لندن مرابط خيلنا”
كتب : جبريل محمد
هذا المثل او المقطع من اهزوجة فلسطينية قديمة صارت مثلا، يستحق ان تستعاد قصته التي أثارت كل سخرية في ذاك الوقت من الارتجالية والشعبوية والغوغائية في التعامل مع الاستعمار البريطاني الذي اخذ على عاتقه مهمة تنفيذ وعد بلفور، الذي جاءت كلمة فلسطين في قمة دون رؤوس فيها نارية وكأنها معدة لقمة مركزها قضية فلسطين، فيما هي قمة روتينية لم يكلف حتى من يقودون الحركة السياسية والتحالفات المشبوهة في الوطن العربي حضورها بشكل فاعل، فما الذي دعا الى هذا الخطاب الناري في قمة باردة؟
مطالبة وزير الخارجية المالكي للعرب بدعم فلسطين في رفع قضية جنائية على بريطانيا بسبب اصدارها وعد بلفور وان بدت ضرورية ويجب ايجاد سبيل ما للتعامل معها، غير انها قيلت في غير موقعها، بمعنى ان حجر المالكي لم يكن في مطرحه، ولذلك لن يكون وزنه قنطارا، حجر المالكي الذي القاه كان يجب اولا ان يلقى في ميدان الحركة الوطنية وجماهير الشعب الفلسطيني، فالقمة التي تنعقد تحت سقف الغرب الامبريالي، وتقودها دول تابعة للغرب وفاقدة لقرارها الوطني والقومي المستقل لن تقف الى جانب فلسطين في مطلبها، بينما يمكن لحركة شعبية عربية وفلسطينية معا ان تخوض معركة لانتزاع اعتذار بريطاني عن وعد اطلقته وهي لا تملك لحركة كولونيالية عنصرية اقتلاعية لا تستحق.
واذا اريد حقا ان تكون لندن ” مربط خيلنا” فعلا لا شعارا وقولا، فعلينا ان نحرك القوى الشعبية لانتزاع اعتراف بريطانيا بجرم اقترفته وسهلت تطبيقه على ارض فلسطين، لا من خلال سياسات تشجيع الهجرة والاستيطان فقط، بل بضغط بريطانيا المنتصرة في الحرب العالمية الاولى لتضمين وعدها في صك الانتداب على فلسطين والذي اقرته عصبة الامم المتحدة في مؤتمر الصلح في باريس ووقع عليه الامير فيصل الاول ابن الشريف حسين.
هل فكرنا يوما ان صك الانتداب كان جزءا من القانون الدولي، وان القرار الدولي بتصفية الاستعمار قد الغى هذه الصكوك وملحقاتها، ام انها لا زالت تكتسب حياة ونفاذا؟
وهل فكرنا يوما ان الرباعية الدولية ليست الا حارسا للقرارات التاريخية التي تغمض شعب فلسطين حقه في أرضه؟
لم نعهد في الاونة الاخيرة من القيادة السياسية هذه النبرة العالية في الخطاب، فهل نحن مستعدون لتحمل تبعات هذه النبرة، ونحن منقسمون، ولا نعمل على تحشيد الشعب على قضية واحدة من قضايانا المتعددة؟ هل لدينا القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمباشرة هذه الخطوة؟ نعم نحن نملك القوة الاخلاقية لذلك ولكن حتى تتحول هذه القوة الاخلاقية الى ارادة سياسية علينا فعل الكثير الكثير واولها التصالح مع الشعب واعادة بناء الحركة الوطنية ومن بعدها لندع مليون زهرة تتفتح في الحقل السياسي الفلسطيني.
لتكن ” لندن مربط خيلنا” ولكن ضمن وضوح سياسي واستعداد من القيادة لتحشيد الشعب خلف هذه المهمة ومهمات شبيهة أخرى، لنفتح معركة على الوعي الشعبي في بريطانيا واوروبا، لنعمم ثقافة هولوكوست فلسطينية، ولكن ليس عبر قمة ربما تكون آخر القمم.
لم نكن ولا نتوقع من القمم العربية ما يسند الظهر الفلسطيني الذي لم ينكسر ولن ينكسر، ولكننا ايضا لم نتوقع خطابا فلسطينيا في القمة يغاير الخطاب الفلسطيني في الداخل والذي لا زال مصرا على التفاوض العبثي والتنسيق الامني وغير ذلك من سياسات هابطة احبطت شعبا بأكمله.
رابط قصير:
https://madar.news/?p=1374