شوارع القدس بأسماء “أبطال إسرائيل”.. هل نجح التهويد؟

القدس – مدار نيوز: مع اقتراب احتفالاتها بمرور 50 عامًا على احتلالها الكامل لمدينة القدس، تقترب إسرائيل من أسرلة كافة معالم المدينة المقدسة، بما فيها أسماء شوارعها، وهي الخطوة التي شرعت بها منذ احتلال القسم الغربي من المدينة عام 1948، وتطورت تدريجيًا حتى اقتربت المدينة من فقدان أسمائها التاريخية العربية.
ولم يستثن تهويد أسماء الشوارع المناطق الشرقية من المدينة، التي تُصنف وفق القانون الدولي بأنها مناطق محتلة، وقد تجاهل الاحتلال أيضًا أن هذه المناطق تسكنها أغلبية فلسطينية، بل وتوصف لدى بعض الإسرائيليين أنفسهم بأنها أحياءٌ عربية، وتتجاهلها مشاريع التنمية والتطوير التي تنفذها بلدية الاحتلال في المدينة.
يقول الباحث في شؤون القدس روبين أبو شمسية، إن اختيار الأسماء الجديدة العبرية لشوارع القدس جاء بناءً على رمزية دينية، أو لتخليد شخصياتٍ عسكريةٍ إسرائيلية ساهمت في احتلال فلسطين.
مثلاً، تحول اسم طريق باب الأسباط إلى شارع “موطه”، نسبة إلى اسم الشهرة لشخصٍ يدعى مردخاي غور، وهو الذي اقتحم البلدة القديمة من باب الأسباط بالدبابات، وكان أحد أعضاء الكنيست في ذلك الوقت، وضابطًا في الجيش الإسرائيلي أيضًا.
وتحول اسم طريق راس العامود إلى “معاليه هزيتيم”، وأقيمت في المنطقة بؤرة استيطانية تحمل هذه الاسم، كما تحول الشارع الممتد من باب الخليل إلى باب العامود، وهو من أهم شوارع القدس، إلى “طريق المظليين”، نسبة إلى المظليين الذين شاركوا في احتلال القدس عام 1967، واقتحموا المسجد الأقصى بعد احتلال المدينة مباشرة.
وأصبح اسم جبل الزيتون “هار همشحاة”، وهو الاسم التوراتي للجبل الذي يطل على المسجد الأقصى، ويعتبر من أعلى جبال القدس، فيما أُطلق اسم “شير همعلوت” على أحد شوارع بلدة سلوان، وهو الاسم التوراتي الذي يشير إلى الطريق إلى الهيكل المزعوم، علمًا أن سلوان تقع جنوبي الأقصى وتوصل إليه، ما يجعل التسمية ذات دلالة تهويدية واضحة تمس الأقصى أيضًا.
الجنرال في جيش الاحتلال أمير دروري، الذي تجند في لواء “غولاني”، ويعتبر مؤسس سلطة الآثار الإسرائيلية، أُطلق اسمه أيضًا على شارع باب الزاهرة شمال البلدة القديمة.
ويبين أبو شمسية أن تغيير أسماء شوارع القسم الشرقي من القدس تم في سبعينات القرن الماضي، بدءًا من الحي اليهودي ثم الأرمني، موضحًا، أن زوار القدس هم أبرز المقصودين بهذا التغيير، إذا تريد إسرائيل أن يشعروا بأن المكان إسرائيلي في الأصل، وأن الطابع الإسرائيلي هو الغالب هنا.
ورغم ذلك، إلا أن بعض شوارع القدس ومناطقها المركزية حافظت على تسميتها التاريخية، ولم يستطع الاحتلال تغيير شيء فيها، مثل شارع صلاح الدين، وعقبة درويش، وعقبة البسطامي، وطريق السلطان سليمان.
ويرى الناشط ضد الاستيطان فخري أبو دياب من سلوان، أن الفلسطيني أيضًا مقصودٌ من هذا التهويد وليس الزائر فحسب، “فالاحتلال يعتمد أسلوب المدى الطويل، ويستهدف عقلية الناس، ويريد لهم أن يعتادوا على هذه الأسماء، ولذلك فقد استخدام أسماءً تدل على الهيكل في المناطق المجاورة للأقصى والشوارع الموصلة إليه”.
في داخل البلدة القديمة وفي محيطها، رصد بشكل عشوائي من خلال الحديث مع رجال ونساءٍ من مختلف الفئات العمرية، موجهين أسئلة عن الأسماء العبرية لهذه الشوارع، فكانت الأغلبية لا تتعامل مع هذه الأسماء مطلقًا، فهم ينسبون المناطق والشوارع إلى معالم هامة وتاريخية معروفة فيها.
وبدا لافتًا أن البعض لم يعرفوا أصلاً عن أي الشوارع يتم الحديث، وحين سؤالهم عن الأسماء العبرية المستحدثة لها، كما لم يعرف أي منهم الشخصيات التي نُسبت إليها الشوارع، فهم لم يسمعوا بها من قبل.
ويبين أبو دياب أن سلطات الاحتلال تفرض هذه المسميات في الوثائق الرسمية، مثل الهويات وفواتير المياه والكهرباء، وحتى في الخرائط، والـ(GPS) أيضًا.
تجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي يمنع القوة القائمة بالاحتلال من إحداث أي تغييراتٍ في معالم المناطق التي تحتلها أو أسمائها، ما يجعل السياسة الإسرائيلية في القسم الشرقي من القدس، على الأقل، مخالفة للقانون الدولي، إلا أن خبراء يقللون من أهمية ذلك، مؤكدين أن فعل الاحتلال أصلاً يمثل الجريمة الكبرى، وأن كل ما يتبع ذلك هي أفعالٌ مؤقتةٌ تزول بزوال الاحتلال.
ريم الهندي – ألترا صوت فلسطين
رابط قصير:
https://madar.news/?p=38388