبنى مكون من طابقين لصالح الوزارة. وأوضح المصدر أن التراخيص صدرت باسم شركة القطاع الخاص بدلا من البلدية، وهو ما أدى لاحقا إلى إخلال البلدية بالاتفاق وامتناعها عن تسليم المبنى. بعد اكتشاف هذا الخلل، قررت الوزارة إلغاء جميع التراخيص الممنوحة للشركة والبلدية. وردا على ذلك، رفعت شركة القطاع الخاص دعوى قضائية ضد الوزارة، وتمكنت من كسب القضية وإعادة فتح ال”دينموميتر” والمركز الفني، دون تنفيذ بند تسليم المبنى.

وأكد المصدر أن السبب الرئيسي لخسارة القضية يعود إلى خطأ إداري من قسم الترخيص في الوزارة، وتم إحالة الملف إلى هيئة مكافحة الفساد للتحقيق في القضية ومحاسبة المسؤولين عن هذا الخلل.

وعلم فريق التحقيق من مصادر موثوقة أن ملف القضية وصل بالفعل إلى هيئة مكافحة الفساد،  لكن الهيئة تتحفظ الافصاح عن أية معلومات بهذا الخصوص كونها مصنفة بأنها ضمن المعلومات السرية ولا يسمح الإطلاع عليها إلا بقرار من المحكمة.

—————

*هذه المادة تدريبية ضمن مساق “الصحافة الاستقصائية” لطلبة كلية الإعلام في جامعة “القدس المفتوحة”

 

 

رابط قصير:
https://madar.news/?p=329945

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار