شهادة خاصة: أسير يروي تفاصيل التعذيب والاعتداءات الجنسية في السجون الإسرائيلية
مدار نيوز \ عرب 48 \
جلس الأسير (ص.أ – الاسم محفوظ لدى هيئة التحرير)، في زنزانة مظلمة تملأها الحشرات، وهو رجل في الأربعينات من عمره من سكان شمال الضفة الغربية المحتلة، محاولاً استجماع قواه بعد ليلة طويلة من الألم والمعاناة. منذ اعتقاله في بداية عام 2023 ووضعه رهن الاعتقال الإداري، تغيرت حياته بشكل جذري، ولم يعد كما كان.
لم يكن (ص.أ) يتوقع أن يكون اليوم المشؤوم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 نقطة تحول مروعة في حياته. بعد سنوات من السجن في ظروف قاسية مر بها سابقًا، لم يتخيل أن يجد نفسه ضحية لموجة جديدة من التعذيب والاعتداءات الجنسية على يد السجانين الذين لم يفوتوا فرصة للاعتداء عليه وعلى زملائه الأسرى.
بدأت المأساة عندما نُقل (ص.أ) مع مجموعة من الأسرى إلى منطقة تُعرف بـ”المخلول”. هناك، طُلب منهم خلع ملابسهم والانحناء أمام أعين السجانين الباردة. خلال هذا المشهد المهين، لم يكتف السجانون بمراقبتهم بل قاموا بإدخال أيديهم بالقوة في مؤخرة (ص.أ)، وأحيانًا استخدموا عصا لإلحاق المزيد من الألم والإهانة.
لكن الاعتداءات لم تتوقف عند هذا الحد. في وقت لاحق من نفس اليوم، نُقل (ص.أ) إلى غرفة أخرى تُعرف بـ”الزنانة”، حيث أُجبر مرة أخرى على الاستلقاء على بطنه وتعرض للضرب المبرح. في الليلة التالية، كما يدلي بشهادته التي وصلت إلى “عرب 48″، دخلت مجموعة أخرى من السجانين إلى الغرفة وبدأوا في ضرب الأسرى بوحشية، مما أدى إلى تعرض (ص.أ) إلى إصابات خطيرة وكذلك غيره من الأسرى.
كان الليل دائمًا أسوأ الأوقات بالنسبة له في السجن، حيث كانت الظلمة تخفي أهوالاً جديدة. في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، اقتحم السجانون مجددًا غرفة (ص.أ) وجرّوه إلى الحمام حيث استمرت حلقات التعذيب. هذه المرة، استخدموا جزرة وخيارة كأسلحة جديدة للعذيب، لإلحاق أقصى درجات الألم والإهانة به، حيث تم إدخالها في المنطقة الحساسة من جسده.
بعد هذه الليالي المروعة، أدرك (ص.أ) أن ما مر به لم يكن حادثة فردية، بل كان جزءًا من نمط متكرر من الوحشية التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية. زملاؤه في الزنزانة تعرضوا لنفس التعذيب والاعتداءات بحسب شهادته، وكانوا جميعهم عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم أو طلب المساعدة.
حاول (ص.أ) مرارًا طلب المساعدة الطبية، لكن جميع طلباته رُفضت. “لقد تركتني هذه التجارب في حالة نفسية منهارة. أشعر بالعزلة التامة، والمهانة تسيطر علي. لم أعد قادرًا على التواصل مع زملائي الأسرى، وكلما أرى السجانين الذين أساؤوا إليّ، تعود إليّ ذكريات الألم وكأنها حدثت للتو”، كما أوضح في شهادته التي نقلها المحامي وئام بلعوم.
وإزاء كل هذا التعذيب والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها (ص.أ) بادر المحامي بلعوم، الذي يتولى الدفاع عنه، بتقديم طلب لفتح تحقيق فوري ونقل (ص.أ) إلى سجن آخر بعيدًا عن السجانين المعتدين لضمان سلامته والسماح له بالإدلاء بشهادته دون خوف.
من جانبها، ردت الشرطة الإسرائيلية بأنها أحالت القضية إلى وحدة التحقيق مع السجانين، وأنه بعد تلقي الشكوى تم فتح تحقيق. ومع ذلك، رفضت الشرطة التعليق على ما إذا كان قد تم التحقيق مع السجانين الضالعين بممارسات التعذيب بحق (ص.أ). ورغم ذلك، لا تزال العدالة بالنسبة لـ(ص.أ) حلمًا بعيد المنال.
وفي انتظار العدالة، يبقى (ص.أ) في زنزانته، يعيش كل يوم على وقع الصدمات التي لن تقارقه أبدًا. لكن قصته تخرج من خلف القضبان لتذكر العالم بالمعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون بصمت داخل السجون الإسرائيلية.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=321687