زيتون الضفة بين اعتداءات المستوطنين و”الإغلاق العسكري” الإسرائيلي

مدار نيوز \
في بلدة سعير أغلقت القوات الإسرائيلية الطرق المؤدية إلى الأراضي الزراعية بذريعة أنها “منطقة عسكرية مغلقة” وانتشر مستوطنون مسلحون في محيط الحقول لمنع المزارعين الفلسطينيين من الاقتراب.
مزارعون فلسطينيون بالمنطقة قالوا إن الجيش الإسرائيلي يمنعهم من الوصول إلى أراضيهم منذ أكتوبر 2023، فيما يعترض طريقهم المستوطنون مع بداية موسم الزيتون الذي ينتظره الفلسطينيون كل عام باعتباره مصدر رزق وتراثا.
تحولت الحقول شمال مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة إلى مناطق مغلقة، يحاصرها جنود ومستوطنون إسرائيليون، ويمنعون أصحابها من دخولها أو جني ثمارها.
وفي بلدة سعير، أغلقت القوات الإسرائيلية الطرق المؤدية إلى الأراضي الزراعية بذريعة أنها “منطقة عسكرية مغلقة”، وانتشر مستوطنون مسلحون في محيط الحقول لمنع المزارعين الفلسطينيين من الاقتراب.
تقع الأراضي المستهدفة في منطقة وادي سعير، وتبلغ مساحتها نحو 500 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، وتضم آلاف أشجار الزيتون المعمرة التي يعتمد عليها الفلسطينيون مصدر دخل أساسيا.
وسط هذا المشهد المحاصر بالجنود والمستوطنين، تتعدد قصص المزارعين الفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن دخول أراضيهم.
من بين هؤلاء محمد طروة، أحد مزارعي المنطقة، الذي قال: “نمنع من الوصول إلى أراضينا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بحجة قربها من المستوطنات”.
وأضاف طروة: “نحو 90 بالمئة من أشجار الزيتون في المنطقة إما أحرقت أو سرقت ثمارها من قبل المستوطنين”.
وأشار إلى أن المستوطنين، بحماية من الجيش الإسرائيلي، منعوا المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم بعدما ادعى الجيش أن الأراضي “منطقة عسكرية مغلقة”.
وأوضح أن المزارعين “يشاهدون ثمارهم تنهب أمام أعينهم دون أن يتمكنوا من فعل شيء”، واصفا ذلك بأنه “صعب”.
وعلى بعد أمتار من موقع طروة، حاول المزارع الفلسطيني أسامة جرادات دخول أرضه، لكنه واجه المصير ذاته.
وقال جرادات: “منذ ساعات الصباح نحاول دخول الحقول، لكن المستوطنين المسلحين اعترضونا، ثم وصلت قوات من الجيش وطردتنا من الأرض”.
وأضاف: “أي مزارع يقترب من المنطقة يتعرض لاعتداءات المستوطنين”.
الحرمان لا يقتصر على هذا الموسم فحسب، بل أصبح سياسة متكررة، فالمزارع يوسف شلالدة، أكد أن هذا المنع يتكرر للعام الثالث.
وقال شلالدة: “كل موسم نمنع بحجة المنطقة العسكرية المغلقة”.
وأضاف: “وصلنا اليوم، وفورا حضر المستوطنون إلى الأرض، ثم تدخل الجيش لطردنا”.
وتابع: “كان من المفترض أن يطرد الجيش المستوطنين المعتدين، لكنه وفر لهم الحماية وطرد أصحاب الأرض”.
ويملك شلالدة وعائلته نحو 200 دونم مزروعة بالزيتون، قال إنهم غير قادرين على الوصول إليها، مطالبا بتدخل دولي لوقف اعتداءات المستوطنين.
ويتزامن هذا المنع مع تصاعد ملحوظ في اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية مع حلول موسم قطف الزيتون الذي يبدأ عادة في الثلث الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول كل عام.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ المستوطنون 7154 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة في عامي الإبادة بغزة.
كما أقاموا 114 بؤرة استيطانية.
ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين ألكسندر ستوتزمان قال إن هجمات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين “يجب أن تتوقف فوراً وهي غير مقبولة”.
وأضاف خلال مشاركته في فعالية لقطف الزيتون قرب رام الله: “مشاركتنا هي رسالة دعم مباشرة للمزارع الفلسطيني، ورسالة سياسية ضد الممارسات العنيفة التي ينفذها المستوطنون”.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي “اتخذ سلسلة إجراءات لفرض عقوبات على المستوطنين المعتدين، وهناك وجود ميداني للدبلوماسيين مع السكان في الضفة خاصة خلال موسم القطف المهم للاقتصاد الفلسطيني”.
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، في بيان، قال إن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ارتكبوا منذ مطلع أكتوبر الجاري 158 اعتداء ضد قاطفي الزيتون في مختلف مناطق الضفة.
وأوضح أن من بين تلك الاعتداءات 17 نفذها الجيش الإسرائيلي و141 نفذها المستوطنون، وتوزعت بين اعتداءات جسدية وحملات اعتقال ومنع وصول للأراضي وإطلاق نار مباشر.
وأشار شعبان إلى أن محافظة نابلس سجلت 56 اعتداء، تلتها رام الله بـ51، والخليل بـ15، بينما لم يحدد موقع 36 اعتداء آخر.
وبيّن أن الهجمات تسببت منذ بداية الموسم في تخريب نحو 795 شجرة زيتون، واصفا الموسم الحالي بأنه “الأصعب والأخطر منذ عقود” بسبب سياسة إسرائيل في فرض “المناطق العسكرية المغلقة” على الأراضي الزراعية.
وتندرج اعتداءات المستوطنين ضمن موجة تصعيد إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية، أسفرت خلال العامين الماضيين عن مقتل 1057 فلسطينيا وإصابة نحو 10 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألف شخص بينهم 1600 طفل.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=348211