سعد صايل ..قائد الاركان في زمن الكرامة العربية، تم اغتياله صباح العيد

مدار نيوز : في السابع والعشرين من ايلول عام 1982 نجحت يد غادرة في اغتيال القائد «ابو الوليد»، وباستشهاده فقدت الحركة الوطنية الفلسطينية احد رموزها وصناع تاريخها المشرف وهي في امس الحاجة اليه ولأمثاله.
ولد الشهيد القائد بتاريخ 30/9/1932 في قرية كفر قليل التي تبعد عن مدينة نابلس 3كم، لأبوين مكافحين متحديين مصاعب الحياة، ومن رحم بيئة غنية بالإرث والتاريخ ولد الشهيد سعد صايل ليبدأ مشوار حياته بالتحاقه بمدرسة بلاطة الابتدائية التي تبعد عن قرية كفر قليل 2كم، وبعد إنهائه للمرحلة الابتدائية التحق الشهيد بمدرسة الصلاحية في نابلس على بعد 3كم من القرية ليواصل دراسته العلمية وحصل على شهادة الثانوية عام 1950 مواكبا ومتأثراً خلال دراسته بتطورات أحداث النكبة.
إذ لجأ كثير من فلسطينيي الـ 48 إلى خارج فلسطين وداخلها وبهذا نشأ مخيم بلاطة بمقربة من قرية بلاطة ليفصل القرية عن المدينة، وهو الطريق الذي اعتاد الشهيد المرور منه يوميا من والى مدرسته ليرى المأساة والمعاناة الصعبة لابناء شعبه بشكل يومي، والذي دفعه إلى اعتناق ثقافة المقاومة والإصرار عليها ليلتحق بعد إتمام دراسته الثانوية فورا عام 1951 بالجيش الأردني، إذ درس بالكلية العسكرية ليتخصص هندسة عسكرية.
تدرج الشهيد سعد صايل في عدد من المناصب العسكرية في الجيش إذ كان آمر مدرسة الهندسة العسكرية، ثم أسندت له قيادة لواء الحسين بن علي وهو برتبة عقيد ركن.
استمر الشهيد سعد صايل في صفوف الجيش الأردني وشارك في معركة الكرامة، إلى أن جاءت أحداث أيلول الاسود عام 1970 فالتحق بصفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ليناضل بكل ما أوتي من قوة مع اخوته ورفاقه إلى يوم أن اختاره الله ليكون شهيدا.
بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الاردن عام 1970-1971 شرع «ابوالوليد» في اعادة تنظيم وتشكيل مجموعات جنود وضباط الجيش الاردني الذين التحقوا بقوات الثورة الفلسطينية، وشكل منهم قوة عسكرية مقاتلة «لواء اليرموك» لعبت دورا مميزا في تثبيت وجود الثورة في لبنان وفي الدفاع عن المخيمات في وجه الاعتداءات التي تعرضت لها.
وبعد استقرار اوضاع الثورة في لبنان عام 73 لعب العميد ابو الوليد دورا حاسما في اعادة تنظيم وتأهيل قوات الثورة بخاصة قوات فتح، وادخل التشكيلات والرتب النظامية.
واشتهر بصلابته المبدئية لدرجة الجمود، وانتخب عام 1980عضوا في اللجنة المركزية لفتح وتولى قيادة غرفة العمليات الفلسطينية والمركزية المشتركة مع الحركة الوطنية اللبنانية، ورفع الى رتبة لواء.
جمع بمقدرة عالية بين دور القائد العسكري اللامع والقائد السياسي الخبير المحنك.
وامتاز بميدانيته. كان يحترم التعددية والرأي الآخر. ويمقت التزلف والتعدي على حقوق الآخرين.
وحظي باحترام القوى الوطنية الفلسطينية واللبنانية الواقعية والمتطرفة وقوى الجبهة العربية المشاركة في الثورة.
وخلال ترؤسه غرفة العمليات المركزية نمت قوى الثورة وتطورت قدراتها العسكرية، وصمم الاخ ابو الوليد، كما كان يحب ان ينادى، على مفاجأة القيادة الاسرائيلية والانتقام من غارات طيرانها على المخيمات ومواقع القوات الفلسطينية.
وفي تموز1981 ادار مع رفاق دربه معركة المدفعية الشهيرة، وظهرت خبرات كوادرها القتالية والفنية العسكرية المتطورة.
وقصفت نهاريا وعددا من المدن الاسرائيلية لأول مرة.
كان يحب النظام ويكره الفوضى، ومع بداية عام 1982 أدرك ابو الوليد ان المواجهة الشاملة مع الجيش الاسرائيلي قادمة لا محالة.
وبادر الى جمع آراء تصورات الجميع لطبيعة المعركة القادمة، وصاغها في خطة دفاعية واحدة، وتابع ميدانيا تطبيقها على الارض بعد مصادقة الشهيد الخالد ابو عمار عليها.
واذا كان التاريخ سجل بطولات المقاومة الفلسطينية اللبنانية لغزو اسرائيل للبنان عام 1982 في ملفاته فأبو الوليد احد صنّاعها الرئيسين. واذا كان الخبراء والبحاثة اعتبروا صمود بيروت ثلاثة أشهر كاملة في وجه الحصار، حدثا تاريخيا، فأبحاثهم تبقى ناقصة اذا لم تؤكد دور أبي الوليد في صنع ذاك الصمود.
اوائل آب ادركت قيادة منظمة التحرير ان رحيلها من بيروت بات أمراً لا مفر منه. وسعى ابو الوليد الى تجيير صمود القيادة والمقاتلين لصالح تحسين شروط الخروج وتوفير حماية مضمونة للمخيمات وتحقيق مكاسب سياسية للقضية الفلسطينية.
وبعد مفاوضات غير مباشرة شارك فيها ابو الوليد مع المبعوث الاميركي «فليب حبيب»، تم التوصل يوم 13 آب 1982الى اتفاق لوقف اطلاق النار والفصل بين المتحاربين، نال موافقة جميع اعضاء القيادة الفلسطينية. وضمن الاتفاق انسحابا مشرفا للقيادة ومقاتليها تحت اشراف قوات متعددة الجنسية اميركية فرنسية وايطالية، الى ذلك المحافظة على أمن وسلامة ابناء المخيمات بعد خروج المقاتلين.
يوم الاثنين الموافق 27/9/1982 أول أيام عيد الأضحى المبارك بعد أن أنهى زيارته لأبنائه واخوته في القواعد والمعسكرات في منطقة بين الريان وبعلبك على اثر كمين نصب له أثناء عودته الساعة السابعة وثلث مساءً، ليستشهد مع اثنين من مرافقيه وجرح عدد آخر، فقد نقل الشهيد إلى مشفى المواساة في دمشق وبقي لساعتين ينزف الى أن وصلت زوجته وابنته الكبرى فأوصاهما بالأولاد، قضى الشهيد ولسان حاله يردد نموت ليعيش شعبنا وتحيا فلسطين» ودفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك بدمشق.
المادة من ارشيفية عن جريدة الحياة الجديدة
رابط قصير:
https://madar.news/?p=57212