الشريط الأخباري

في هذه المكذبة .. من يكذب على من .. بقلم : حمدي فراج

مدار نيوز، نشر بـ 2024/08/26 الساعة 10:57 صباحًا

مدار نيوز \

من بين التصريحات السياسية الإسرائيلية العجيبة و الغريبة الملفتة للنظر ، أي نظر ، تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يقترب من أن يصبح الملك التاريخي الرابع لليهود بنفس مقدار اقترابه من ان يكون عار على الإنسانية اذا ما تم اعتماده مجرم حرب ابادية جماعية من قبل المحاكم الدولية ، دون ان يكون لذلك أي علاقة بالدين اليهودي او السنسكريتي أو أي دين .

صرح قبل بضعة أيام ، و بعد التقائه وزير خارجية أمريكا انطوني بلينكين ، في زيارته العاشرة الى “المنطقة” ، طبعا المنطقة لا تشمل قطاع غزة ، فهو لا يزورها ، ولا حتى مخيم لاجئين ينتظر سكانه عودتهم بعد ست و سبعين سنة من الانتظار ، انتظار الوعود الامريكية و الأوروبية و الأعرابية ، و قرارات الأمم المتحدة ، يقول لهم بعض الكلمات من على سبيل المثال : اعذرونا ، فلقد طالت غربتكم و بالتالي تأخرت عودتكم بعض الوقت .

لم يزر حتى مركز إيواء من المراكز المنتشرة لنازحين اكرهوا على النزوح للمرة العاشرة و ربما العشرين ، و تتعرض للقصف الإسرائيلي بالقنابل الامريكية ، بعد ان قيل لهم انها ذكية ، والمراكز آمنة . ما الذي صرحه نتنياهو بعد اللقاء مع بلينكن الذي طال ثلاث ساعات ، وخرج بعده مباشرة في المؤتمر الصحفي الشهير ، الذي أعلن فيه ان إسرائيل / نتنياهو وافق على تعديلات الصفقة الجديدة ، و لم يتبق الا موافقة حماس ، وأن على مصر و قطر القيام بإقناعها ، و كان يقصد إجبارها .

نسي بلينكن على ما يبدو ، و تناسى نتنياهو ، انهم قتلوا رئيس حماس إسماعيل هنية في طهران ، و حل محله السنوار – يحضر هنا تعقيب أحدهم بقوله : قتلتم من يفاوضكم و انتخبنا من يقاتلكم – . لم يشفع لبلينكن ، انه قال لنتنياهو في اول زيارة غداة الطوفان : جئتكم كيهودي ، غير قاريء لسلفه هنري كيسنجر الذي قال لجولدا مائير غداة حرب أكتوبر 1973 : جئتكم كأمريكي أولا ، و كوزير خارجية ثانيا ، و كيهودي ثالثا . فقالت له : هذا الترتيب باللغة الإنجليزية من اليسار الى اليمين ، لكنا هنا نعتمد اللغة العبرية ، من اليمين الى اليسار .

نتنياهو ، اقدم مؤخرا على معاقبة وزير الخارجية البريطاني الجديد برفض مقابلته المقررة ، بسبب موقف حكومته الجديدة عدم التدخل في قرار محكمة العدل الدولية ، لكنه قبل حوالي ثلاثين سنة ، في اول دورة رئاسية له عام 1996 ، اقدم على معاقبة وزير الخارجية البريطانية آنذاك روبن كوك ، الذي قام بزيارة تضامنية مع المعتصمين الفلسطينيين في جبل أبو غنيم – الذي اصبح مستوطنة هار حوماة – عاقبه ، بأن ألغى دعوته المسبقة على مائدة عشاء ، يومها رد الوزير البريطاني ساخرا : سأبيت الليلة من دون عشاء .

لم يفعل نتنياهو شيئا من هذا القبيل مع وزير الخارجية الأمريكي ، لم يلغ اجتماعا معه ، و لم يحرمه من العشاء في تلك الليلة ، بل حقّره تحقيرا مباشرا ، و أظهره بأنه شخص كاذب ، حين قال :”لا يوجد اتفاق حتى أقبل به ، و من يقول لكم شيئا مغايرا فهو يكذب عليكم” ، ما يذكّر بالفيلسوف الألماني المعاصر بيتر سلوتردايك صاحب مؤلف “نقد العقل الكلبي” : انك ترى كاذبين يصفون كاذبين بأنهم يكذبون .

رابط قصير:
https://madar.news/?p=321125

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه فقط.

تعليقات

آخر الأخبار